عبوة مع فتيل قصير

Untitled-1
Untitled-1
معاريف يوسي ملمان 3/6/2019 الحرم هو عبوة ناسفة شديدة الانفجار مع فتيل قصير. عندما يرتبط ذلك بتوقيت إشكالي غير مرتقب بفعل الروزنامة، في الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان، يوم القدس الذي تحتفل فيه ايران ويوم القدس لإسرائيل، فإن الفتيل يقصر فقط. هذا بالضبط ما حصل أمس. فقد قررت شرطة إسرائيل، بعد تقويم للوضع شارك فيه ممثلو المخابرات، السماح لليهود بالحجيج الى الحرم. في الماضي منع حجيج اليهود في فترة رمضان، وبخاصة في الأيام العشرة الأخيرة، أما هذه المرة، وبينما تداخلت الأحداث بقرب زمني، فقد أقر. كانت المعضلة غير بسيطة: اذا لم يسمح بالحجيج فإن الصورة الذاتية لاسرائيل كصاحبة السيادة في "القدس الموحدة" والتي هي منقسمة عمليا أكثر من أي وقت مضى، ستتضرر، وأحزاب اليمين والمنظمات المختلفة المتطرفة التي تسعى الى إقامة الهيكل كانت ستثور. فما بالك حين تكون حملة الانتخابات تشل في الغالب تفكر الوزراء. وما إن أتاحوا الحجيج حتى زادوا فرصة الاشتعال، الذي نشب بالفعل. في الغالب، فإن فوارق المواقف بين المخابرات وشرطة إسرائيل واضحة. فالمخابرات تفضل عدم المخاطرة الزائدة، وذلك أيضا لأن مسؤوليتها هي عن كل الضفة الغربية ونظرتها أوسع، مع نظرة الى حماس في غزة والى العلاقات مع الأردن. أما شرطة إسرائيل فهي المسؤولة عن النظام (وخرقه) في القدس، وهي تميل أكثر الى السير على حافة المخاطرة. لقد حصل هذا بالشكل الأوضح عندما قررت الشرطة، رغم معارضة المخابرات، بتوصية لواء القدس (بعد قتل الشرطيين على أيدي ثلاثة من عرب إسرائيل)، نصب بوابات الكترونية في مداخل الحرم وكاميرات حراسة. وكانت النتيجة قاسية: نشبت اضطرابات وبدأ احتجاج عنيد من الأردن، مما أجبر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على التراجع عن قراره. تنبع الفوارق بين الجهازين أيضا من قربهما أو بعدهما عن السياسة الداخلية في اسرائيل. فشرطة اسرائيل وقادتها الكبار يرتبطون بحبلهم السري من وزير الأمن الداخلي جلعاد اردان الذي يملي عليهم غير مرة القرارات لاعتبارات سياسية. أما المخابرات فأكثر مناعة من تدخل نتنياهو واعتباراتها مهنية صرفة. في خلفية الأمور كانت أيضا أحداث القدس الايرانية، الذين بإلهامهم أغلب الظن أطلقت منظمة مؤيدة لهم في سورية صاروخين أول من أمس من منطقة دمشق نحو جبل الشيخ. ويترافق كل هذا والتهديدات بإطلاق الصواريخ وكذا بجهود حماس في غزة وقياداتها في تركيا وفي لبنان لتهييج الضفة الغربية. وكل سبب، وبالتأكيد الحرم، هو ذريعة جيدة لذلك. ما إن نشبت الاضطرابات في الحرم حتى سارعت حماس والجهاد الإسلامي الى التهديد بالرد. حاليا، في أثناء كتابة هذه الكلمات، لم يأتِ الرد، ولكن لا ينبغي الاستنتاج من ذلك بأنه لن يأتي. وفي كل الأحوال، تلقينا مرة أخرى تذكيرا كم هي مسألة الحرم حساسة وقابلة للانفجار، وذلك في الوقت الذي لا تؤدي فيه اسرائيل مهامها حقا. فالكابينت الذي سينعقد أخيرا غدا، انعقد في الأشهر الثلاثة الأخيرة مرتين فقط، ومن يقرر هو في واقع الأمر شخص واحد -نتنياهو، الذي ينصب اهتمامه في معظمه إن لم يكن كله على موضوع واحد- حملة الانتخابات التي بدأت قبل نحو خمسة أشهر وستنتهي بعد ثلاثة أشهر.اضافة اعلان