عن القراءة أتحدث

على مدار أعوام طويلة، لم أكن راضيا عن نفسي بخصوص الساعات التي أخصصها للقراءة وللاطلاع على المعارف الجديدة التي تجتاحنا كل يوم. وبرغم ذلك، كنت أجد، دائما، العذر لنفسي في ذلك، وأهم عذر في هذا السياق كان: ضغط العمل. نشأت في بيئة قروية، وفي زمن لم يكن يمنح القراءة خارج المناهج الدراسية أي أولوية أو أهمية. ومع ذلك، فقد كان الوضع مختلفا تماما في البيت الذي نشأت فيه. فقد تفتحت عيناي على الحياة ونحن نمتلك مكتبة تضم عشرات الكتب المختلفة التي كانت تبحث في الأدب العربي القديم والتاريخ والسياسة والرواية والدين. كان أبي قارئا جيدا، وربما كان هذا هو الأساس الذي وضعه فينا، فنشأنا جميعنا مغرمين بالقراءة والكتابة. أتذكر أنني تعرفت على نجيب محفوظ في فترة مبكرة جدا من حياتي، وقرأت رواية أو أكثر لألبرتو مورافيا في ذلك الحين. وحفظت المعلقات جميعها قبل أن أخطو إلى الثالث الابتدائي. تلك كانت مرحلة حاسمة في حياتي، تعلقت فيها بالقراءة حد الإدمان، فركضت وراء كل ما هو جديد لأشبع فضولي، وتنوعت القراءات بحسب تطور الوعي والإدراك والاهتمام. لكن، وبدءا من العام 2008 ، أصابني خمول كبير. كنت أشتري الكتاب ولا أقرأ منه سوى بضع صفحات، ثم لا ألبث أن أرميه جانبا وأهمله. كنت أعلل نفسي دائما بأن عملي منهك ومشاغلي كثيرة. هكذا استطعت أن أكذب على نفسي، وأن أتهرب من القراءة رغم أنني أدرك بوعيي الكامل أنها هي من منحتني الحياة التي أعيشها اليوم. منذ 3 أعوام، أدركت أنني أسير بغير المسار المفروض لي. عندها وضعت نقطة في نهاية سطر بصفحة لم تكن مخصصة لي في الأصل. وعدلت من طريقي. اليوم، أنا أعمل بوظيفتين تأخذان مني أكثر من 12 ساعة يوميا. ومع ذلك فأنا أجد الوقت الكافي لأقرأ 30 ساعة في الحد الأدنى أسبوعيا. وأيضا لأن أترجم من 3 - 5 مواد، وبواقع أكثر من 8 آلاف كلمة في الأسبوع. ما أود قوله، هو أنه لا يمكن لنا أن نتذرع بانعدام الوقت الكافي لتحسين شروط حياتنا. ينبغي أن ندرك أن المعرفة المتأتية من القراءة والاطلاع هي القادرة على فعل المعجزات في حياتنا. وأن هناك دائما وقتا كافيا لكي ننحاز إلى حياتنا ومستقبلنا.اضافة اعلان