‘‘عاشقات الشهادة‘‘..كتاب يبحث في التشكيلات النسوية للتنظيمات الإرهابية

جانب من حفل توقيع كتاب "الداعشيات وتطوّر الجهادية النسوية" في فندق الكراون بلازا امس -(الغد)
جانب من حفل توقيع كتاب "الداعشيات وتطوّر الجهادية النسوية" في فندق الكراون بلازا امس -(الغد)

محمد الكيالي

عمان- أطلق الباحثان في الحركات الإسلامية، الزميل الدكتور محمد أبو رمان وحسن أبو هنية، كتابهما الجديد "عاشقات الشهادة: تشكلات الجهادية النسوية من القاعدة إلى الدولة الإسلامية"، في حفل أقيم مساء أمس بفندق كراون بلازا في عمان.اضافة اعلان
وتحدث في حفل إشهار الكتاب الصادر عن مؤسسة فريدريك أيبرت الألمانية، وزير الخارجية الأسبق عبد الإله الخطيب، والمتخصص بعلم الاجتماع والنسويات الدكتورة ابتسام عطيات، فيما أدارت الندوة الباحثة المتخصصة في الحركات الإسلامية الدكتورة نيفين بندقجي.
ويتناول الكتاب؛ النسوية الجهادية وتشكلاتها وتطوراتها خلال العقود الماضية، وصولا إلى القاعدة وتنظيم "داعش" الارهابي، الذي شهد طفرة في مشاركة النساء على صعيد الكم والدور، وبرزت أسماء عديدة من الجهاديات في التنظيم، كما شهد التنظيم أكبر هجرة من النساء إلى المناطق التي كان يسيطر عليها الأعوام السابقة.
وقال الخطيب في مستهل حديثه عن الكتاب، إن الكتاب يشكل إضافة نوعية لمعرفة دوافع المنضوين تحت الأنشطة الجهادية الانتحارية، مؤكدا أن القارئ يجد فيه استعراضا للخلفيات الفكرية التي تسيطر على عناصر التنظيم الإرهابي.
ولفت الخطيب إلى أن جميع المنضوين تحت راية هذا التنظيم، يستهدفون في اعمالهم الوحشية كل من يخالفهم، مبينا أن الدليل الأخير كان قبل 3 أيام، عبر استهداف كنيستين في مصر، راح ضحيتها العشرات ممن قدموا لأداء شعائرهم الدينية.
وأشار وزير الخارجية الأسبق، إلى أن مؤلفي الكتاب وجها الموضوع الرئيس لتاريخ "ظاهرة" الانتحارية النسائية، والتي استخدمت هذه الأعمال نساء قبل ظهور "داعش".
وأضاف أن المؤلفين أبرزا في كتابهما مسألة الهوية الدينية، عبر شواهد؛ أهمها ما يتعلق بالنساء الانتحاريات، بالإضافة لاندماج الفئات المهاجرة من أوروبا في التنظيم الإرهابي.
الباحثة المتخصصة في علم الاجتماع والنسويات الدكتورة ابتسام عطيات، قالت إن الكتاب يقدم إضافات حول دراسة حالة تنظيمي "داعش" و"القاعدة" الارهابيين.
وأكدت العطيات أن أي كتاب يريد البحث في العلاقة بين الجهادية النسائية و"داعش" الارهابية، لا بد له من التغلب على تحديات عدة، منها؛ مصطلح الإرهاب الذي يستخدم عادة في مثل توصيف تنظيمي "داعش" أو "القاعدة" الارهابيين.
وأشارت إلى أن مفهوم الإرهاب غير علمي، لافتة إلى أن الباحثين رصدا استخدامات وتعريف هذا المفهوم، ووجدا أنه منذ العام 1970 كان هناك العشرات من تعريفات الإرهاب، والتي لا تتفق بمضمونها مع بعضها بعضا.
وأضافت عطيات، أن المصطلحات السياسية أو الإعلامية التي توصف بها أعمال "داعش" الارهابي، تحد من قدرة الباحثين على تناول مواضيع خاصة به، مشيرة إلى كثرة استعمالات مصطلح الراديكالية الذي يفضي للعنف والتطرف.
ولفتت إلى أن العنف الذي تميز به "داعش" الارهابي، تحول عبر هذه المصطلحات والمفاهيم إلى حالة عقلية استثنائية مضطربة، مؤكدة أنه من الضروري فهم أن ما يقوم به التنظيم الإرهابي من عنف، ليس حالة استثنائية بل وينبثق عنه تأثير نفسي.
المؤلف المشارك أبو هنية، قال إن ما دفعه وأبو رمان لتأليف الكتاب، هو أنه عند صعود تنظيم الدولة الإسلامية سنة 2014، تمكن التنظيم من استقطاب 35 ألف مقاتل من العالم، بينهم 5500 من أوروبا وحدها.
