آخر الأخبار حياتنا

عرض أزياء في بغداد يدغدغ ذكريات الزمن الجميل

بغداد- يجلس أبو مصطفى وزوجته بكامل أناقتهما على كرسيين متلاصقين في قاعة أحد فنادق بغداد ويتابعان على وقع الموسيقى الشرقية عرض أزياء عراقيا مستوحى من العروض الغربية، هو الأول لهما منذ نحو ثلاثة عقود.
ويدغدغ العرض النادر الذي أقيم أول من أمس ذكريات الزمن الجميل الذي طبع بغداد الماضي ويتيح لجيل من الشبان والشابات الذين حضروا بكامل أناقتهم وتسريحاتهم العصرية، اكتشاف جماليات تكتنزها بلادهم التي تشهد منذ أعوام طويلة تزايد التشدد الاجتماعي وعنفا يحصد المئات شهريا.
أقيم العرض في قاعة فارهة ذات سقف مرتفع في فندق الرشيد؛ أفخم فنادق العاصمة، وسعى المصمم العراقي سنان كامل من خلال العرض لنقل تجربة العروض العالمية، واختار له اسما غربيا هو “بغداد فاشن شو 2015”.
وقال كامل (35 عاما) خلال الافتتاح “قبل ثلاثة أشهر، كان هذا حلما واليوم صار واقعا. اليوم ستكون انطلاقتنا”، في إشارة الى عزمه جعل هذا العرض محطة سنوية. وأضاف أن العرض “محاولة لأن نصل الى العالمية”.
وامتلأت القاعة بنحو 500 شخص بينهم أزواج وشبان وشابات، القاسم المشترك بينهم هو الأناقة في اختيار الملابس والزينة وتسريحات الشعر العصرية. ولم تتخل غالبية الحاضرين عن هواتفهم الذكية لالتقاط الصور أكانت شخصية (سيلفي) أو للعارضات، منذ دخولهم الفندق حتى انتهاء العرض.
واختالت العارضات وعددهن 16 على منصة على شكل حذوة حصان بزوايا حادة، أحيطت بستة صفوف من الكراسي الحمراء المخملية.
وقدم المصممون وهم شاب وخمس شابات، فساتين متعددة الألوان من الأحمر اللامع الى البنفسجي مرورا بالأسود المخملي والأبيض. وقد زين بعضها بعقود من اللؤلؤ أو ربطات على مستوى الصدر والكتفين.
كما تضمن العرض فساتين سهرة مرصعة وملابس جاهزة مستوحاة من الكوفية الفلسطينية والشماغ العربي الأحمر والأبيض.
خلف الكواليس، امتزج التوتر الناتج عن كون العرض هو التجربة الأولى للعديد من المشاركين، بمشاعر الفخر والفرح. واختلط قيام العارضات بوضع الماكياج والتعديلات الأخيرة على الملابس، مع التقاطهن الصور والبحث عن حلى ضائعة.
عند المدخل، تنفس أيمن سلطان حاجم الصعداء بعدما قدم مجموعته. وقال هذا المصمم الهاوي البالغ من العمر 30 عاما “حققت حلما”، مضيفا بفخر وابتسامة “أشعر أنني منتصر، على نفسي وعلى المجتمع”.
وكان حاجم وهو من مدينة البصرة (جنوب)، قال خلال تدريب على العرض الأسبوع الماضي، إنه يواجه “نظرة الناس لهذا الاختصاص، إنه اختصاص نسائي” وإنه يتحدى “مجتمعا كاملا”.
وخلال العقود الماضية، كان معتادا في بغداد رؤية نساء يرتدين تنانير قصيرة وملابس أقرب الى الأسلوب الأوروبي المتحرر. إلا أن هذه العادات تبدلت مع تزايد التشدد الديني ودخول البلاد في حروب ودوامات عنف، ومعاناتها من حصار اقتصادي خانق دام نحو 13 عاما.
وتواجه العارضات نظرة مريبة من المجتمع. وكانت بعض المشاركات قلن الأسبوع الماضي، إن غالبية أقاربهن، لا سيما الآباء، لا يعرفون بأنهن سيشاركن في العرض. كما تخفي بعض عارضات الأزياء (من غير الهاويات) طبيعة عملهن عن عائلاتهن.
وواجه العرض انتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي، لتنظيمه في وقت يواجه العراق أعمال عنف يومية، زادت حدتها منذ حزيران (يونيو) بعد سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على مناطق واسعة من البلاد.
وانتقد البعض إقامة العرض في وقت تخوض القوات العراقية معارك ضارية لاستعادة بعض المناطق، أحدثها معارك مدينة تكريت التي لا تبعد عن بغداد سوى نحو 100 كلم، والتي انطلقت في الثاني من آذار (مارس) الحالي.
إلا أن مشاركين في العرض رأوا فيه فرصة للتغلب على الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد، وإظهارا لجمال بغداد الذي يخفيه دمار الحروب.
وتقول زهراء العارضة ذات العينين الخضراوين “صحيح أننا نعيش ظروف حرب، لكن تجربة كهذه تخرجنا من جو الحروب والدمار”.
وكان كامل أكد خلال الافتتاح، أن العرض “هو أهم رسالة نوجهها للعالم بأن العراق ما يزال على قيد الحياة”.
يتشارك هذا الرأي عبد القادر غسان (22 عاما)، وهو مدير مبيعات في شركة سياحية.
ويقول الشاب ذو التسريحة العصرية “هذا أكبر تحد لهذا الوضع”، قبل أن يشير بيده الى العارضات، قائلا “هذه هي الحياة، هذه هي بغداد”.-(أ ف ب)

[jetpack-related-posts][/jetpack-related-posts]
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock