عشاق الفن يتدفقون على معرض "للسوداوية" في برلين

برلين - ما من بلد مثل ألمانيا ارتبط اسمه "بالسوداوية" من خلال أدبه وفنه وفلسفته على مدى الاربعمائة عام الماضية. ويتحمل البريشت دورير المسؤولية عن ذلك.

اضافة اعلان

فالاعمال الفنية القوية التي أبدعها هذا الفنان القادم من نورمبرج من صور ونقش على المعادن والخشب كان لها تأثير قوي في الفن في القرن الـ 16 ولا سيما في المرحلة الرومانسية التي تلت عصر التنوير.

فإن ابداعاته الاصلية تشكل أولا وقبل كل شيء لب "السوداوية والعبقرية واللامعقول في الفن" التي شملتها الاعمال المعروضة حاليا بصالة نيوناشيونال جاليري في برلين.

ومنذ افتتاح هذا المعرض في 7 شباط(فبراير) اصطف نحو 200ألف زائر في صفوف طويلة من دون كلل وعلى مدى ساعات طوال وهم يتوقون لالقاء نظرة على أعمال رموز الفن من قبيل بيتر بروجل وادوارد هوبر وكاسبر ديفيد فريدريك وبالطبع دورير تلك التي تتصارع فيها عناصر السوداوية والفكر العميق واليأس المبدع.

وصرح مسؤول بصالة العرض الثلاثاء الماضي بأن "المعرض أثار اهتماما هائلا ليس فقط من جانب عشاق الفن في العاصمة بل أيضا من أناس من مناطق أخرى بالبلاد وبالخارج". ومدد منظمو المعرض الان من ساعات افتتاح المعرض اليومية.

كتب الفيلسوف الالماني ايمانويل كونت في كتابه "ملاحظات عن مشاعر الجمال والمهابة" العام 1764 يقول "إن السوداوية تميزطابع أولئك الذين يتمتعون بإحساس مهيب بالسمو".

وبحسب هذا التعريف فإن مشاعر السمو تنشأ عن "مزيج من المتعة والخوف". ثمة كاتب ألماني آخر شهير هو هنريك هين تناول نفس الموضوع بعد ذلك في قصيدته الشهيرة "واي لوريلي".

كتب يقول "لا أعرف ماذا ينتابني وما يحزن فكري طول الوقت".

وأكدت أعمال الرسام الاميركي الشهير إدوارد هوبر أن السوداوية ومشاعر الوحدة لم تقتصر على أوروبا وحدها أبدا.

أما بالنسبة لدورير فإن ما من أحد سواه استطاع الامساك بالعوالم اللانهائية للسوداوية بمثل ما فعل هو بمثل هذا القدر العظيم من الدقة والعمق.

ففي واحدة من أعظم أعماله يجلس رجل وقد أحاطت به أجهزة قياس وأدوات متنوعة وقد وضع يده على خده وهو ينظر في حيرة لكل هذا.

وفي "ميلنوكوليا" وهي واحدة من أعماله العبقرية التي يغلفها الغموض تلمس الانسان للمعرفة ثم اغترابه عن جنس البشر بسبب هذه المعرفة.

يزعم المؤرخون أنه في العصور الوسطى أنشأت المعاهد العلمية والفنون "نواد سوداوية". ولكن الامر المؤكد أن البريطاني روبرت بورتون كتب العام 1621 عن "تشريح السوداوية" وفي أول بحث منهجي لهذه الظاهرة.

في برلين ذكرت انجيلكا روكر الباحثة الطبية والتي شاهدت المعرض مؤخرا "إن السوداوية شقيقة الحزن. الجمهور مفتون بالمعرض لانه قادر على التوحد مع لوحات الفنانين التي عالجت الظاهرة على مدى قرون من الزمان".