عدائية الطفل بعد الانفصال.. هل هو تعبير عن حاجته للأمان والاستقرار؟

الطفل عنند انفضال والديه يختبر مرحلة جديدة تنعكس على تصرفاته- (ارشيفية)
الطفل عنند انفضال والديه يختبر مرحلة جديدة تنعكس على تصرفاته- (ارشيفية)

مجد جابر

عمان- بعد أن كان الهدوء والانسجام والسعادة مشاعر تسيطر على الطفل فراس بمعظم أوقاته، تغير كل ذلك بليلة وضحاها وتحولت شخصيته الهادئة لأخرى عدائية، كان ذلك واضحا بتصرفاته وسلوكياته.اضافة اعلان
والدة فراس تقول إن انفصالها عن والده كان نقطة التحول في شخصية فراس ذي الستة أعوام؛ إذ تبدل حاله تماماً، وانقلبت حياته رأساً على عقب، مبينةً أن طفلها وبعد حادثة الانفصال بأيام تغير، وأصبح حاد الطباع، وعلاقته مع أصدقائه وسلوكه في المدرسة تغيرت للأسوأ.
وتضيف، أنه كل ساعة بحالة مزاجية مختلفة، يرفض الأشياء حتى التي يحبها، ويشعرها بأحاسيسه السلبية تجاهها وتجاه والده وأقربائه، وبأنه يكره المدرسة ومستاء من كل شيء في حياته، الى جانب طريقته في التعبير يسيطر عليها الغضب والعصبية والعنف.
وتبين أنه ورغم محاولاتها الدائمة تعويضه عن كل شيء، وتوفير كل حاجياته، تحديدا التي يحبها، تماما كما يفعل والده حينما يقضي عنده أياما عدة من الأسبوع؛ إلا أن ذلك لم يغير من طباعه، وحالته النفسية التي يمر بها.
متسائلة: لماذا أثر عليه هذا الأمر لهذه الدرجة رغم محاولاتها الدائمة لدعمه نفسيا؟! وتضيف أن بقاء الوضع كما هو عليه بدون تغيير سيضطرها لاصطحابه لأخصائية نفسية حتى لا تتدهور الحالة أكثر.
في حين أن علي إبراهيم الذي انفصل عن زوجته منذ شهور عدة يختبر تغير طفله ذي الأربعة أعوام، فبعد أن كانت علاقتهما منسجمة جداً، اختلف الأمر تماماً بعد حادثة الطلاق، فأصبح يرفض رؤيته، وفي كل مرة يأتي عنده ينهال عليه الطفل بالضرب والشتائم، ويبدأ بالصراخ وإخباره أنه لا يحبه ولا يريد رؤيته، مبيناً أنه في البداية كان يعتقد أن والدته هي السبب في ذلك، الا أنه اكتشف أن طفله يتعامل معها بالطريقة ذاتها.
ويقول علي "أشعر بالحزن الشديد لأنني أدرك كم يحبني طفلي ومدى تعلقه الشديد منذ ولادته"، مبينا أن يتفهم حالة من التخبط وعدم الاستقرار وانعدام بالأمان الذي يشعر به، الا أنه لا يملك حلا ثانيا ولا يعرف ما الطريقة المثلى للتعامل معه بدون أن يخسره.
ولعل هناك الكثير من الأطفال الذين تنتكس أحوالهم بعد الطلاق، ويتحولون لشخصيات عدائية غير مسيطر عليها، إلا أن اختصاصيين اعتبروا أن ذلك سببه انهيار العلاقة بين الأبوين اللذين يعتبرهما الطفل بمثابة القدوة في حياته، خصوصاً في المراحل العمرية الحرجة.
وفي ذلك، تذهب الاختصاصية التربوية الدكتورة رولا أبو بكر، الى أن الطفل بعد مرحلة الانفصال يحتاج الى الشعور بالأمان والحب والاستقرار، وأحياناً كثيرة يظن الأهل أن الأطفال صغار على استيعاب ما يحصل، إلا أن هذا خطأ كبير، لأنهم يشعرون بكل شيء ويؤثر عليهم نفسياً.
وتشير الى أن الطفل عندما يفقد الأب أو الأم فهذا يعني أنه يختبر مرحلة وأزمة جديدة تنعكس على تصرفاته مثل العدائية والتبول اللاإرادي وقضم الأضافر.
وتضيف أن الآباء بهذه الفترة بحاجة لتعويض الطفل بالعطف والحنان أكثر من قبل، حتى يعتاد على هذا الوضع مع مرور الوقت، خصوصا أن الأب والأم هما قدوته وعندما يفقد أحدهما تبدأ الآثار السلبيبة بالظهور عليه.
وتعتبر أبو بكر أن هذه المرحلة تمر بالرغم من أن الطفل لا ينسى، ومع الأيام يبدأ بتقبل الأمر والتأقلم عليه، خصوصاً إذا وجد من يعوض له هذا الحنان، مبينةً أن البداية تكون صدمة نفسية كبيرة تستمر مدة 6 شهور لسنة تقريباً.
في حين يرى الاختصاصي النفسي، الدكتور موسى مطارنة، أن الطفل الذي ما يزال في مرحلة بناء الشخصية، تؤثر عليه كثيرا النزاعات الأسرية، وتترك عنده ضجيجا وعدوانا داخليا، ويفقد الضوابط وتسيطر عليه العدائية.
كما أن التراكمات اللاشعورية كلها تخرج مرة واحدة، لذلك يستصعب الأهالي الحالة نفسية غير المستقرة للطفل، لأنهم لم يعتادوا عليها.
وإن زادت حالة الطفل سوءا، فينبغي أن يتم عرضه على اختصاصي يقوم بتقييم حالته، وفق مطارنة، الذي يبين أن الانعكاسات النفسية قد تكون كبيرة جداً اذا لم تعالج وتؤخذ بعين الاعتبار مبكرا.
لذلك عندما يتم أخذ قرار الطلاق لا بد من معرفة كيفية التعامل مع الأطفال، خصوصاً أن علاجهم يكون سلوكيا، فهم لا يتأثرون بالكلام إنما بالسلوك.
ويشير مطارنة الى أن الطفل بهذه المرحلة يظهر للآخرين أن لديه حالة من التوازن، إلا أنه يشعر حقيقة بحالة من الإنكار والعدوانية، لذلك ينبغي أن يكون هنالك حالة من الوعي الأسري الكافي تجاهه وفي طريقة التعامل معه.