عقدة الملف النووي الإيراني

عقدة الملف النووي الإيراني انه ليس هو الملف الأهم في العلاقة بين أميركا وإيران انه الملف المدخل للحديث في ملفات أخرى لا تقل أهمية عن الملف النووي

اضافة اعلان

عقد مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية اجتماعه الأول في فيينا بعد تولي الرئيس باراك اوباما رئاسة الولايات المتحدة، وهو اجتماع يأتي بعد اجتماع آخر عقدته المجموعة الدولية 5+1 في الشهر الماضي لم يخرج عنه إلا التطلع بأمل إلى تحقيق انفراج بشأن الحوار الأميركي الإيراني والمتوقع أن ينعكس على تطورات الملف النووي. الرسالة الأهم للاجتماع، الذي ركز على إيران وسورية، والتي جاءت على لسان مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي هي أن على إيران أن تكسر الجمود بشأن ملفها النووي، كما أن على المجتمع الدولي القيام بجهد اكبر نحو إيجاد حل سياسي للازمة.

 الاجتماع أتى في ظل تضارب في التصريحات جاءت واشنطن، فوزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس يرى أن إيران "ليست على وشك حيازة سلاح" نووي, تصريحات تزامنت معها تصريحات رئيس الأركان الأميركي مايك مولين الذي أكد أن إيران "تملك ما يكفي من المواد الانشطارية لصناعة قنبلة ذرية". إيران بدورها اعتبرت تصريحات مولين " لا أساس لها" معيدة تأكيدها على أن إيران لا تسعى إلى تطوير أسلحة ذرية. التصريحات الأميركية المتضاربة يمكن فهما في إطار ثلاثة تفسيرات: الأول أن الوزير غيتس شأنه منذ أن تولي حقيبة وزارة الدفاع أن يكون تصعيديا في التصريحات التي يطلقها، صحيح انه تحدث في البحرين وفي ملتقيات أخرى عن "الخطر الإيراني" لكن اللغة المستخدمة كانت غير صدامية مقارنة مع مسؤولين في الإدارة السابقة بل وحتى في الإدارة الحالية مثل وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون. الثاني: أن ثمة معلومات متوفرة للقيادة العسكرية تشير إلى جوانب مما ذكره رئيس هيئة الأركان الأميركي، وهنا يطرح تساؤل كيف يمكن لهذه المعلومات أن لا تمرر لوزير الدفاع، على أن هناك فرضية انهه مررت لكنها لم تكن كافية لإقناع الوزير لبناء استنتاجات عليها، لا سيما وأن المندوب الأميركي في الوكالة الدولية كان قد قلل في تصريحات سابقة من شأن الخطوات الإيرانية  في زيادة عدد أجهزة الطرد المركزي  معتبرا أن إيران أمامها وقت طويل قبل أن تصل للاستخدامات العسكرية. الثالث أن هناك رؤية داخل الإدارة الجديدة للإبقاء على حرب الكلمات وإدامة الضجيج حول قدرات إيران وهي جزء من السعي للتحرك باتجاه القيام بعمل دبلوماسي، وما هذه الخطوات إلا نوع من "التسخين الدبلوماسي".

 عودة "حرب التصريحات" متزامنة مع الحديث عن احتمالية البدء في حوار بين الطرفين لاسيما بعد تعيين دنيس روس مبعوثا أميركيا للخليج وجنوب غرب أسيا، تعكس  جانبا بسيطا من الازمة التي تعاني منها العلاقة بين واشنطن وطهران. فالمبدأ الأساسي لتهيئة الأجواء للحوار هو الحد من التصريحات التصعيدية لا يبدو انه مأخوذ بالحسبان، والسبب في ظني هو أن كلا الطرفين يؤمن أن حرب الكلمات مهمة لتحسين الوضع التفاوضي في  أي محادثات مستقبلية، كما انها مهمة لأغراض الرأي العام الداخلي في البلدين، وكذلك للأطراف المتحالفة مع كل طرف. من هنا فلا يجب التعويل كثيرا على الحرب الكلامية في أنها تعطي مؤشرا لطبيعة الخطوة القادمة التي ينوي كلا البلدين القيام بها.

الحديث عن التفاصيل التقنية للبرنامج النووي وان إيران تملك 1010 كيلوجرامات من اليورانيوم الضعيف التخصيب، وان هذا ليس كافيا لتصنيع قنبلة نووية لا من حيث الكمية ولا من حيث وضع التخصيب، لأن إيران تحتاج إلى يورانيوم عالي التخصيب، كما أنها بحاجة إلى 1700 كيلوجرام من اليورانيوم عالي التخصيب لإنتاج قنبلة نووية، لا يعكس طبيعة الجدل والاختلاف والتعقيد المرتبط بتطورات الملف النووي. إن عقدة الملف النووي الإيراني انه ليس هو الملف الأهم في العلاقة بين أميركا وإيران ولا بين إيران والدول الأوروبية، انه الملف المدخل للحديث في ملفات أخرى لا تقل أهمية عن الملف النووي، لو كان الملف النووي الإيراني هو الوحيد الموجود على مائدة الخلاف ببين إيران والدول الغربية لحصل هناك تقدم وربما انفراج كما هو الحال فيما حدث بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية والتي اختارت واشنطن أخيرا المفاوض الأميركي السابق معها كريس هيل سفيرا في بغداد، الأمر الذي يمكن أن يحمل بعض الرسائل المتعلقة بأن يقود هذا الدبلوماسي من موقعه في بغداد بعض الجهود المتعلقة بالحوار مع إيران. إن العقدة الأخرى المتعلقة بالملف النووي الإيراني هي حقائق الجغرافيا السياسية سواء لإيران وأين تقع، وكذلك خريطة المصالح الأميركية المترتبة على الجغرافيا السياسية التي تتواجد فيها إيران. تعقيدات ستبقى تعمق خوف الطرفين من الدبلوماسية.

[email protected]