غربلة الأفكار

تدخل مناقشات ومداولات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية مرحلة حاسمة، اذ دخلت لجان الانتخاب والتعديلات الدستورية والاحزاب والادارة المحلية مراحل متقدمة من النقاشات والمداولات وتناطح وجهات النظر والافكار والرؤى حول قضايا تؤسس لمرحلة اصلاحية مقبلة والتي يؤمل لها ان تكون مختلفة عن أي مرحلة سابقة، ولذلك بتنا نرى وجهات نظر متباينة تظهر بين فينة واخرى، وافكار يطرحها اعضاء اللجان تقابلها افكار ووجهات نظر اخرى يقدمها اعضاء آخرون. حتى الآن لا توجد مفاصل يمكن القول إنها حسمت، ولكن يمكن القول ان بعض الامور بات شبه توافق عليها في انتظار عرضها على الاجتماع العام للجنة الأم واتخاذ خطوات بشأنها، ولعل ابرز ما يمكن القول انه حسم ما يتعلق بعدد المؤسسين لكل حزب ودور الاحزاب المقبل من ناحية تشكيل قوائم حزبية لخوض الانتخابات النياية، فيما ما تزال النسبة التي يتوقع منحها للقوائم الحزبية عالقة بين 25 % من عدد مقاعد مجلس النواب وبين 40 %، والرقم الاخير هو ما يرجح الأخذ به من قبل اللجنة، يترافق ذلك مع وجهة نظر تصعد بقوة تقول برفع عدد اعضاء مجلس النواب حتى لا تؤثر القوائم الحزبية على الدوائر المحلية القائمة والتي تتضمن كوتات مختلفة للمرأة والشركس والشيشان والمسيحيين والبادية، وهنا يبرز صوت داخل اللجان يدفع باتجاه فتح قوائم البادية ترشيحا وانتخابا، فيما يظهر صوت رافض يتفق على منح ابن البادية حق الترشح في اي دائرة انتخابية، ومنح اي مواطن من خارجة البادية حق الترشح في دوائر البادية الثلاث دون فتح الدوائر جغرافيا، اي الاحتفاظ بأسماء العشائر في كل دائرة انتخابية وسطا وشمالا وجنوبا. ومن بين القضايا التي حسمت ما يتعلق بتوصية لجنة الشباب التي تتضمن تخفيض سن الترشح الى 25 عاما بدلا من 30 عاما، فيما ما تزال افكار مختلفة تطرح حول رفع نسبة تمثيل المرأة في البرلمان المقبل حيث تطمح منظمات نسوية الموافقة على رفع النسبة الى 30 %، بيد ان ذاك لم يتم التعامل به حتى الآن. الأمر الملفت ان البعض يضغط لجهة الذهاب للإصلاح لحدود مرتفعة والبحث عن آليات تمكننا من الوصول لدولة المؤسسات والقانون والعدالة والمواطنة والشفافية ومحاربة الوساطة والجهوية وكل ما من شأنه تعطيل الاصلاح، هذا الدفع يجد قوى ضغط ترفضه وتعمل على تعطيله او تخفيض التطلعات نحوه، وما علينا سوى النظر بوضوح لرؤية مطبات يخلقها البعض لتخفيض نسبة التفاؤل وإقناع الناس بأن التدرج في الاصلاح وسيلة افضل من الذهاب اليه بشكل متكامل. نظريا يمكن القول انه نضجت حتى الآن عدة مواد دستورية سيجري تعديلها، ابرزها واهمها ما يتعلق بتعديل المادة الدستورية المتعلقة بفترة غياب مجلس النواب، فالدستور حاليا ينص على لزوم اجراء الانتخابات خلال اربعة اشهر من حل مجلس النواب، فيما سيتم رفع المدة من اربعة اشهر الى ستة اشهر، وهو اجراء يمنح الهيئة المستقلة للانتخابات مدة زمنية اوسع ليتسنى لها التحضير لوجستيا لإجراء الاستحفاق الانتخابي. تعديلات اخرى مقترحة ابرزها شطب المادة الدستورية التي تحتم رحيل الحكومة التي يحل مجلس النواب في عهدها وعدم منح الحق بتكليف رئيسها بتشكيل الحكومة التي تليها، ولعل السبب في طرح تلك المادة للتعديل هو تعزيز مبدأ الفصل بين السلطات وعدم التداخل بينهما. بالمجمل فإن فترة عطلة عيد الأضحى المبارك (كل عام وانتم بخير) ستمنح اللجنة الملكية فرصة لعقد اجتماعات غير دورية مع أطراف مؤثرة وتيارات وأحزاب خارج اطار اللجنة، وخاصة ان اللجان المنبثقة عن اللجنة الأم لن تجتمع في عطلة العيد ما سيمكن الجميع من غربلة الافكار المقدمة، والتفكير برؤى اخرى خارج الصندوق، قد تساعد وتساهم في تعزيز فكرة الاصلاح المنشود، ووضع نقاط التقاء مع جميع الاطراف للوصول لأهداف ثابتة متوافق عليها بين الجميع.اضافة اعلان