أفكار ومواقف

فاروق الشرع: الرواية المفقودة

صدر قبل فترة عن المركز العربي للبحوث والسياسات في الدوحة، كتاب “الرواية المفقودة” للنائب السابق للرئيس السوري فاروق الشرع. وفي تقديمه للكتاب، يرى الشرع أن الكتاب يمثل تجربته ومشاهداته التي عايشها كوزير للخارجية السورية. فقد دخلت المنطقة بعد حرب الكويت العام 1991، مرحلة جديدة، إذ أعلن الرئيس الأميركي جورج بوش (الأب) عن التزام الولايات المتحدة العمل من أجل سلام شامل ودائم في منطقة الشرق الأوسط، على أساس قراري مجلس الأمن 242 و338. ويقول الشرع في شرح المرحلة الجديدة التي يسميها “ما بعد حرب الخليج”، إنها تطرح أسئلة عديدة، سيبقى معظمها من دون أجوبة نهائية. لكن سيظل السؤال الأهم هو أن تمتلك دولنا زمام المبادرة في إرساء قواعد الأمن والاستقرار في منطقتنا.
عقد مؤتمر للسلام في الشرق الأوسط في العاصمة الإسبانية مدريد، في العام 1991، بعد سلسلة طويلة من المشاورات والخلافات. واستؤنفت المفاوضات في واشنطن. وجرت انتخابات إسرائيلية فاز فيها حزب العمل بقيادة اسحق رابين. وكان سقوط اسحق شامير في تلك الانتخابات بمثابة عقبة أزيحت أمام الوفود العربية المفاوضة. وقد تقدمت المفاوضات بالفعل بمجيء رابين إلى السلطة. وجرت سلسلة طويلة من اللقاءات في جولة وراء جولة تستمر أياما طويلة في واشنطن، وكأنها استنزاف نفسي. وفي الوقت نفسه، كانت تتسرب معلومات عن لقاءات سرية تجري بين الفلسطينيين والإسرائيليين (في أوسلو) في مسار مستقل عما يجري بين الإسرائيليين والوفد الفلسطيني المعلن للتفاوض.
يفسر الشرع دبلوماسية أوسلو بأنها تهدف إلى كسر التنسيق القائم بين دول الطوق، ومن ثم إلغاء شمولية الحل السياسي كأمر واقع على جميع الجبهات. وقد تم النجاح بفصل المسار الأهم، وهو المسار الفلسطيني. ويعتقد أن السلوك الأميركي والإسرائيلي في المفاوضات كان مسرحيا للتغطية على القناة السرية، وأنه لم يكن ثمة هدف فعلي تسعى إليه إسرائيل سوى الاتفاق الفلسطيني الإسرائيلي، كما أن المصريين كانوا يعرفون عن الاتفاق ويدعمونه، ويخفون معرفتهم بما يجري عن السوريين.
بعد “أوسلو”، جرى لقاء في جنيف بين كلينتون والأسد في 16 كانون الثاني (يناير) 1994. ولم يكن في اللقاء اهتمام بالعلاقات السورية-الأميركية؛ ففي الاجتماع الذي استمر أربع ساعات، بُحثت مسألتان: مصير الطيار الإسرائيلي آرون آراد، ونشاط حزب العمال الكردستاني في سورية. ومن جهته، طرح الأسد مسألتين: إن إيران دولة مهمة وذات صدقية، ولم تقف مع العراق في الحرب بعد احتلال الكويت العام 1990، وإمكانية التوصل إلى حل في مسألة لوكربي.
الكتاب وثيقة مهمة، تاريخية وأدبية أيضا، تمثل المفاوضات مع إسرائيل الجزء الأكبر منه، وإن تحدث المؤلف عن قضايا أخرى تاريخية، بعضها ذكريات وأحداث تبدو استطرادا؛ مثل التطورات السياسية في تركيا، وتشكيل مجلس التعاون العربي والاتحاد المغاربي. وفي عرض الأحداث بتواريخها وأسمائها وكثير من التفاصيل، يشكل الكتاب بالتأكيد مصدرا أوليا للتعرف على مرحلة في التاريخ العربي وتفاعلاتها التي أعقبت انهيار الاتحاد السوفيتي وانتهاء الحرب الباردة لصالح الولايات المتحدة. ويعتبر الكتاب بهذا المنظور مهما وضروريا للثقافة العربية، وجاء بلغة أدبية متقنة، يبدو أنها مزيج من مهارات المؤلف ومواهبه اللغوية والأدبية وثقافته الواسعة، إضافة إلى اللغة والمهارات التحريرية والمعرفية المتقدمة لمحرر الكتاب الأستاذ محمد جمال باروت.
ولفت اهتمامي قول الشرع عن تجربته مع الملف اللبناني بأنها تجربة جعلته ينفر من الغوص في الشأن اللبناني الذي كما يقول، لا تنفع فيه “الذمم” واحترام “العهود”؛ فكل شيء قابل للانقلاب عليه والنكوص عنه، وهذا ليس عمل وزير خارجية بل عمل رجال أمن يجيدون العمل مع المليشيات.

تعليق واحد

  1. "ياسر عرفات لاعب سياسي ماهر"
    استاذ غرايبة "لايحس بالنار الإ عايش بين جمرها" وحقيقة تبقى روايات مفقودة كثيرة ؟؟ ربط الأحداث المتتابعة ماقبل وبعد قيام الثورة الفلسطينية وضع القيادة الفلسطينية في حالة معايشة الواقع العربي بكل تجلياته حتى وصل بالسيد عرفات بطلبه من القيادات العربية ان تعلن تخليها عن القضية الفلسطينية امام الشعب العربي وهوعلى استعداد ان يحارب الكيان الصهيوني من الصين؟؟ وهذا ليس تخلي عن سبب رئيس بدونه قد لايستطيع الفلسطينين تحقيق اهدافهم؟؟ خطوة ياسر عرفات وهدفها المبطن "ديمومة القضية الفلسطينية حتى لو دخل فم الوحش؟ نقل قواعد الإشتباك من نقطة الصفر رغم التضحيات الجسام "طريدا اوشهيدا" حيث يده اصبحت مكبلّة لاوبل يريدون اخراسه؟؟ وهذا جسدته اتفاقية بيروت حيث تم اخراج المقاومة الفلسطينية ؟؟ ؟؟ وهذا مما دفعه الى اوسلو بمواجهة العدو وجها لوجه سياسة ومفاوضات وصولا بدخوله غزّة واريحا اولا؟؟ اما ما لفت انتباهك وتصريح السيد الشرع الخجول المبطن فهو محصلّة سياسة الأسد بتسكين حكم المليشيات الطائفية من خلال عملية التوازن ما بينها من خلال المتابعة الحثيثة وجز اي منهم في حالة التجاوز لرسمته اوتغول احدهم على الأخر وهذا مايؤكد عدم استقرار الإتفاقيات والمواثيق التي كان يستميل كل على انفراد حتى اصبحت دمشق محج كل مشايخ الطوائف؟؟ والأنكى بداية حاول جز القوات الفلسطينية في وسط بيروت (حصل قتال بين سرايا رفعت الأسد والكفاح المسلح الفلسطيني سقط قتلى وجرحى) واللعب مع ابوعمّار اللعبة اياها؟؟ والسيد الشرع يعلم كيف تم شرخ حركة فتح واغتيال الشهيد اللواء سعد صايل على ارض المقاومة والممانعة والكثير الكثير من الروايات المفقودة؟

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock