عجز منظومة الحماية للعمال

عجبًا، أمر هذه الحكومة، بكل أجهزتها المختلفة، تدعي أنها تريد كسب ثقة المواطن، ولا تترك مناسبة أو حدثا إلا وتؤكد بأن همها الأول والأخير هو المواطن.. وهي غير قادرة أو لا تريد اتخاذ إجراءات وقرارات، تعمل أقلها على "حماية" العمال.اضافة اعلان
حكومة بما تمتلك من أذرع متنوعة، لا تستطيع تأمين حماية لمواطن، يعمل في منشأة يتقاضى منها راتبًا شهريًا لا يتجاوز الـ280 دينارًا، يخشى بأن يتقدم بشكوى حول عدم شموله بمظلة الضمان الاجتماعي، خوفًا على انقطاع مصدر رزقه.. إنما يدل ذلك على عدم جدية الحكومة بالعمل على نيل ثقة المواطنين، وقبل ذلك الاهتمام بهم وتأمين حقوقهم من صحة وتعليم وملبس ومسكن.
يستطيع المتابع أن يتقين إلى أي درجة وصلت الأوضاع الاقتصادية والمعيشية من الصعوبة، عندما يتسرب الرعب إلى داخل مواطن ويتخوف من فقدان وظيفة مردودها المالي، لا يكفي لأسرة أفرادها ثلاثة، من أن تعيش عيشة أقل من متوسطة.
يوجد أكثر من 220 ألف عامل، ممن ينطبق عليهم قانون الضمان الاجتماعي، غير مشمولين بالضمان.. وأسباب ذلك "واهية" ومعروفة، تتمحور حول "التهرب التأميني" بكل أشكاله من قبل أصحاب العمل، وادعائهم بأنهم لا يستطيعون تحمل كلفة إشراك موظفيهم بالضمان.
المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، التي تتحصل على اقتطاعات مرتفعة جدًا، تبلغ 21.5 بالمائة من مجمل الدخل الشهري للعامل، وبالأخص عند مقارنتها بما تقدمه من خدمات حماية اجتماعية، يبدو أنها غير معنية بحماية العمال، لا بل وتقف "مشلولة" أمام تفعيل القوانين المعنية بذلك أو حتى تشديد الرقابة على المنشآت التي "تتهرب"،.. مع العلم بأن شمول العاملين في مظلة الضمان إلزاميًا للمنشآت، بغض النظر عن عدد المشتغلين فيها، منذ العام 2008، ويُعتبر عدم شمول العامل بالضمان انتهاك حق أساسي من حقوقه العمالية.
إن اقتطاعات الضمان المرتفعة قد تسهم بإحجام منشآت خاصة عن تشغيل المزيد من العاملين.. وتقر مؤسسة الضمان بأن 51.5 % فقط من قوة العمل في الأردن مشمولة بمظلة الضمان.
عندما يصبح المواطن في هذه الأيام يفكر ألف مرة للاستفادة من 20 أو 30 دينارًا، تقتطع منه شهريا للاشتراك بالضمان، وعندما تشترط فتاة لقبول عريسها أن يكون مشتركًا بالضمان، فتلك نُذر تؤكد أننا أمام مشكلة "عويصة"، يصعب حلها أو قد تكون مؤسسة الضمان أو الحكومة، غير معنية بحلها أو التقليل السلبي من نتائجها.
يبقى المواطن (العامل)، في النهاية هو الضحية، فهو واقع بين عدة نيران، نار عدم مقدرته على الاشتراك اختياريًا بالضمان، لضيق اليد، ونار الخوف من التقدم بشكوى يخسر على إثرها وظيفته أو مصدر رزقه الوحيد، ونار "قلة" ما يتقاضاه من أجرة شهرية بالكاد تسد رمقه وأسرته، ونار الخوف من المستقبل، أي عند الوصول إلى سن الشيخوخة، حيث وقتها سيكون عرضة لكل شيء سلبي من صحة ومأكل ومسكن وملبس وما إلى ذلك.
حتى أن الاشتراك الاختياري، غير مجد وبلا فائدة للكثير وخصوصًا أولئك الذين تقل أو تساوي رواتبهم الحد الأدنى للأجور، فضلًا عن أن أغلبية المواطنين غير قادرين عليه، إذ يتوجب على المشترك دفع 17 بالمائة من القيمة التي ينوي الاشتراك فيها، وفق شروط وقوانين مؤسسة الضمان.
فالكثير من المشتركين بشكل "اختياري" يقدمون، عند مرورهم بضائقة مالية أو إصابتهم في حالة مرضية، على سحب "ضمانهم"، وأكبر دليل على ذلك أن 14 ألف أردني، من أصل 17 ألفا، حصلوا على "ضمانهم" دفعة واحدة، خلال العام الماضي فقط.