عام على جائحة كورونا: ما الذي حدث؟

وجَّهت جائحة كورونا ضربة موجعة إلى الاقتصاد العالمي بشكل عام، فقد أدى هذا الفيروس إلى تراجع مستويات الانتاج وزيادة المتعطلين عن العمل، حيث تم إلغاء 225 مليون وظيفة دائمة، وفقا للتقرير الصادر عن منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة. كما تسببت أزمة فيروس كورونا في تقليص عدد ساعات العمل عالميا بواقع 8.8 في المائة، وهي النسبة التي فاقت التراجع في عدد ساعات العمل إبان أزمة الاقتصاد العالمي في أواخر 2008. حسب منظمة العمل الدولية من المتوقع أن تستمر ساعات العمل عالميا في الهبوط بواقع 3 % مقارنة بالمستويات التي حققتها في 2019، وهو ما يساوي حوالي 90 مليونا من وظائف الدوام الكامل. كما قدرت المنظمة الخسائر في الدخل على مستوى العالم بحوالي 3.7 ترليون دولار، وهو ما يمثل حوالي 4.4 في المائة من إجمالي الناتج العالمي! في الأمد القصير، فإن اقتصادات الأسواق الصاعدة والبلدان النامية، يرجح أن تكون الأشد تضررا اقتصاديا، وهي التي تعاني من ضعف أنظمتها الصحية والمالية، أو تعتمد اعتمادا كبيرا على التجارة أو السياحة أو تحويلات المغتربين من الخارج، أو تعتمد على صادرات السلع الأولية! تلك الاقتصاديات الصاعدة والنامية التي ستشهد حتماً ارتفاع مستويات ديونها في الامد المتوسط عما كانت عليه قبل الأزمة المالية العالمية، وهو ما يجعلها أكثر عرضة للضغوط المالي! بالنسبة للأردن، شكلت جائحة كورنا معضلة كبيرة بين تحقيق التوازن لمتطلبات الصحة العامة والحد من انتشار الفيروس وتوفير الرعاية للمصابين من جانب، وبين ضرورات استمرار عجلة الاقتصاد من جانب آخر! فالارقام الرسمية تشير إلى تراجع كبير بالمؤشرات الاقتصادية خلال العام الماضي، فقد تراجع النمو الاقتصادي بمقدار (3.5 %)، وتزايدت نسب البطالة لتصل ما يقارب (24.7 %)، كما أدى إغلاق الحدود في بداية الجائحة لتراجع في الصادرات الوطنية بمقدار (7.3 %)، وقد سجل مؤشر الدخل السياحي تراجعا كبيرا بنسبة 76 % خلال 2020 العام مقارنة مع 2019! كل ذلك انعكس على نسب الدين العام بالزيادة لتصل ما يقارب نسبة (107 %) من الناتج المحلي الإجمالي. إن عدم تحسن الحالة الوبائية حتى منتصف هذا العام في الأردن، سيؤدي لمزيد من التقييد والتضييق على القطاعات الاقتصادية، وبالتالي سيكون الأثر سلبيا على مستويات الانتاج التي سيكون من الصعب أن تقترب من التوقعات الرسمية التي قامت عليها فرضيات الموازنة (2.5 % نمو اقتصادي)، ذلك يعني تراجعا بنسب الإيرادات وعجزا أكبرا ودينا متزايدا! أولويات السياسة المالية اليوم التعامل بواقعية مع أزمة كورونا، فالجائحة تتعدى أن تكون مشكلة صحية فقط، وانما تشمل أبعادها الاقتصاد والتعليم وغيرها من القطاعات الأساسية للدولة! وعليه يجب العمل على تحفيز القطاعات الإنتاجية والصادرات والتشغيل، كمنح حوافز مباشرة لمستثمر القطاع الصناعي والتجاري، إضافة إلى تخفيف كلف الإنتاج على كل القطاعات الاقتصادية كتخفيض التعرفة الكهربائية على القطاع الصناعي المتوسط والصغير. ومنح أسعار تفضيلية لجميع القطاعات الإنتاجية على الاستهلاك الإضافي للكهرباء مقارنة بالسنوات السابقة! كل ذلك بالتوازي مع تطبيق بروتوكول صحي صارم في الأماكن العامة والقطاعات الإنتاجية!اضافة اعلان