طلبة صعوبات التعلم.. معاناة وتحديات

منال أحمد كشت

حدثني أحد الأصدقاء عن معاناة أحد أقربائه في إحدى المدارس الخاصة في عمان، لعدم قيام المدرسة بتوفير الخدمات المساندة له والتسهيلات اللازمة على الرغم من تقديم والدته الأوراق والتشخيصات كافة التي تشرح وضعه. معاناة "يوسف" تشبه قصصا كثيرة لطلبة في مدارسنا الحكومية والخاصة عاجزين عن المطالبة بحقهم في تعليم مساوٍ لأقرانهم ممن لا يعانون من أي صعوبات في التعلم. فهل تفعل المدرسة بيوسف ما فعله إخوة يوسف وتلقيه في بئر الجهل؟اضافة اعلان
يصف مفهوم "اضطراب صعوبات التعلم" بالإطار العلمي، التحديات التي تواجه الطلبة ضمن عمليات التعلم، وغالبا ما يكون هؤلاء الطلبة أسوياء عقليا، باستثناء فئة قد تكون مصابة بإعاقة جسدية أو عقلية، لهذا يجدون صعوبة في بعض عمليات الفهم والتفكير والإدراك والانتباه والقراءة والكتابة والنطق والعمليات الحسابية، لذلك فهم يحتاجون الى معاملة خاصة؛ حيث إن أدمغتهم لا تقوم بإيصال واستقبال الإشارات كالأشخاص العاديين.
لهذا من الممكن تلخيص معاناة طلبة صعوبات التعلم ضمن النقاط الآتية:
- مظهرهم السوي الذي لا ينبئ عن وجود أي صعوبات كما هو الحال لدى المكفوفين أو الصم أو أصحاب الإعاقات العقلية، مما يجعل من الصعب على المحيطين بهم معرفة وجود أي خلل في وظائف الدماغ، وهذا ما يؤدي الى حرمانهم من الحصول على المعاملة الخاصة في التعلم.
- إنكار الأهل لوجود مشكلة عند أطفالهم من الأساس وإصرارهم على الحصول على تعليم مساوٍ لأقرانهم ورفض إدماجهم في برامج تعليمية خاصة خوفا من وصمهم بالضعف، مما يسهم في التأخر في تطوير قدراتهم العقلية ومهاراتهم.
- عدم وجود اختبارات تشخيصية مبكرة في مرحلة ما قبل المدرسة، لهذا لا يكتشف الأهل أو المعلم وجود صعوبات تعلم الا بعد حدوث الفشل، مما يعرض الطفل الى الإساءات النفسية من خلال وصمه بالكسل أو الغباء أو الفشل، مما قد يدفعه الى الانسحاب من المدرسة لاحقا.
- عملية الترفيع التلقائي للطلبة في المرحلة الأساسية، الأمر الذي يسهم بشكل كبير في وصول الطلبة الى مراحل دراسية متقدمة على الرغم من افتقارهم للمهارات الأساسية كالقراءة والكتابة والحساب.
- عدم وجود الدعم لطلبة المرحلتين المتوسطة والثانوية، واقتصار وجود غرفة المصادر على المرحلة الابتدائية فقط، مما يحرم الطالب من الخدمات المساندة التي من شأنها مساعدته في دراسته، في ظل تزايد العبء الدراسي مع التقدم في الصفوف.
- المناهج كثيفة المحتوى والطويلة التي يضطر المعلم بسببها للإسراع في إنهائها قبل نهاية العام بدون التمكن من التركيز على طلبة الصعوبات الموجودين داخل الغرفة الصفية.
لهذا لا بد من تقديم بعض التوصيات التي من شأنها تسهيل تقديم الخدمات المساندة لطلبة صعوبات التعلم؛ ومنها:
- وجود تقييم مبدئي للكشف عن وجود صعوبات في التعلم يخضع له الطلبة كافة في المدارس في كل الصفوف.
- وضع الطلبة الذين يتواجد لديهم احتمال بوجود صعوبات تعلم تحت الملاحظة من قبل معلميهم داخل الغرف الصفية قبل تحويلهم الى غرف المصادر.
- وجود معلمين مختصين بالتربية الخاصة في غرف المصادر بالمدارس لتقييم الطلبة ووضع الخطط التعليمية الفردية لكل منهم بما يتناسب مع احتياجاتهم.
- تأهيل معلمي المدارس كافة بأساسيات صعوبات التعلم وطرق اكتشافها والتعامل معها وطرق إدماج طلبة صعوبات التعلم مع أقرانهم داخل الغرف الصفية.
وهنا لا بد من الإشارة لأهمية دور المعلم في الكشف المبكر عن صعوبات التعلم لدى الطلبة وإسهامهم بفعالية في تقديم الخدمات المساندة، كما ورد في بيان "سلامنكا" الذي عقد في اسبانيا والمعتمد من قبل اليونسكو بشأن المبادئ والسياسات والممارسات الخاصة بتعليم ذوي الاحتياجات التعليمية الخاصة، مما يجعل من المعلم أحد الأقطاب الرئيسيّة في مساعدة هؤلاء الطلبة.
يواجه الطلبة المصابون باضطراب صعوبات التعلم تحديات متعددة تشمل ضعف التحصيل الأكاديمي وضعف اكتساب المهارات الحياتية وتعرضهم للمساءلة والتوبيخ في المدرسة والمنزل، مما يخلف ندوبا عميقة لديهم قد تنعكس لاحقا على سلوكياتهم وعلاقاتهم بمحيطهم ومجتمعهم، لهذا فإنه من المهم تعديل التشريعات التي من شأنها تحقيق المصلحة الفضلى لهؤلاء الطلبة.