عشية الذكرى 45 لإحراق "الأقصى" الاحتلال يمعن باعتداءاته الوحشية والمستمرة ضد المقدسات والإنسان في القدس

الدخان يتصاعد من المسجد الاقصى في مثل هذا اليوم قبل 45 عاما عندما اقدم اليهودي المتطرف دينيس مايكل روهان على حرقه-(أرشيفة)
الدخان يتصاعد من المسجد الاقصى في مثل هذا اليوم قبل 45 عاما عندما اقدم اليهودي المتطرف دينيس مايكل روهان على حرقه-(أرشيفة)

عمان - تصادف اليوم الذكرى الخامسة والأربعون لجريمة إحراق المسجد الأقصى المبارك التي نفذها اليهودي المتطرف دينيس مايكل روهان في الحادي والعشرين من آب (أغسطس) العام 1969 بعد عامين من الاحتلال الصهيوني للقدس الشريف، وحتى هذه اللحظة يعاني المسجد الأقصى من التدنيس والاعتداءات التي لا تقل خطورة عن الحريق.اضافة اعلان
وقالت شخصيات سياسية وعلماء دين إن جريمة إحراق المسجد الأقصى ستبقى تدق ناقوس الخطر في الذاكرة العربية والإسلامية الفردية والشعبية والرسمية، وتذكرنا شعوباً وحكومات بان إسرائيل مصرّة على المضي قدماً في نهجها العدواني التوسعي الاستعماري وتدمير المقدسات الإسلامية والمسيحية في الاراضي المحتلة واقامة الدولة اليهودية على أرض فلسطين.
واضافت أن المسجد الأقصى وما يواجهه اليوم من ممارسات واعتداءات وحشية يومية من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي ما هي إلا حملة شرسة تقوم بها اسرائيل الهدف منها تهويد المسجد الأقصى وإبعاد المسلمين عنه من خلال إغلاق أبوابه والتنكيل بهم، مشيرين الى المحاولات اليومية لاستفزاز المصلين ورشهم بالمياه العادمة واطلاق الرصاص المطاطي عليهم بما في ذلك في ليلة القدر المباركة في شهر رمضان المبارك وسماحهم للمتطرفين اليهود باستباحة المسجد.
واشاروا الى الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة الهاشمية للقدس، التي تضم مسرى سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام المسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين، ومسجد قبة الصخرة المشرفة، من خلال ترميم وإعادة إعمار الأماكن المقدسة فيها أربع مرات في القرن العشرين، موضحين أن الإعمار الرابع للمسجد الأقصى جاء بتكليف ومتابعة مباشرة من جلالة الملك عبد الله الثاني، حيث انجزت جامعة البلقاء التطبيقية في الخامس والعشرين من شهر تموز (يوليو) من العام 2006 إعادة ترميم وبناء منبر صلاح الدين الايوبي من خلال طاقم هندسي وفني اردني استغرق عملهم فيه اربع سنوات.
لقد أحدثت نيران الحريق اضرارا كبيرة في بناء المسجد، حيث سقط سقفه والقوس الحامل للقبة والأعمدة الرئيسة فيه وتضررت أجزاء كبيرة من القبة الداخلية المزخرفة والمحراب والجدران الجنوبية وتحطمت 48 نافذة واحترق منبر صلاح الدين الايوبي والسجاد والزخارف القديمة المزينة بالآيات القرآنية.
رئيس مجلس الاوقاف الاسلامية في القدس فضيلة الشيخ عبد العظيم سلهب قال ان احراق المسجد الاقصى المبارك جريمة مست مشاعر المسلمين كلهم، فهو قبلتهم الأولى ومسرى الرسول عليه الصلاة والسلام، ومن هنا كان دافع اليهود لتدميره، إذ يرون بذلك تحقيق صيد ثمين يهزون به مشاعر وقلوب المسلمين في شتى أرجاء المعمورة.
واضاف ان إغلاق المسجد الاقصى امام المسلمين ليلة القدر بشهر رمضان هذا العام ما هو إلا سابقة خطيرة لم تحدث منذ بداية الاحتلال والاعتداء على المصلين في تلك الليلة المباركة برشهم بالمياه العادمة واطلاق الرصاص المطاطي عليهم ما اضطرهم للصلاة في شوارع القدس وأزقتها، مشيرا الى ان جرائم الاعتداءات الاسرائيلية والمساس بالمسجد الاقصى لم تتوقف بالحفريات تحت أساساته ومحيطه منذ بداية الاحتلال الى الآن اذ ان الاقتحام اليومي للمسجد الاقصى هو محاولة من الجماعات اليهودية المتطرفة لفرض واقع جديد لهم فيه ويجب علينا التصدي له.
