عين الحسود تبلى بالعمى

لأننا محسودون، زادت المديونية الى 29.5 مليار دولار، ولأننا محسودون تعمقت ازمتتا الاقتصادية، ولأننا محسودون لم نستطع التقدم باتجاه إصلاح سياسي حقيقي منذ 30 عاما قيد أنملة، ولأننا محسودون يتعثر الاستثمار عندنا، وخرجت شركات كبرى باتجاه دول اخرى، ولأننا محسودون تفكك جزء كبير من قيمنا الاجتماعية، ولأننا محسودون ارتفع منسوب الواسطة والمحسوبية وتعاظم الفساد، ونخرت البيرقراطية جهازنا الاداري.اضافة اعلان
وايضا، ولأننا محسودون ما تزال قوى الشد العكسي هي التي تتحكم في توجهاتنا السياسية، وما تزال الديمقراطية تدور في الدائرة ذاتها دون تقدم للامام، وما نزال نبحث عن تطبيق القانون وتعزيز دولة المؤسسات والقانون.
ولأننا محسودون تغيرت القيم المجتمعية، وما نزال نأمل رؤية خطوط قطارات وخطوط نقل متقدمة، ولأننا محسودون ما يزال التعليم لدينا يراوح مكانه وربما يتراجع، ولأننا محسودون باتت نسبة القبول الجامعي عبر التنافس الحر اقل بكثير من نسبة القبول على قوائم الاستثناءات الاخرى، ولأننا محسودون ما يزال المعلم يبحث عن حقوقه، والطالب يتنقل من مركز تعليمي لآخر للحصول على تعليم افضل، ولأننا محسودون تراجعت المدارس الحكومية وحضرت المدارس الخاصة، ولأننا محسودون ما تزال المستشفيات الحكومية تراوح مكانها، وما يزال المريض يبحث عن واسطة لتقريب دوره لتخطيط القلب او الدماغ او اجراء عملية جراجية مطلوبة.
وايضا، ولأننا محسودون، تراجع مخزوننا الزراعي، وبات وادي الأردن يعاني وفي تراجع مستمر، ولأننا محسودون ما نزال نستورد قمحنا من دول العالم، ونستورد ملابسنا من الخارج، ونستورد ثمارنا من دول الجوار، ولأننا محسودون ما نزال منذ عشرات السنين نبحث عن النفط في ارضنا دون جدوى، ولأننا محسودون بعنا شركاتنا الكبرى كالبوتاس والفوسفات والمطار والاتصالات، ولأننا محسودون ارتفع عدد متعاطي المخدرات، وزادت نسبة القتل والانتحار وغيرها.
النتيجة التي يمكن ان نخرج بها من كل ذاك اننا محسودون، وهناك من حسدنا ولم يقرأ سورة الفلق، ودون ان ينثر الملح في عيون الحساد، وان هناك من حسدنا على ثرواتنا البشرية والطبيعية، ولذا فإنه في حال استطعنا فك الحسد سنكون في وضع افضل واحسن، ولذا علينا البحث عن شيخ مغربي للقيام بذلك، وبالنتيجة علينا وقف بحوثنا العلمية وتعطيل افكارنا وعقولنا والتفكير والبحث عمن حسدنا وتآمر علينا وعمل لنا حجابا ابعد عنا التطور والتقدم وتركنا ندور في الدائرة نفسها دون تطور.
أيعقل سادتي، أيعقل ان نعطل تفكيرنا ونعلق كل مشاكلنا الاقتصادية والاجتماعية والفكرية والزراعية والصناعية على الحسد والحساد، وان نوقف برامجنا التطويرية لأننا محسودون وكفى، أيعقل ان يكون اساس تفكيرنا بكيفية الخروج من عنق الزجاجة لمواجهة وضعنا الاقتصادي الصعب والذي اوصلنا لمديونية تقارب الثلاثين مليار دينار هو اننا محسودون، دون ان نفكر بطريقة علمية لتخفيف المديونية والحد منها، ودون ان نفكر بطرق تعزز صناعتنا وتجعلنا نلبس مما ننسج، ونأكل مما نزرع، وتدفع عجلة الاصلاح والديمقراطية ودولة المؤسسات والقانون الى الامام.
لسنا بحاجة للبحث عن وهم لتعليق فشلنا عليه، ولسنا بحاجة سوى لإعادة النظر بشكل حقيقي في طريقة تعاملنا مع مشاكلنا وتغيير طريقة تفكيرنا، وذاك لا يمكن ان يتم الا من خلال مصارحة انفسنا بتلك المشاكل وعدم تعليق الفشل على وهم، وهذا لا يتم الا من خلال اعادة النظر بمنظومتنا الفكرية، ووقف كل اشكال الواسطة والمحسوبية، والتأسيس لفكر المساواة والعدالة الاجتماعية ودولة المؤسسات والقانون ومحاربة الفساد والإفساد.
وقت ذاك نستطيع التعامل مع المديونية بشكل عقلاني وانشاء مصانع ومزارع، والتأسيس لإصلاح حقيقي يوصلنا لمراحل متقدمة من الفعل الديمقراطي، والوصول لمرحلة تستطيع من خلالها فرز تيارات حزبية تصل لقبة البرلمان، وتشكل حكومات برلمانية.