فرصة ذهبية تضيع!

رغم أن بداياتها كانت غير محظوظة، حيث اصطدمت بما باتت تُعرف بـ»حادثة البحر الميت»، التي راح ضحيتها 22 شخصًا جلهم من طلبة مدرسة خاصة في عمان، إلا أنه بعد ذلك، وبالتحديد في بداية جائحة فيروس كورونا المستجد، التي ضربت دول العالم الأجمع، حصلت حكومة عمر الرزاز على درجة امتياز في بداية التعامل مع هذا الوباء. نعم، درجة امتياز حصلت عليها حكومة النهضة في البداية، وكان في استطاعتها البناء على ذلك، لتمهد الطريق وتُعبده لها وللحكومات التي ستأتي بعدها، في تقليص الفجوة التي حدثت بين الحكومات المتعاقبة والمواطنين، على مدى عقود مضت، أو القضاء على تلك الفجوة نهائيًا. في بداية أزمة كورونا، كان جل الشعب الأردني مع كل خطوة وقرار وإجراء اتخذته الحكومة، وكان داعمًا لها بكل ما أؤتي من قوة، سواء أكانت مادية أو معنوية.. لكن بعد ذلك، انقلب كل شيء بشكل عكسي، لدرجة أن بعضهم صار يتندر بالقول: «حسدنا الحكومة» أو «عين وأصابت الحكومة». يستغرب أعضاء بحكومة النهضة، وكذلك رئيسها، من أن هناك أناسا يشككون بقرارات تتخذها أو إجراءات تُقدم عليها، أو ما تُصرح به من زيادة أعداد المصابين بذلك الفيروس اللعين. وبعيدًا عن التشكيك بأرقام المصابين بـ»كورونا»، فذلك يستطيع أي كان إثباته من خلال حصر المصابين في المستشفيات.. لكن الحكومة بأعضائها عليهم أن لا يستغربوا من التشكيك بأي قرار أو إجراء آخر يُتخذ. فمع انتهاء العشرينية الأولى من القرن الواحد والعشرين، ووصول ثورة تكنولوجيا المعلومات إلى ذروتها ودخولها كل بيت تقريبًا، من حق المواطن أن يعرف ما الغرض أو الهدف من قرار ما أو إجراء معين، وخاصة في وقت أصبح فيه المواطن الأردني يحتاج إلى كل دينار، كونه مطالبا إما بإيجار بيت أو قسط بنكي أو تعليم أبناء أو تأمين علاج أو دواء له ولأفراد أسرته. فمن حق الشعب أن يعرف ما الاتفاق الذي جرى بين الحكومة وصندوق النقد الدولي، الذي يتضمن عدم احتساب مديونية المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، ضمن مديونية الدولة، التي على أساسها تنخفض المديونية الى ثمانين بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بدلًا من 101 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. ومن حق الشعب أيضًا أن يعرف وبأدق التفاصيل لماذا يتم استنزاف أموال مؤسسة الضمان، التي هي بالأصل أموال الشعب وتعبهم وجهدهم، أو بمعنى ثان «تحويشة» العمر، كي يستطيع الأردني أن يعيش بدرجة الكفاف في خريف عمره. ومن حق الشعب أن يعرف حجم المبالغ المالية التي تم جمعها، جراء جائحة كورونا، وطرائق صرفها والجهات التي استفادت منها، وكذلك أين كانت وجهت النصف مليار دينار التي منحها البنك المركزي، بُغية إعطاء قروض لشركات ومؤسسات ومصانع تأثرت بتلك الأزمة، مقابل سعر فائدة لا يتجاوز الـ2 بالمئة. إذا استطاعت حكومة النهضة الإجابة بكل شفافية ومصداقية عن تلك الأسئلة وما شابهها.. بعد ذلك لن يستغرب وزراء الرئيس الرزاز من التشكيك بقراراتهم وإجراءاتهم، لأنه حتمًا لن يكون هناك أي تشكيك من قبل أبناء الشعب الأردني، بل ستكون الحكومة قضت على فجوة عدم الثقة، التي تتعمق بينها وبين المواطن. فرصة ذهبية أضاعتها حكومة الرزاز، لتقليص تلك الفجوة أو القضاء عليها.. فالمواطن الأردني أثبت أنه قادر على التحمل حتى فوق استطاعته، فالأزمات التي مر بها الوطن تشهد بذلك، لكن شريطة أن يكون هناك صدق واحترام له ولعقله.اضافة اعلان