علاقات متوترة بين إسرائيل والولايات المتحدة

باراك أوباما عند حائط المبكى في القدس لدى زيارته إسرائيل قبل انتخابه رئيساً - (أرشيفية)
باراك أوباما عند حائط المبكى في القدس لدى زيارته إسرائيل قبل انتخابه رئيساً - (أرشيفية)

جوناثان غويير - (الغارديان) 6/12/2011

ترجمة: عبد الرحمن الحسيني

تعرضت الحكومة الإسرئيلية لانتقاد من إدارة الرئيس أوباما ومن الجماعات اليهودية الأميركية على حد سواء في الأسبوع الماضي -حيث ركزت الأخيرة على حملة إعلانات غرائبية استهدفت الشتات اليهودي الأميركي. وقد استرعى انتباهها عدم حساسية الحكومة الإسرائيلية تجاه اليهود الأميركيين. لكنه يبقى قيد الانتظار معرفة ما إذا كانت مشاريع القوانين التي ستطرح على الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، والتي ستكون واجهة للقيم الديمقراطية، ستفضي إلى نذير مشابه.اضافة اعلان
وقالت هيلاري كلينتون، التي تعد أرفع دبلوماسي أميركي في منتدى "سابان" في واشنطن في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، إنها "تشعر بالقلق إزاء الديمقراطية الإسرائيلية"، وفق ما ذكرته التقارير. وفي وقت سابق من الأسبوع، دانت منظمات مجتمعية أميركية مرموقة سلسلة من إعلانات الخدمة العسكرية العامة من إنتاج وزارة استيعاب الهجرة، التي حرضت المواطنين الإسرائيليين على عدم الزواج من اليهود الأميركيين.
وفي واحد من الإعلانات، تشارك عائلة منقسمة بين الولايات المتحدة وإسرائيل في عطلة ملتقى بواسطة "سكايب"، عندما يسأل الجدان الإسرائيليان حفيدتهما الأميركية عن ماهية العطلة، فتجيب إنها عيد الميلاد. فيقول سارد الإعلان: "إنهما يظلان إسرائيليين. أما أحفادهما فلا". وقد تم سحب الإعلان منذ ذلك الوقت، لكنه يقف ليكون مجرد مثال واحد على سوء الذوق.
والأكثر إثارة للمشاكل هو مشروع قرار مقبل للكنيست يمنح الحكومة الإسرائيلية صلاحيات جديدة لتنظيم -أو الأكثر دقة، لممارسة دور الشرطي- على المنظمات الإسرائيلية غير الحكومية التي تتلقى مساعدات أجنبية. ومن شأن مسودة مشروع القانون "أن تلغي الحق في الاستثناء من ضريبة الدخل" على هذه التمويلات غير الربحية، وفرض معدل ضريبة يبلغ 45 % على المساهمات القادمة من "كيان دولة أجنبية" إلى منظمات إسرائيلية، من بين إجراءات أخرى نادراً ما تشاهد في الديمقراطيات الليبرالية. وذكر أن وزيرة الخارجية كلينتون انتقدت، خلال المنتدى المغلق في الأسبوع الماضي، هذه المادة من التشريع باعتبارها تنطوي على تهديد للمؤسسات الديمقراطية في إسرائيل. كما أنها لفتت الانتباه أيضاً إلى القيود المفروضة على غناء النساء في العلن، وفق منافذ إخبارية إسرائيلية. وبالنسبة للتفرقة في الجندر في الحافلات الإسرائيلية، فقد وصفتها كلينتون بأنها تقف تذكرة بـ"متنزهات روسا".
ومن جهته، وصف أحد العناوين الإسرائيلية ملاحظات وزير الدفاع الأميركي بانيتا التي كان قد أدلى بها في المنتدى نفسه، بأنها "صفعة على الخد" موجهة إلى نتنياهو. وحذر بانيتا من الخيار العسكري لإسرائيل فيما يتعلق ببرنامج إيران النووي، ونصح تل أبيب بـ"ترميم العلاقات" مع مصر وتركيا. وقال بانيتا إن تجشم المخاطر من أجل السلام مع الفلسطينيين هو "من مصلحة إسرائيل الأمنية بعيدة المدى" رغم حقيقة أن المفاوضات بين الجانبين تظل غارقة في المتاعب.
ربما يكون مثار دهشة قليلة أن يقدم مسؤول أميركي رفيع على التساهل في قضايا أمنية مع إسرائيل والحاجة إلى "الحصول على الطاولة الملعونة"، كما وصفها بانيتا. وقال جيريمي بن عامي، مدير جيه ستريت، المجموعة التي نافحت عن اتخاذ واشنطن لدور أكثر شجاعة في دبلوماسية الشرق الأوسط: "إن إدارة (أوباما) ما فتئت تطرح طروحات استراتيجية مستمرة مؤداها أن إسرائيل تواجه تحديات حقيقية وخطيرة".
ولا تشير ملاحظات بانيتا إلى أي نوع من الانكسار، وإنما تصل بين ما كان قد قاله مستشار الأمن القومي الأميركي السابق جيم جونز، والقائد السابق لقوات السنتكوم الجنرال ديفيد بترايوس. ويشير توبيخ كلينتون لتسلسل التشريع "المعادي للديمقراطية" لإسرائيل إلى أن واشنطن تلاحظ الوتيرة المنخفضة للسخط في إسرائيل. وقد شهد العام الماضي طائفة من التشريعات القمعية التي أصدرها الكنيست؛ بما في ذلك قوانين تستهدف الأقلية العربية الفلسطينية في إسرائيل، وحظر المقاطعات المنظمة ضد الدولة.
وفي الأسبوع الماضي، تم تمرير قانون تشهير فظيع من شأنه "رفع كمية التعويض العقابي نظير التشهير من دون إقامة الحجة على وجود ضرر فعلي"، وفق رابطة الحقوق المدنية في إسرائيل (ACRI). وإذا مضى مشروع قانون المنظمات غير الحكومية قدماً في البرلمان الإسرائيلي، فإن مجموعات المراقبة؛ مثل رابطة الحقوق المدنية، ستتعرض لفرض ضريبة بمعدل عقابي عليها. وفي الحقيقة، فإن طائفة واسعة من المنظمات غير الحكومية، التي تعد اليوم متقيدة تماماً بالقانون الإسرائيلي، ستقع فجأة تحت نظام أورويللي.
وقال لي بن عامي: "عبر التركيز على الغضبات الفردية مثل اللغط حول حملة إعلانات ثانوية، تكون الحكومة الإسرائيلية قد فقدت الصورة الأكبر استراتيجياً". وأضاف: "إن الدعم الأميركي اليهودي لإسرائيل والربط معها سيستمران في التآكل مع مرور الوقت إذا لم تكن إسرائيل ملتزمة تماماً بالقيم المحورية التي تجمع عرى الشعب اليهودي معاً".

*نشر هذا التقرير تحت عنوان Israel's chilling relations with the U.S

[email protected]