وبين أن لجنة إعمار المسجد الاقصى المبارك أزالت آثار الحريق الذي جاء على ثلث المسجد بما فيه من آثار وملامح تاريخية لها قيمتها ومعانيها الاسلامية وخصوصا منبر صلاح الدين الذي تمت اعادة ترميمه في الاردن وبنفس الرمزية الدينية التي كان يمتاز بها قبل إحراقه.
وقال فضيلة الشيخ سلهب إن الحفريات التي تنفذها حاليا سلطات الاحتلال الاسرائيلي تؤثر على المباني المحيطة بالمسجد الاقصى وهي مبان أثرية تاريخية مهمة هدم العديد منها والخطط مستمرة لهدم ما تبقى، مشيرا الى ان تدمير الاحتلال للأبنية في حي المغاربة وما تحتوي من مدارس تاريخية ومقامات ومساجد، إضافة الى تدمير المنطقة الجنوبية للمسجد المبارك والمناطق المحيطة بما فيها من قصور أموية هي أعمال إجرامية عنصرية بشعة يشاهدها اهل القدس يوميا واستمرارها ينبئ عن خطر شديد تواجهه القدس .
وأشار إلى أن تزايد التصريحات المتكررة لقادة الاحتلال والمتطرفين اليهود العدائية للمسجد الأقصى المبارك أمر يحتاج إلى وقفة عربية توقف أي مخطط يمس به وبمحيطه، داعيا شعوب وحكومات الدول الإسلامية للوقوف الى جانب أهل القدس المرابطين حول ابواب الاقصى وما يتعرضون له من تنكيل وتضييق ومصادرة صلاحيات أوقاف القدس.
أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس عبدالله كنعان قال إن إحراق المسجد الأقصى جريمة من أبشع الاعتداءات بحق الحرم القدسي الشريف هدفت إلى تشكيل خطوة تهويدية فعلية نحو بناء الهيكل اليهودي المزعوم مكان المسجد الأقصى المبارك.
وأشار إلى أن محاكم الكيان الصهيوني برّأت المجرم الذي أقدم على هذا العمل البشع بحجة أنه مجنون وتم اطلاق سراحه دون أن ينال أي عقوبة أو إدانة رغم تفاخره علانية بهذا العمل، ما يكشف عن الطبيعة العنصرية والاستعمارية لإسرائيل .
واضاف ان كل الدلائل وآثار الحريق كانت تشير يقينا إلى تورط مجموعة كاملة في الجريمة وليس شخصا واحدا فقط ، إنما هناك شركاء آخرون في التخطيط والتنفيذ لهذه العملية الاجرامية .
وزاد كنعان ان جريمة احراق المسجد الأقصى النكراء ستبقى تدق ناقوس الخطر في الذاكرة العربية والإسلامية الفردية والشعبية والرسمية، وتذكرنا شعوباً وحكومات بان إسرائيل مصرّة على المضي قدماً في نهجها العدواني التوسعي الاستعماري وتدمير المقدسات الإسلامية والمسيحية في الاراضي المحتلة واقامة الدولة اليهودية على أرض فلسطين.
وتابع ان هناك اجراءات صهيونية مستمرة تشير الى ان اسرائيل تعمل وتتجه نحو اقامة دولة يهودية على ارض فلسطين يجب ان نتصدى لها بالافعال وليس بتصريحات الشجب والاستنكار، مبينا" أن إسرائيل لا تفهم إلا لغة القوة، بدليل أنها كانت تضع جانباً فكرها الأسطوري الصهيوني عندما تواجه بإرادة دولية وعربية قوية صامدة الأمر الذي يجب ان يكون في الوقت الحاضر بسبب كثرة الاعتداءات على المقدسات والاراضي وانشاء المستعمرات التي لا يتوقف العمل في توسيعها" .
وقال كنعان" ان الأقصى ليس بيتا، أو مبنى يمكن أن يشب فيه حريق أو تلتهمه ألسنة اللهب كأي بناء آخر، بل هو رمز إيمان الأمة ووطنيتها وهويتها العربية الإسلامية، لهذا فالواجب القومي والديني يفرض علينا بأن يكون الرد بمستوى الاعتداء" .
