عشوائية اجتماعية تنتقص من المواطنة

تتحول المدن، رغم كل ما يبذل في تنظيمها عمرانيا وسياسيا، إلى عشوائيات عندما لا تتشكل تنظيمات اجتماعية واقتصادية حول المكان تمنح معنى ومحتوى للانتخابات العامة والمؤسسات التي تدير وتنظم الحياة الاجتماعية والاقتصادية في المدن والبلدات، وتقدم قيادات اجتماعية تعبر عن تطلعات الناس، وفي ذلك فإن السؤال الحاكم للانتخابات العامة التي تجري في المدن والمحافظات، كما النقابات والجمعيات، كيف تتشكل المجتمعات في أطر اقتصادية واجتماعية تجعل المواطنين قادرين على تحسين حياتهم وأن يمتلكوا الخيارات والاتجاهات المؤثرة في تحقيق ما يتطلعون إليه من الحريات والعدالة والكرامة ورفع مستوى المعيشة؟اضافة اعلان
لا تكفي انتخابات ديمقراطية نيابية ومحافظاتية وبلدياتية ونقابية، ولا تكفي فرص تشكيل الأحزاب والجمعيات والصحف لبناء الديمقراطية والحريات والحياة الأفضل إذا لم يكن المواطنون يملكون القدرة على توظيف هذه الفرص. يشبه ذلك العروض الوافرة التي تقدم للمواطنين للحصول على فلل وقصور وكافيار. لكن الأردنيين اليوم تحولوا، إلا قليلا منهم، إلى مجاميع تأوي إلى عشوائيات في عمان أو جماعات مرتحلة تهاجر فجرا إلى عمان وتعود في الليل إلى قراها وبلداتها الخاوية المهجورة.
لكن المواطنة التي تميز المواطن عن اللجوء والاغتراب هي المشاركة والانتماء والمفضية إلى أثر واضح ملموس في الاتجاهات السياسية والاجتماعية المنظمة للحياة العامة وتعود على معيشته بنتائج واضحة ومحددة يستطيع أن يلاحظها في إدارة وتوزيع الضرائب وفي التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية والمواصلات. وفي ذلك فإننا نستدل على العشوائية الاجتماعية المحبطة لكل انتخابات تجري بمؤشرات واضحة وقابلة للقياس والتقييم، مثل:
-  عضوية المواطنين في لجان وجمعيات تدير وتنظم المدن، التخطيط الحضري، المكتبات، الحدائق، التعليم، المدارس، الرعاية الصحية، كفالات الفقراء والمحتاجين، رعاية المرضى والمعوقين وكبار السن، وحماية البيئة، وحقوق الإنسان، والحريات، والثقافة والفنون.
-  وجود مدرسة أساسية في كل حي أو مكان إقامة تستوعب جميع الأطفال ويستطيعون الذهاب إليها والعودة إلى بيوتهم مشيا على الأقدام، وتملك مستوى يرضى عنه المواطنون من المساحات والتصميم والملاعب والتغذية والمختبرات والمكتبات والأنشطة الرياضية والثقافية والفنية كما المعارف والمهارات العلمية والحياتية الكافية والملائمة لتطلعات المواطنين وما يريدون وما يحبون أن يكون عليه مستقبلهم ومستقبل أبنائهم.
-  جمعية تعاونية يساهم فيها أهل البلدة/ الحي توفر السلع الأساسية.
-  مركز صحي ملائم ولائق ويستوعب بكفاءة الرعاية الصحية الأساسية للمواطنين ومرتبط بمستشفيات متقدمة بحدود مستشفى لكل مائة ألف مواطن يجد فيه أهل المنطقة كل ما يحتاجون إليه من غير حاجة إلى التحويل إلى غيره من المستشفيات.
-  أرصفة آمنة وملائمة للمشاة، وطرق وممرات آمنة وملائمة لراكبي الدراجات.
-  حديقة عامة تستوعب وتنتظم جميع أبناء الحي/ المكان تصلح للترفيه والاجتماعات العامة.
-  مكتبة عامة وناد رياضي اجتماعي ثقافي.
-  إذاعة / صحيفة/ موقع إنترنت يستوعب أخبار المكان وجدالاته وقضاياه وأفكار الناس واتجاهاتهم وثقافاتهم وفنونهم وما يحتاجون إليه.
-  المساهمة في شركات وبنوك تملكها المدينة للتمويل والماء والطاقة والاتصالات وتكرير المياه.
-  مشاركة فعلية ومؤثرة في إدارة وتنظيم المدينة، العمران، الفنون والثقافة والهوية، الاحتياجات والأولويات الأساسية، والجدل السياسي والوطني العام.