"فاقد الكهرباء".. اغتيال صامت للمواطن

عندما يكون هناك فاقد بالكهرباء نسبته السنوية تبلغ 12.7 بالمئة، أي بما يُعادل أكثر من 150 مليون دينار سنويًا.. فإن ذلك مدعاة للتساؤل والاستغراب والاستهجان، وحتى يمكن التندر. كما يكون بالتأكيد سببًا للتشكيك بأولئك القائمين على شركة الكهرباء الوطنية (نيبكو)، التي وللأسف تتحمل نصيب الأسد من تلك التكلفة، أو بمعنى أصح “الفاقد”، إن لم يكن كامل التكلفة.اضافة اعلان
رئيس لجنة الطاقة والثروة المعدنية النيابية حسين القيسي ركز كثيرًا، خلال اجتماع عقدته اللجنة لمناقشة والتأكد من سلامة ودقة فواتير الكهرباء لشهري كانون الأول وكانون الثاني، على موضوع لماذا تتحمل شركة (نيبكو) تلك التكلفة وحدها!.
لكن الظاهر، أن شركات توزيع الكهرباء المختلفة، هي المستفيد الأول والأخير، كونها لا تتحمل كلفة “الفاقد” من الكهرباء، والتي تُعتبر نسبتها مرتفعة جدًا، وخصوصًا عند مقارنتها بما تجنيه من أرباح، وما تتحصل عليه من أموال، غير مفهومة من جيوب المواطنين، من قبيل أجرة عداد شهرية، رغم أنه يدفع قيمته كاملة عند عملية “التركيب”، وما إلى ذلك كبدل محروقات.
أي مؤسسة أو شركة تُقدم خدمات للمواطنين، تتحمل تلقائيًا، الأخطاء أو الخلل، في حال وجد، فهذا يقع على عاتقها، إلا شركات توزيع الكهرباء، لا تتحمل ذلك أبدًا، ما يضع ألف علامة استفهام… إن ذلك يدعو إلى ضرورة مراجعة الاتفاقيات الموقعة بهذا الشأن من قبل جميع الأطراف.
عشرات الآلاف من المواطنين ارتفعت قيمة فواتير الكهرباء الخاصة بهم إلى مستويات ليست بسيطة تراوحت ما بين 7 بالمئة و10 بالمئة، خلال ذلك الشهرين، وصلت قيمتها المالية أكثر من مئة ألف دينار.
وما يدعو للضحك، أن شركات توزيع الكهرباء، كان تبريرها حول الزيادة في ارتفاع قيمة فواتير الكهرباء، هو الزيادة في الاستهلاك، جراء استخدام أجهزة تكييف وسخان الماء الكهرباء، بحجة انخفاض درجات الحرارة.. وكأن المواطن لا يستخدم أجهزة التكييف في فصل الصيف، حيث لا ترتفع قيمة الفواتير إلى مستويات غير معقولة… فضلًا عن أن تلك الشركات “تتفنن” بتكرار الاسطوانة “المشروخة” والتي تتمحور حول دعوة “المعترضين” إلى تقديم شكاوى!.
الكثير من المواطنين، يقولون بأن سبب ارتفاع فواتير الكهرباء في هذين الشهرين، هو أن شركات الكهرباء تقوم بتوزيع قيمة “الفاقد”، وكذلك قيمة السرقات التي تحصل، على فواتير هذين الشهرين… حتى “الخلل” في عدادات الكهرباء، يتحملها المواطن.
كل ذلك، يدعو إلى ضرورة إيجاد حل جذري وعادل لهذه المشكلة أو القضية، والتي ترتقي إلى مستوى أزمة، فالمواطن يلهث طوال اليوم، وأصبح غير قادر على تأمين الحاجات الأساسية له ولأفراد أسرته، فنحو ثُمن راتب المواطن، إن لم يكن أكثر، يذهب كسداد لفاتورتي الكهرباء والمياه… وحتى عندما يتشجع ويذهب ليتقدم بشكوى إلى شركة الكهرباء، التي تؤدي الخدمة، فإنه يتوجب عليه أن يدفع خمسة دنانير مقابل ذلك، هو بحاجة ماسة إليها، على الأقل هذا المبلغ يكفي لشراء خبز لعائلته لمدة خمسة أيام.
ووصلت “العنجهية” بهيئة تنظم قطاع الطاقة والمعادن، أنها رفضت مقترحًا تقدم به رئيس لجنة الطاقة النيابية، يتضمن أن تقوم شركات الكهرباء بتوزيع قيمة الارتفاع الحاصل على فواتير الشهرين المذكورين على بقية أشهر العام، وذلك بُغية التخفيف عن المواطن، الذي يُعاني الأمرين.