وبين أنه مع صعود "داعش"، ظهر أيضا جهاد النكاح، اذ خرجت دعاية للعلن تقول إنه إذا أردت أن تضع كلمة "داعش" فيجب ربطها بجهاد النكاح، المتعلقة بنساء يذهبن لإمتاع الجهاديين.
وأضاف أن الكتاب قدم أجوبة وأمثلة عن تساؤلات، أهمها كيف لظاهرة تتسم بالعنف والقتل أن تستقطب عددا كبيرا من الرجال والنساء؟، لافتا إلى أن نسبة النساء بين "الدواعش" الذي تتحدث عنها وسائل إعلام تصل الى 30 %، مبينا أن ظاهرة استقطاب النساء للتنظيم مهمة وتحتاج لدراسة أسباب التحاق النساء بتنظيم يشرع القتل والعنف.
ولفت ابو هنية إلى أن ما حدث، هو ربط للعنف بالدين الإسلامي من جهة، ومن جهة أخرى، تنصوير الإسلام بأنه دين يحرض على القتل والتطرف.
واستغرب من قدرة "الداعشيات" في التحريض على القتل، وبعضهن تلقين تعليما علمانيا في أوروبا، بالإضافة لقدرة "جهاديات" أخريات من مناطق عربية، يعشن في ظل بلدان وأنظمة  رجعية، مؤكدا أن ما جرى يظهر أنه فعل "استعادة للهوية"، اذ أن هناك تناقضا بين الهويات اليسارية العلمانية الليبرالية في الغرب.
وشدد أبو هنية على أنه من هذا المنطلق، فإن أكثر "الداعشيات" المتشددات هن أوروبيات، ضاربا مثلا حول "الداعشية" أم سمية المهاجرة الأوروبية، التي كانت أحكامها متشددة، فيما وجد أخرى تدعى إيمان البغا، وهي أساسا مدرسة في جامعة سعودية، وكانت أقل من زميلتها تشددا.
فيما المؤلف المشارك أبو رمان، أن مؤلفي الكتاب، واجها مصاعب وأزمات حقيقية عند تأليفه، تمثلت في كيفية الوصول إلى حقيقة 47 "داعشية" هن محور الكتاب، وكيفية استقاء معلومات موثقة.
ولفت إلى ان الكتاب، أقرب إلى تحقيق استقصائي ضخم، منه إلى مرجع أو مبحث عادي، مبينا أن الباحثين واجها مشكلة العثور على أسماء حقيقية لـ"الداعشيات"، متسلسلا في عرض خطوات عملهما، للوصول إلى قصة كل واحدة منهن.
وبين أنه تم التواصل مع أفراد الدائرة الموسعة لكل "داعشية"، لمعرفة أسباب انضمامها للتنظيم الإرهابي، وهو ما اعتبره تحقيقا استقصائيا عربيا إعلاميا حقيقيا أكثر منه بحثيا، معتبرا أن التحقيقات التي يحتويها الكتاب، بعيدة عن الروايات الأمنية التي اعتبرها عبارة عن "بروباغاندا" أقرب للروايات المنبثقة عن الحكومات والسياسيين.
ويقسم الكتاب وفقا لأبو رمان، إلى قسمين رئيسين؛ الأول نظري يتناول تطور النسائية الجهادية ودور المرأة في الحركات الجهادية، والتحول في أدوارها، مع تحليل للخطاب الديني المؤسس لهذه المشاركة، ثم تفسير لعوامل وشروط هذه التحولات، ويخصص فصلا كاملا للانتحاريات الجهاديات، وهي الظاهرة التي برزت الأعوام الماضية.
أما القسم الثاني؛ ويقع في 512 صفحة، فيتناول دراسة حالات دول عربية وغربية عبر نماذج حول المرأة "الداعشية"، ويبحث في الجوانب السيكولوجية والرحلة التي انتقلت عبرها أولئك النساء نحو التطرف والتشدد، والهجرة لأراضي التنظيم أو القيام بعمليات انتحارية.
وأشار أبو رمان إلى أن الكتاب "يمثل باكورة حقيقية في الإنتاج المعرفي العربي في هذا الموضوع؛ النسوية الجهادية، ويختبر الفرضيات التي راجت عن دور المرأة في داعش، ويشتبك مع الصورة النمطية التي تتحدث عن جهاد النكاح وعن عرائس الجهاد، وعن عوامل الجهل والفقر والبطالة، بوصفها عاملاً أساسياً في جاذبية التنظيم".
وأكد أن الكتاب يختبر هذه الفرضيات ويحاول الاجابة على أسئلة رئيسة؛ وهي: كيف يمكن أن نفسر أن تنظيما دمويا وذكوريا معاديا لحقوق المرأة في منظومة الحقوق الدولية المتوافق عليها، ويكون قادرا على اجتذاب مئات النساء من أوروبا وحدها، بالإضافة لمثيلاتهن من الدول العربية؟ وكيف نفسر التحول الذي حدث في فتاوى التنظيم من اقتصاد على دور المرأة بوصفها زوجة مجاهد إلى امرأة جهادية"؟.