"طبخة" إسرائيل لإيصال ترامب والخطة القادمة

نشرت مجلة "ذا نيويوركر" مقالا مطولا، بعنوان "نظام دونالد ترامب العالمي الجديد". والعنوان ليس دقيقا تماماً فالحديث هو عملياً عن التغلغل الإسرائيلي في فريق دونالد ترامب، وأهداف هذا التغلغل. لكن المقال يكشف معلومات مفصلة للغاية عن كيفية حدوث التحالف بين ترامب وفريق إسرائيلي يهودي، يميني، يثير مخاوف حتى جزء كبير من اليهود الأميركيين.   

اضافة اعلان

أحد الشخصيات التي يُلقي المقال ضوءاً عليها، هو رون ديرمر، سفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة الأميركية. وإذا كان السفير الأميركي لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان هو يهودي أميركي – اسرائيلي، فإنّ ديرمر أيضاً يهودي أميركي- إسرائيلي، وفريدمان لديه سكن وبيت في مستوطنة في فلسطين، أما ديرمر، فإنّه هاجر إلى فلسطين العام 1996، ليعين العام 2013، سفيراً في واشنطن. 

نتنياهو صديق مقرب لتشارلز كوشنير، والد جاريد، زوج بنت ترامب، لدرجة أنه نام في بيته قبل سنوات، وتحديدا في سرير جاريد. أما ديرمر، الذي تربى في عائلة مسيسة في ميامي، قبل هجرته لفلسطين، فيتذكر الذهاب مع نتنياهو إلى نيويورك، لزيارة دونالد ترامب، مطلع هذا القرن. وفي العام 2014 التقى ديرمر مع  ترامب في حفل خريجي جامعة، كلية وورتون لإدارة الأعمال، في جامعة بنسلفانيا، وألقى ديرمر خطاباً قال فيه إنّه اختار هذه الكلية، بعد قراءته كتاباً ألفه ترامب، هو "فن الصفقة"، ويكمل ديرمر مخاطباً ترامب "أريد أن أكون متدربا عندك"، في إشارة للبرنامج التلفزيوني الذي كان يديره ترامب (The Apprentice). 

تتكامل الشبكة بتعريف خبير الاتصالات والإدارة، غاري غينسبرغ، الذي يساهم في كتابة خطابات بنيامين نتنياهو، ديرمر على جاريد كوشنير. في الأثناء تربط ديرمر علاقة خاصة مع الخبير الاستراتيجي، مستشار الاستراتيجيات لدى ترامب، ستيف بانون، الذي يسمي ديرمر باسم wingman، وهو تعبير قد يعني الطيار الآخر المساعد في الطائرة، أو الصديق الذي تذهب معه عادة للحانات بحثا عن النساء، وذلك في إشارة لقوة علاقتهما الشخصية. 

في حفل تنصيب ترامب، خاطب أحد السفراء سفير روسيا لدى واشنطن، سيرجي كيسلياك، الذي تحدثت لاحقاً تحقيقات عن دوره في التأثير بالحملة الانتخابية الرئاسية، لصالح ترامب، "إنك أهم سفير هنا الآن"، في تلميح لعلاقاته مع الفريق الجديد، إلا أن كيسلياك، أشار إلى ديرمر، وقال "هو أهم سفير اليوم". 

في الشبكة أيضاً ملياردير، من أصل لبناني، على صلة مهمة مع ديرمر وترامب، هو توماس برّاك، الذي لعب دورا أيضاً في تجنيد التبرعات لترامب وحملته الانتخابية، وشخص آخر هو جورج بابادولوس، وهو شاب إسرائيلي، لديه شركة استشارات في لندن تنشط بمجال البترول والغاز، والذي كان لديه معلومات تضر المرشحة الديمقراطية للانتخابات الأميركية، لدى الروس، والذي كان ضمن فريق انتخابات ترامب.  

يتضمن المقال المطول معلومات مفصلة أخرى، مهمة عن كيفية دخول ملياردير كازينوهات القمار، الشهير شيلدون اديلسون، صديق نتنياهو الشخصي، لدعم ترامب مالياً، مقابل تعهد بنقل السفارة الأميركية في القدس. 

تبدو غالبية الخطط والأهداف التي يدور حولها تحالف ترامب مع هذا اللوبي الإسرائيلي- اليهودي، هي حرف الأنظار عن الموضوع الفلسطيني، والبديل المتاح هو إيران، حيث تشكل الهدف البديل الذي يمكن حرف الأنظار باتجاهه، وحيث يمكن ترويج فكرة تحالف بين دول عربية وإسرائيل ضده، وبحيث وبحسب هذه الفكرة يهتم عرب مع إسرائيل بإقناع روسيا بالابتعاد عن دعم إيران.  

لا يمكن تغطية وتحليل هذا المقال بهذه العجالة، ولكن يمكن الذهاب لتقرير آخر، نشرته "الغارديان" البريطانية، عن ستيف بانون، سالف الذكر، هذا الشهر، جاء فيه أن بانون ترك فريق ترامب رسمياً، ولكنه في مهمة خاصة، هي تقوية الأحزاب والقوى الشعبوية، في الدول الأوروبية، التي هي أيضاً قومية أقرب للإسرائيليين، ولذلك يجول العواصم الأوروبية للتأثير في سياساتها الداخلية. 

يبدو مقال ذا نيويوركر، الاستقصائي، أشبه بحبكة مؤامرة، قريبة من روح كتاب بروتوكولات حكماء صهيون، ولكن المعلومات الموجودة موثقة، وإذا أضيف لها مقال الغارديان عن بانون، يبدو أننا أمام مخطط عالمي إسرائيلي مقبل. 

ليس بالضرورة أن تنجح الخطط الإسرائيلية ولكن يجب ملاحظة ما يحدث بكثير من الانتباه والتمعن.