على الجيش الإسرائيلي أن ينضج

12-6

أسرة التحرير

هآرتس

حين قاد مصمم ومؤسس الجيش الإسرائيلي، دافيد بن غوريون، التسريح المبكر للخادمين في الجيش الدائم كان يرى أمام ناظريه هدفا اجتماعيا مزدوجا. منع نشوء طائفة عسكرية مغلقة، ومساهمة الضباط في المجتمع المدني مستفيدين من تجربتهم وخبرتهم، وهم الذين سيمثلون بتربيتهم وبخدمتهم مفهوم الرسمية البن غوريونية. وكان التعبير العملي لنهجه "الحياة المهنية الثانية" لرجال الخدمة العسكرية الدائمة، ممن تقاعدوا في سن 42 وانتقلوا الى القطاع المدني كمديرين وكسياسيين، من دون التخوف على مستقبلهم الاقتصادي.

اضافة اعلان

لم يتوقع بن غوريون الآثار الاقتصادية للبنية العسكرية التي أقامها ولا الالتزام المالي الهائل الذي أخذته الدولة على عاتقها بدفع التقاعد لعشرات آلاف الضباط والوكلاء المسرحين في أفضل سني عمرهم. كما أنه لم يقدر على نحو سليم الفجوة الاجتماعية التي خلقها بين مجموعتي الموظفين العموميين: المدنيون المطالبون بالعمل حتى سن 67، والجنود القادرون على الخروج الى التقاعد بينما هم شباب نسبيا وعندها "يبدأون من جديد".

يمكن فهم إرادة الدولة، التي تعيش في نزاع دائم مع جيرانها وتبقي على جيش كبير، في التعويض الجيد للمقاتلين الذين يعرضون حياتهم للخطر، أو أصحاب المناصب الحيوية في منظومات التكنولوجيا والاستخبارات - الذين وإن كانوا يعملون في مكتب في الجبهة الداخلية، إلا أنهم يتحملون مسؤولية كبيرة ويعيشون في حالة تأهب دائم.

ومع ذلك من الصعب أن نفهم وأن نبرر الفجوة الاقتصادية بين من يؤدون أدوارا مشابهة، وإن لم تكن متماثلة، حين يلبس واحد البزة وزميله اللباس المدني. اقتصادية - مجندة في قسم الميزانيات في دار الحكومة ستكسب أكثر وتخرج الى التقاعد قبل وقت طويل من زميلتها المدنية التي تعمل في ذات الوزارة. مهندس في وزارة الإسكان مطالب كي يحظى بالتقاعد أن يعمل لسنوات أطول من رفيقه المهندس في مركز البناء العسكري. هكذا هو الأمر ايضا بالنسبة للضباط الإداريين، والعاملين في المطبخ وفنيي السيارات، الذين يوجد مثلهم في القطاع المدني أيضا.

في السنوات الأخيرة، وتحت الضغط الشديد من وزارة المالية، أقر الجيش الاسرائيلي عدة تعديلات في شروط الخدمة والتقاعد لرجال الخدمة الدائمة. فقد وضع نظام مختلف لسن التقاعد يقوم على أساس التراكم، وارتفاع متوسط سن التسريح. والآن يطلب وزير المالية، يوفال شتاينتس إحلال إصلاح بحيث يسرح المقاتلون في الجيش الدائم في سن 46 بدلا من سن 42، ويخدم رجال الإدارة حتى سن 57 بدلا من سن 44. أما الجيش الاسرائيلي فيرد بالمبرر المعتاد في أنهم "ينقضون على أصحاب الخدمة الدائمة"، الذين يقضون الليالي والأيام من أجل أمن الدولة، وأنه يعيش مسيرة ستؤدي أيضا الى رفع سن التسريح.

وبدلا من المناكفة يجدر بالجيش الاسرائيلي أن يتقلص في فترة الركود، من دون المس بالأمن، وأن يعمل على رفع ذي مغزى لسن التسريح للجنود الدائمين - ولا سيما من لا يقاتلون وعملهم في الخدمة مشابه للعمل المدني. لا مبرر لخروج رجال الإدارة الى التقاعد الكامل في عمر شاب نسبيا؛ واذا ما بقوا في الخدمة، سيواصل الجيش التمتع بتجربتهم ومعرفتهم. إن الجيش يمكنه وينبغي له أن يميز بين المقاتلين وبين الموظفين - بالأجر، بشروط الخدمة وفي سن التسريح.