فرق الشمال: حكاية نصف قرن بين المنافسة وصراع البقاء

figuur-i
figuur-i

إربد -الغد - حاولت فرق الشمال الكروية خلال ما يزيد على نصف قرن من الزمن، الدخول في “صراعات كروية” مع فرق العاصمة ومنافستها على الألقاب والبطولات، وكان فريقا الرمثا والحسين هما الأشد شراسة في مزاحمة فرق العاصمة على الالقاب الكروية، حيث أن “الغزلان” و”الغزاة” عاشا صراعا شديدا مع فرق العاصمة على البطولات، وفي ثنايا هذا الصراع ظهرت فرق عدة ذاقت طعم المجد للحظات، وعاشت حلم النجومية لسنوات معدودة، لكن “نزواتها الكروية” القصيرة لم يكتب لها النجاح، بسبب عوامل مختلفة كالأزمات المالية الطاحنة وغياب الدعم الرسمي وأسباب أخرى.
الرمثا كان البداية.. والحسين حكاية
الرمثا كان له قصب السبق في إخراج لقب دوري الكبار من خزائن فرق العاصمة، عندما فاز بلقب الدوري موسمي 1981 و 1982.
الرمثا كان الظاهرة الرائعة للدوري خلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، بقوة عروضه ومتعة أدائه التي جلبت الجماهير للمدرجات، وعلى دربه سار جاره ورفيق دربه الحسين إربد، الذي شكل مع الرمثا في سنوات ماضية، رقما صعبا في معادلة المنافسة على الألقاب المحلية، وصاغا احلاما وردية لأبناء الشمال.
لقد عززت صحوة الفريقين في المواسم الاخيرة، ثقة الجمهور الأردني بأن الدوري سيعود سليما وقويا معافا، لأن الكرة تستمد جزءا من عافيتها إذا ما كانت صحة الفريقين سليمة، فعودة “الغزلان والغزاة” تعني عودة الروح للدوري.
وعلى خطى الفريقين، يسير فريق الصريح كصرخة كروية قادمة وبقيادة إدارية واعية تعمل باحترافية، لذلك قد يتمكن الفريق مستقبلا من تغيير موازين القوى ويدخل الى الساحة كرقم صعب في معادلة المنافسة.
البحث عن فرق ضائعة
هناك فرق من الشمال اختفت من خريطة الدوري وغابت عن عالم الأضواء والشهرة، نتيجة سوء التخطيط والعامل المادي الذي كان حاضرا بقوة ومتهما رئيسا، إضافة إلى تطبيق نظام الاحتراف، وهو ما أثر على “أسلوب حياة” تلك الفرق التي سيطرت “العشوائية” على نظم إداراتها في كثير من الأوقات، لينتهي بها الأمر إلى دوامة النسيان بدوري “المظاليم”، فيما عدا اللقطات النادرة المذكورة بالخير لها من نتائج تاريخية حققتها، أو لاعبين تحولوا إلى نجوم فيما بعد في سماء الكرة الأردنية.
فالنادي العربي صاحب التاريخ الكروي العريق وحامل لقب كأس الأردن موسم 1986، ومنه برز وتخرج ألمع نجوم الكرة الأردنية حاليا، كأنس بني ياسين وسعيد مرجان ويوسف الرواشدة وياسر الرواشدة وإحسان حداد ومحمود البصول وغيرهم، ما يزال يعاني منذ سنوات في دوري اندية الدرجة الأولى، حاله كحال فريق كفرسوم حامل لقب درع الاتحاد موسم 1998.
الأغوار تحتاج لـبنية تحتية
بالنسبة لفرق الاغوار الشمالية التي سبق وان مثلها فريق الشيخ حسين في دوري الأضواء، فالأمر مختلف ويحتاج إلى نظرة عميقة، نظرا لظروف هذا الجزء الغالي من أرض الوطن، فالموضوع هنا لا يتعلق بناد رياضي تعثر أو فريق كرة قدم خفت نجمه، إنما أكثر من ذلك بكثير، فأندية الاغوار ظهرت على فترات ثم اختفت مرة أخرى لكن لظهورها واختفائها أسباب مختلفة، خاصة وأن الرياضة هناك تعانى من إهمال شديد كباقي المجالات الأخرى.
ويرى متابعون أن الأزمة داخل أندية الاغوار تتخطى مسألة الدعم المادي، بقدر ما تكمن في البنية التحتية من ملاعب لممارسة اللعبة وغيرها من متطلبات الحياة الرياضة.

اضافة اعلان

البقية.. الصاعد منها هابط
هناك أندية اخرى صعدت وتنفست هواء وأضواء “النجوم”، وبعضها لأكثر من موسم مثل الكرمل والجليل واتحاد الرمثا والطرة والشيخ حسين، لكن الظاهرة المشتركة بين هذه الفرق مجتمعة هي “قاعدة الصاعد فيها للدوري.. هابط لا محالة في الموسم التالي”، لأن الظروف تعاكسهم بصورة كبيرة، منها على سبيل المثال لا الحصر سوء التخطيط الإداري وقلة الموارد المالية وضعف ميزانية النادي، التي لا تكفي للتنقل للعب المباريات فقط، دون النظر إلى باقي التكاليف من مستحقات لاعبين وجهاز فني ومعسكرات وغيرها من متطلبات فرق كرة القدم.
اختفاء أندية.. إنذار للبقية
الحياة بشكل عام لا تقف على أحد، وهو الحال بالنسبة لـ”لساحرة المستديرة”، فلن تتوقف على لاعب فذ اعتزل أو فريق كبير جار عليه الزمن، لكن مصير هذه الأندية هو إنذار لبقية الفرق مثل الرمثا والحسين والصريح والعربي وغيرها، التي تعاني من الأزمات ليل نهار، وتضطر إلى بيع نجومها في نهاية كل موسم، لكي يمكنها استكمال مسيرتها في الكرة الأردنية.
ويخشى القائمون على أندية الشمال في ظل الأوضاع والظروف المالية الصعبة التي تعيشها أنديتهم، من أن تتحول هذه الأندية الى “فقاسات” لتفريخ اللاعبين للأندية الأخرى، وتصبح مهددة بفقدان نجومها أمام اغراءات المال والشهرة، ومعها تتجذر معاناة الأندية وتراجعها وغيابها عن خريطة المنافسة.