صراخ وعصبية.. غضب يصل أحيانا إلى عراك بالأيدي وتراشق بألفاظ نابية، وملامح شرّ ترتسم على وجهي سائقين يقفان وسط الشارع بعد اصطدام مركبتيهما والتسبب بحادث بسيط لم يسفر عنه أي ضرر!.
مشهد يتكرر، ونراه في كل يوم عبر حادث مروري يعرقل حركة السير مدة طويلة، وعند المرور من جانبه يتبين، أحيانا، أنه بسيط للغاية، ولم يكد يسبب ضررا للمركبتين.
غير أن المشكلة تكمن في أحيان كثيرة في عناد سائقين يتملكهما الشرّ والغضب والاستنفار والإصرار على انتظار الشرطة المرورية لفتح “كروكا” لحادث بسيط، ولتكون النتيجة إهدار وقت الأفراد وعرقلة مشاريعهم بسبب الصدفة التي شاءت لهم يومها المرور من ذلك الشارع.
ذلك الوقت المهدور لا شيء يبرره في مشكلة باتت تتسيد شوارعنا، وتنمّ عن ضعف في الثقافة المرورية، وعدم تحلي بعض السائقين بذائقة أخلاقية كانت ستسهم في تخفيف أعباء الطرق والحد من تفاقم المشكلة.
كثير من الناس شاهدوا خلال مرورهم بأحد الشوارع شجارا تحول وتطور إلى عراك بالأيدي بسبب حادث مروري، لأن كل سائق مصرّ على أن يضع اللوم والحق على الطرف الثاني من دون مراعاة آداب الطريق أو احترام المارة.
المشكلة لا تتوقف في كثير من الأحيان عند الحادث البسيط الذي قد يستغرق وقتا لفك رموزه المعقدة، لا بل يتعدى ذلك إلى إصرار كل من يمر بجانب الحادث على النظر وبإمعان إلى حجم الحادث وتداعياته وإلى أين سيصل، مع حسن الإنصات الجيد للمفاوضات بين السائقين وما سيسفر عنها من تفاهمات!!
أما “الكروكا” فهي قصة أخرى، فرغم كل ما تقدمه إدارة السير من خدمات مرورية على الطرقات، إلا أنها وفي أحيان تتأخر في الوصول إلى مكان الحادث، ما يجعل الوقت المهدور بالازدحام طويلا، واحتمالية تفاقم المشكلة أكبر حتى لحظة معرفة المتسبب والمتضرر.
غضب الطريق الذي يسيطر على السائقين خلف عجلة القيادة، مشكلة نختبرها يوميا في شوارعنا، بسبب غياب ثقافة التسامح والإصرار على تضخيم حجم المشكلة، وكأن الأمر يتحول إلى انتقام كل طرف من الآخر.
أتساءل: ما المشكلة في أن يقوم السائق المخطئ بالاعتذار من الآخر فور نزوله من مركبته حتى يخفف من حدة التوتر؟ هل ستتأثر كرامته وتمسّ كبرياءه إن بادر ومدّ يده للسلام على السائق الثاني، وابتسم في وجهه وتحدث معه بكل طيب خاطر وهدوء وعن الطريقة المرضية لحل الأمر من دون أي مشاكل؟ هل في ذلك معضلة كبيرة؟
أعتقد أن تطبيق ذلك سيساهم في ترطيب الأجواء وايجاد حل سليم للمشكلة، غير أن بعض الأفراد لا يعترفون بالخطأ، ويصرون على ترحيله للطرف الثاني، وكأن ما حصل مسألة شخصية موجهة ضدهم.
ثمة غياب واضح للتوعية المرورية وآداب القيادة واحترام الآخرين لدى كثير من السائقين، الأمر الذي يحتاج إلى تثقيف، وقبل كل ذلك قيام الشخص بمراقبة ذاتية لتصرفاته، وتعزيز قيم التسامح لديه والحد من الغضب الذي يمكن أن يسفر نتائج لا تحمد عقباها.
هناك دعوتان، واحدة موجهة للمواطن بأن يزيد من مستوى الانتباه لديه على الطريق والنظر بعين التسامح الذي له اثره الطيب على القلوب، والثانية موجهة إلى إدارة السير، التي نقدر جهودها، ونتمنى أن تبادر إلى حل سريع للأزمة المترتبة على وقوع أي حادث على الطريق.
شــرطي لكل سائق!
شكرا لك سيدة فريهان لطرح هذا الموضوع الذي يتناول سلوكا اجتماعيا بارزا بوضوح…….
الأمر ليس مجرد سلوكيات تبرز وتأتي كنتيجة لتماس أو احتكاك بين سيارتين أو سائقين، القصة المريرة هي الحالة المرورية في الاردن ، هي مأساة احترام المواطنين لقوانين السير والالتزام بها ، للأسف اصبحت قوانين السير جزءا من الماضي ، تراثا مدنيا يدرسه ويتعلمه من يتلقون التدريب في مراكز التعليم وينظر لهم بعين النقيصة، من يستعمل الغمازات ويحترم الأولويات ويتقيد بالتهذيب اصبح ابلها أو معتوها حديث العهد بالسواقة ، ومن يعطي فرصة لعبور سيارة أمامه أو يترك سربا يقطع الطريق عليه يتلقى من الشتائم والأوصاف ممن خلفه بحيث يرتقي الحمار عليه في سلم الذكاء …………الطريف في الأمر أن من يقومون بمثل تلك المظاهر الحضارية والمهذبة جدا سترينهم يتصرفون وفقا لأجندة الكرم العربي والنخوة والايثار دون السيارات ولكن بمجرد استلام دفة القيادة تتغير لائحة الفضيلة والمبادىء والمسيطر هنا ليس شريعة العقل والقانون بل هي شريعة فن المخالفة والعناد وكأن الشيطان الغائب قد حضر لقيادة السيارة، في حقيقة الأمر ما بني على باطل لا يتحول إلى باطل مثله فقط بل يتعداه ويقفز فوقه إلى منزلة أعلى في الانحطاط والانحراف والبطلان، لا أعتقد بأن مجتمعا يغرق في الجهل والتعصب والنزق مؤهل كي يمتلك سيارات فاخرة أو حتى متوسطة لأن امتلاك مثل ذلك على هذه القاعدة يماثل وضع التفاحة بين الأشواك و سيترجم التقنية إلى نقمة وسيحول أخلاق المنحرف إلى أخلاق وحش حقيقي ………….