أفكار ومواقف

ظلم في آخر المشوار!

إنها امرأة.. أجبرت على رفض قلة من العرسان، قبل أن يمر من أمامها قطار الزواج سريعا، تقف اليوم وحيدة في المحطة الأخيرة، تودع مرغمة آخر فرصة لها بلحاق حظها، بعد أن أصر إخوتها على رفض العريس للأسباب “المنطقية” السابقة نفسها.
أبوها مريض، من سيرعى البيت بعد وفاة أمها، من سيجلس مع صغارهم ويعتني بهم في ليالي سهراتهم مع زوجاتهم في الخارج. من سيعد وليمة كل جمعة في بيت العائلة؟ كلها أسباب مقنعة بالنسبة لهم، حرمتها حتى من حقها في الزواج والأمومة.. وهي ساكتة!
اليوم سمعت بالصدفة أطراف حديثهم، أثناء ذهابها وإيابها من المطبخ الى غرفة والدها المريض. سمعت كيف يحيكون مؤامرة بيع البيت والأرض والمخازن من أبيها اليهم بعقود مسجلة، وذلك حتى يضمن الذكور حقهم في الاستيلاء على كل شيء قبل وفاته.
سمعتهم وهم ينددون بسخرية وتهكم بفرضية ربما تبدو بعيدة، “ولكن كل شيء جائز في هذا الزمن الأغبر”!
كانوا يستهزئون وبصوت عال من لحظة مطالبة شقيقتهم لحقها في ميراث والدها، ممنية نفسها بهذا الحق الذي درست عنه في المدارس، وعلمتها إياه قراءاتها المستفيضة عن المرأة وحقوق المرأة وكل هذا الكلام الفارغ!!
الإخوة “الذئاب” قرروا أن يأكلوها لحما، ويرموها عظما! ربما خادمة تحت إمرة واحدة من زوجاتهم، أو حاضنة لأطفالهم الكثر، بدلا من تكاليف الحضانات الباهظة التي لا تقدم خدمات خمس نجوم مثل التي تقدمها شقيقتهم، وليس بعيدا أن يقوموا بإيوائها في إحدى دور الإيواء، كما فعلها أصدقاء مقربون اليهم من قبل!
ما يحدث معها يتكرر مع غيرها، فلا حدود للاستقواء على أنثى اختارت بمحض إرادتها أن تلوح مودعة قطار الزواج، وتخلت طواعية عن حقها في تكوين أسرة جديدة، كي ترعى أسرة عتيقة تنهار أعمدتها بوفاة الأم والأب.
أمام الطمع، وبدائية العلاقات الغرائزية، ودلال الإخوة الذكور؛ تتحول صاحبة التضحية إلى ضحية، وتضطر صاحبة اليد الأعلى المنّانة إلى أن تمد يدها طلبا للرحمة!
يحدث ذلك في بيوت كثيرة توحي أضواء نوافذها المضاءة في مساءات أواخر الفصول بالكثير من الدفء، لكنها في واقع الأمر، باردة حد تجمد الإحساس.
ويصير النموذج أكثر وجعا حين تعترف “الضحية” بأنها قدمت كل ما لديها من حب لأب وأم كانا يضيئان الدار، ولم يبقَ لديها ما تقدمه لرجل يريد أن يكمل دينه للمرة الرابعة!
حصة البنت في ميراث أهلها حق يكفله الله في التشريع السماوي الذي لا عدل فوق عدله، لكن ذكورية المجتمع الشرقي وانحيازاته المبالغة في التخلف تحرم المرأة حقها في الحياة.
من يسطو على حق البنت في أن تعيش كما تريد.. يصادر أيضا حقها في أن تموت تحت سقف دافئ!!
يحدث هذا في زمن الإصلاح وتحت سقف هتافات العدالة!!

تعليق واحد

  1. الرحمة يا رب
    مقال يستحق التوقف عنده مرات ومرات ومرات…… يا ويلنا من العادل سبحانه

  2. وراهم وراهم !
    حزين ما أفردت له مساحة هذا الصباح , لتلقي عليه الضوء , بعد أن بهت بفعل تراكم السكوت و الاستسلام للواقع غير العادل.
    نعم سيدتي , فالمرأة و بعيدا عن عناوين الميراث و العنوسة القصرية , لازالت تخاف حتى من التعرف على حقوقها الشرعية و المدنية , لأنها محكومة بالموروث الذي ساهمت فيه نساء للأسف و عززنه بشرعية الامتثال !
    أعرف أن هذا القلق لن ينتهي بين يوم و ليلة , و لكن علينا ألا نغفل عن دورنا الرئيسي في اثارة " البلبلة" المشروعة و العادلة بحياة من يمتهنون بجدارة وظيفة الظلم .شكرا فاريهان على الاضاءة .

  3. مديرية خاصة لنصرة المرأة والتعاطي بكامل مشاكلها الأجتماعية والمرضبة
    ماذا يدور خلف هذه الأسوار الشاهقة .وما يفعله الذكور خلف النوافذ المغلقة . وكم من أخت تعاني من حرمان اشقائها خلف الأبواب الموصدة في قرن الواحد والعشرين حيث تفتحت البراعم ، وتعودن على الحرية وألأستقلال ، وتثقفن ليكن شريكات في المجتمع ومقررات مصير الامة. كيف يجرؤ الأخوة بجعل شقيقاتهم خدما لزوجاتهم وأولادهم .وكيف يحرموهم ما أقره لهن الله من الأرث ، وما جاء في كتاب الله والدين الحنيف . وكيف يجرؤن لحرمانها من الزواج .لقد آن الأوان لأنشاء مديرية خاصة لحقوق المرأة ، ومثل هذه المعاملات غير الأنسانية ، حيث بأمكان هذه المديرية التدخل المباشر لنصرة الأخوات المظلومات ومعاقبة الأخوة الذي يخرجون عن القانون والتعاليم الدينية ..فاشكرك يا كاتبتنا الشابة والنشيطة بنسر صور اجتماعية انسانية في مجتمعنا الآردني

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock