غضب إسرائيلي وترحيب فلسطيني بوضع علامة على بضائع المستوطنات في أوروبا

مستوطنة إسرائيلية تعرض على عدد من الأوروبيين منتجات أحد مصانع المستوطنات بالضفة الغربية أمس- (ا ف ب)
مستوطنة إسرائيلية تعرض على عدد من الأوروبيين منتجات أحد مصانع المستوطنات بالضفة الغربية أمس- (ا ف ب)

برهوم جرايسي

عواصم - أقر الاتحاد الأوروبي أمس وضع ملصق المنشأ على المنتجات الواردة من المستوطنات اليهودية في الأراضي الفلسطينية المحتلة لتمييزها عن تلك الآتية من إسرائيل، في تدبير رحب به الفلسطينيون وإدانته إسرائيل على الفور، محذرة من عواقبه المحتملة على علاقاتها مع الاتحاد.
وتم تبني القرار المثير للجدل والمرتقب منذ أشهر، لكنه أرجئ مرارا اثناء اجتماع للمفوضين الأوروبيين في بروكسل، بحسب مصدر من المفوضية.
وأوضح المصدر أن المفوضية "تبنت هذا الصباح (الأربعاء) وضع ملصق لتحديد منشأ المنتجات القادمة من الأراضي التي تحتلها إسرائيل منذ حزيران (يونيو) 1967".
ودانت إسرائيل على الفور إعلان المفوضية الأوروبية وقامت باستدعاء ممثل الاتحاد الأوروبي لديها، فيما رحبت به السلطة الفلسطينية لكنها اعتبرته غير كاف.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن في بيان وزعه مكتبه "قرار الاتحاد الأوروبي هو عبارة عن نفاق وسياسة الكيل بمكيالين لأنه يشمل فقط إسرائيل وليس 200 نزاع آخر يدور في العالم".
وأضاف "الاقتصاد الإسرائيلي متين وقادر على التغلب على هذه الخطوة، ولكن الطرف الذي سيتضرر منها سيكون الفلسطينيون الذين يعملون في المصانع الإسرائيلية"، معتبرا أنه "يجب على الاتحاد الأوروبي أن يخجل من نفسه".
واتهمت وزارة الخارجية الإسرائيلية الاتحاد الأوروبي بأنه تسبب عبر هذا "الإجراء التمييزي" الذي اتخذه "لأسباب سياسية"، بمزيد من التعقيد في عملية السلام مع الفلسطينيين المتوقفة منذ ربيع 2014. وعبر المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية عمانوئيل نحشون في بيان عن استيائه إزاء سياسة "الكيل بمكيالين" التي اتهم الاتحاد الأوروبي بممارستها بينما هناك أكثر من مئتي نزاع على أراض في العالم وتواجه إسرائيل حاليا "موجة ارهاب".
وأضاف أن "وضع ملصقات على المنتجات لا يؤدي إلى دفع عملية السلام قدما بين إسرائيل والفلسطينيين بل بالعكس".
وتابع المتحدث أن هذا الإجراء "يمكن أن تكون له انعكاسات على العلاقات بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي".
حتى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قال في أيلول (سبتمبر) الماضي إن مبادرة الاتحاد الأوروبي تذكر بـ"حقبة كانت توضع فيها ملصقات على منتجات اليهود" في إشارة إلى النازية.
وسبق وحذر المسؤولون الإسرائيليون الاتحاد الأوروبي من "تبعات" توجيهاته المتعلقة بملصق المنشأ.
وأول من أمس قال رئيس البعثة الإسرائيلية لدى الاتحاد الأوروبي في بروكسل ديفيد والزر "منذ بدء مهام الفريق الجديد على رأس الاتحاد الأوروبي (قبل عام) قلنا بوضوح في إسرائيل إننا مرتاحون لمساهمات الاتحاد الأوروبي في عملية السلام. وما يحصل (الآن) قد يرغمنا على إعادة النظر" في موقفنا هذا.
واعتبر أن "الأمر يتعلق بقضية سياسية وبإجراء سياسي وسوف تكون له اذن تداعيات سياسية".
ويسعى الاتحاد الأوروبي إلى إعادة إطلاق عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين عبر اللجنة الرباعية الدولية للشرق الاوسط التي تضم إلى جانب الاتحاد الأوروبي، الولايات المتحدة والأمم المتحدة وروسيا.
وأمام غضب الحكومة الإسرائيلية سعى الاتحاد الأوروبي إلى التقليل من أهمية خطوته. فأكد نائب رئيس السلطة التنفيذية الأوروبية فالديس دومبروفسكيس في مؤتمر صحفي أمس أنها "مسألة تقنية وليست موقفا سياسيا"، مذكرا بأن الاتحاد "لا يدعم اي شكل من اشكال مقاطعة او فرض عقوبات على إسرائيل".
وأضاف أن وضع الملصق له علاقة بسياسة حماية المستهلك في الاتحاد الأوروبي الذي تشكل دوله الـ28 سوقا يعد 500 مليون شخص، موضحا أن "المفوضية توفر ارشادات إلى الدول الاعضاء والهيئات الاقتصادية لضمان توحيد تطبيق التشريعات المتصلة بتحديد منشأ منتجات المستوطنات الإسرائيلية".
وأشار دمبروفسكيس إلى أن قرار الاتحاد الأوروبي الذي جرت مناقشته منذ 2012 "ليس تشريعا جديدا او سياسة جديدة، انه يوضح بعض العناصر المتصلة بالتفسير والتطبيق الفعال للتشريع الأوروبي القائم".
ويلزم القرار من الان فصاعدا الصناعات الغذائية وشبكات التوزيع بالاشارة على ملصقات المنشأ إلى ان البضائع تأتي من المستوطنات التي لا يعتبرها الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي جزءا من إسرائيل.
وتشير الملصقات على المنتجات الواردة من المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية بالضفة الغربية والقدس الشرقية، وكذلك هضبة الجولان السورية المحتلة، إلى انها مصنعة في إسرائيل وهذا يعتبر مخالفا للقانون الدولي.
وتشكل السلع المعنية وغالبيتها منتجات زراعية (فاكهة وخضار ونبيذ) ومستحضرات تجميل، "أقل من 1 %" من مجمل المبادلات التجارية بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل أي ما قيمته 154 مليون يورو في 2014 بحسب أرقام المفوضية.
لكن فضلا عن تأثير القرار الأوروبي على الميزان التجاري، تخشى الحكومة الإسرائيلية اليمينية برئاسة بنيامين نتانياهو من ان يؤدي التدبير الأوروبي ايضا إلى "دعم وتشجيع" حركة المقاطعة العالمية التي تكتسب زخما للدولة العبرية.
وقال المندوب الإسرائيلي لدى الاتحاد الأوروبي بأسف إن خطوة الاتحاد الأوروبي "ستدعم وتشجع" "الحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها".
ورحبت السلطة الفلسطينية من جهتها بقرار وضع وسم المنشأ على المنتجات الواردة من المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لكنها اعتبرته غير كاف.
وقال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي "نرحب بالخطوة الأوروبية وإن كانت متأخرة وغير كافية"، داعيا الاتحاد الأوروبي إلى "مقاطعة شاملة للمستوطنات والاستيطان".
وبدوره رحب أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات "بهذه الخطوة الأوروبية، وندعو الاتحاد الأوروبي إلى مقاطعة شاملة وكاملة للمستوطنات الإسرائيلية"، مضيفا أن "الاستيطان جريمة حرب ومقاطعة المستوطنات والمستوطنين هو تطبيق للقانون الدولي والشرعية الدولية".
إلى ذلك أعربت اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل في بيان عن ارتياحها للقرار الأوروبي الذي يدل برأيها على ان الحكومات الأوروبية اصبحت اكثر ميلا للقيام ببعض الخطوات "ضد انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي".
وأضاف المنسق العام للجنة المقاطعة الفلسطينية محمود النواجعة ان وضع ملصقات على عدد صغير من المنتجات الإسرائيلية "ليس ردا بمستوى حجم جرائم الحرب الإسرائيلية المتواصلة".وبالتزامن مع ذلك، صادقت الهيئة العامة للكنيست الإسرائيلي أمس، بالقراءة المبدئية" على مشروع قانون يمنع منح تأشيرة دخول، أو تأشيرة مكوث في إسرائيل، لأي شخص أو ممثل لشركة أو لمنظمة أو لجمعية، تدعو لمقاطعة إسرائيل، بموجب تعريف القانون للمقاطعة، الذي أقره الكنيست في العام 2011.
وجرى إقرار القانون بتأييد 55 نائبا من الائتلاف بالإضافة إلى بعض نواب المعارضة، مع اعتراض 31 نائبا، فيما برز دعم كتلتي المعارضة "يسرائيل بيتينو" بزعامة أفيغدور ليبرمان، و"يوجد مستقبل" بزعامة يائير لبيد، إما بالتصويت المؤيد أو التغيب عن جلسة التصويت، لضمان فجوة بين المعارضة ومؤيدي القانون. وبادر لهذا القانون النائب يانون ميغال من كتلة المستوطنين "البيت اليهودي"، ومعه 21 نائبا من كتل مختلفة.
وصادقت الحكومة على مشروع القانون قبل أكثر من ثلاثة أسابيع، إلا أنه على غير عادة جرى تأجيل طرح القانون للتصويت عليه في الكنيست، وكما ظهر أمس، فقد كان الهدف منه أن يشكل خطوة رد على قرار الاتحاد الأوروبي. -(وكالات)

اضافة اعلان

[email protected]