مدير عام أوقاف القدس وشؤون المسجد الاقصى المبارك الشيخ "محمد عزام" الخطيب قال: بعد مضي خمسة وأربعين عاما على الحريق المشؤوم تزداد المخاطر التي تهدد الاقصى دينيا وبنيانيا وتاريخيا في ظل الحفريات الاسرائيلية في محيط المسجد اضافة الى الانفاق التي تقوم بها قوات الاحتلال الاسرائيلي في البلدة القديمة وتأثير ذلك على بقاء المدارس الأثرية التاريخية الإسلامية.
وأضاف ان اسرائيل تستعمل كل الوسائل الاجرامية لإخراج اهل القدس من مدينتهم، بالاعتداء عليهم والتنكيل بهم في وضح النهار واقامة الكنس في محيط المسجد الاقصى المبارك الامر الذي يهدد الوجود العربي الاسلامي المسيحي في القدس، ولا سيما منع المسلمين من الذهاب الى المسجد الاقصى لإفراغه منهم .
وأوضح أن الهجمة الشرسة التي يواجهها المسجد الاقصى من قبل شرطة الاحتلال الاسرائيلية ما هي إلا لإبعاد المسلمين عن المسجد الاقصى وتعمل على استفزازهم في ساحاته، مشيرا إلى أنه وفي ليلة القدر من هذا العام حضر للصلاة في المسجد الاقصى ما يقارب العشرين ألف مصل مقابل اربعمائة الف مصل في الاعوام الماضية وهذا بسبب التضييق الشديد الذي تفرضه شرطة الاحتلال على المسجد والساحات المحيطة به.
وقال ان الوقوف في وجه الاجراءات البشعة التي تستهدف المسجد الاقصى لا يكون بالشجب والاستنكار بل يجب ان تتخذ اجراءات حاسمة لردع اسرائيل ووقف الاعتداءات على المقدسات والسكان المجاورين لها .
وزاد ان اوقاف القدس تذكر بكل تقدير وعرفان الموقف النبيل الذي يقفه الاردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني في رعايته للمقدسات الاسلامية في القدس الشريف بتنفيذ المشروعات والاعمارات الهاشمية الضخمة والمتواصلة في المسجد الاقصى المبارك .
واشار الخطيب الى ان حماية المقدسات بالقدس هي اولوية هاشمية توارثها بنو هاشم وكان من بينها اتفاقية تأكيد وصاية ورعاية جلالة الملك عبدالله الثاني على المقدسات في القدس الشريف، داعيا الأمتين العربية والإسلامية الى التصدي لحملات التطرف الاسرائيلية التي تحاول بكل الوسائل المس بالمقدسات الإسلامية وطمسها.
نائب رئيس لجنة إعمار المسجد الاقصى وقبة الصخرة المشرفة المهندس رائف نجم قال: ان جريمة إحراق المسجد الاقصى وتبرئة المحكمة الاسرائيلية لفاعلها تشير الى انه عمل مخطط له مسبقا سعيا الى انشاء (الهيكل المزعوم) .
واضاف ان المحاولة الاولى لاحراق المسجد الاقصى كانت في الحادي والعشرين من آب 1968 أي قبل عام من تاريخ الاحراق الحقيقي إلا ان حراس المسجد كشفوا الفاعل وتم إلقاء القبض عليه قبل القيام بعملية الحرق وتم ابعاده الى استراليا ثم عاد وكرر المحاولة في التاريخ ذاته من العام التالي وهو الحادي والعشرين من آب 1969 ونجح في احراق المسجد بمساعدة من جيش الاحتلال الاسرائيلي.
وقال ان اليهود يسعون الى تقسيم المسجد الاقصى كما فعلوا في الحرم الابراهيمي الشريف في الخليل والذي يسمح للمسلمين الصلاة فيه فقط يوم الجمعة وفي مساحة صغيرة جدا وأصبح من العسير على المسلمين الدخول إليه الأمر الذي يريد الاحتلال تطبيقه في المسجد الأقصى.
ودعا المهندس نجم الأمتين العربية والاسلامية الى عدم الانشغال عن القدس والمقدسات ما يفسح المجال لاسرائيل ودعمها للمتطرفين للقيام بمزيد من الاجراءات التي إن استمرت سوف نخسر بها أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.-(بترا- زياد الشخانبة)