الغد الاردنيتحليل إخباري

عمان.. نحو مدينة ذكية

*إياد حواري

4.6 مليون نسمة تقطن مدينة عمان عاصمة المملكة الاردنية الهاشمية، هذه المدينة العريقة التي يعود تاريخها لأكثر من 8000 سنة قبل الميلاد ويشكل عدد قاطينها ما يقارب 40 % من عدد سكان الأردن على رقعة مساحتها 7579 كم مربع.

هذا الازدياد المطرد بأعداد السكان تزامن وموجات النزوح من دول الجوار نتيجة الاوضاع الاقتصادية الصعبة والظروف السياسية كالحروب، ما زاد الضغط على خدمات البنية التحتية للأردن ككل ولعمان بشكل خاص.

أصبحت هناك حاجة ملحة لإيجاد نظام نقل عام منتظم أكثر جاذبية لتخفيف الازدحامات المرورية الناجمة عن طبيعة الافراد الذين يفضلون استخدام مركباتهم الخاصة والتي هي من اهم اسباب نشوء الازدحامات، فترى العائلة الواحدة لديها اكثر من مركبة ولك ان تتخيل اعداد الرحل الناشئة يوميا الناجمة منها.

من هنا جاءت فكرة الباص سريع التردد وهو عبارة عن نظام يمتاز بتخصيص مسرب خاص للباص بعيدا عن المسير مع المركبات والوسائط الاخرى بالشارع ويطلق عليه سريع التردد اي بمعنى ان كل باص يفصل بينه وبين الباص الذي يليه زمن محدود لا يتجاوز الخمس دقائق خارج اوقات الذروة، ويصل لمعدل باص كل دقيقتين في الذروة ويمكنك ركوبه من منطقة صويلح شمال عمان باتجاه شارع الجامعة ولغاية دوار المدينة ومن ثم لك الخيار ما بين خط يصل بك الى عمان القديمة (قرب وسط البلد) او باتجاه منطقة بسمان وصولا لمجمع المحطة.

الباص سريع التردد لا تتاح به خدمة الدفع المباشر بل عبر البطاقة الذكية تماشيا مع عصر التكنولوجيا الذي نعيشه والنهضة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي التي اصبحت من الضرورات لأي مدينة.

من هنا نعرج قليلا على مفهوم المدينة الذكية مروريا كأن تكون انظمتها المرورية تعمل كمنظومة واحدة من اشارات ضوئية وكاميرات رقابة الكترونية والتي تتعدى بمفهومها ما يدور بعقلية المواطن الأردني الذي يظن ان كل كاميرا هي للمخالفة! بالطبع لا فهنالك أنظمة رقابية فعالة تقوم على مراقبة الاشارات الضوئية والتحكم بأطوار الاشارة الضوئية لمنح انسيابية مرورية عالية وتخفيف الازدحامات المرورية وعمل تعدادات للمركبات ووظائف متعددة اخرى هدفها رفع مستوى السلامة وتحقيق الانسيابية المرورية.

ولا ننسى أن الطاقة النظيفة ايضا ركيزة اساسية في منظومة البنى التحتية للمرور ويمكن ملاحظة اعمدة الانارة الموفرة للطاقة داخل الاحياء وبالطرق الرئيسية والتي يمكن التحكم بها عن بعد بإطفائها او تشغيلها ويمكن استخدام ألواح الطاقة الشمسية ببعض منها.

نقف اليوم في مدينة عمان أمام تحديات كبرى، فلو نظرنا لعشر سنوات قادمة اين سنكون وكيف سنتغلب على التحديات التي تواجه المدينة من نقص خدمات النقل العام والازدحامات المرورية سنرى ان اكبر تحد يواجهنا هو تغيير ثقافة المواطن العمّاني وجعلها اكثر ايجابية لتطلعات المدينة المستقبلية وذلك يكون بإشراكه في صنع القرار واهمية اطلاعه على اي مشروع خدماتي سواء بالنقل او المرور لإبداء رأيه، ومن هنا نصنع مدينة تصنع خططها من المواطن فيكون اكثر تقبلا لها ومشاريع اثرها اعمق في فكر المواطن كالمدينة الذكية مثلا والتي نأمل ان يترسخ هذا المفهوم بشكل معرفي اكثر ضمن ثقافة المواطن فتتقارب لغة التخاطب بينه وبين المسؤول.

ومن اهم الامثلة التي نضربها هو ان تصبح عمان مدينة ذكية فعليا خلال السنوات القادمة وتحققيها للمؤشرات الدولية التي تؤهلها للتصنيف ضمن التقارير العالمية، والتي وإن حدث ستفتح لنا أبوابا كبرى لجذب الاستثمارات بإعطاء الثقة للمستثمر عند قراءته لهذه المؤشرات بأنه فعلا من المجدي له الاستثمار في بيئة جاذبة ومناسبة ذات حوكمة رشيدة سواء في قطاع النقل والمرور، لاسيما ونحن بحاجة للتوسع بشكل كبير وتغطية اكبر عدد من الكيلومترات داخل عمان بأنظمة مرورية ذكية وانظمة نقل ذكية وبشمولية أكثر.

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock