فشل السياسة الأميركية!

العديد من السياسيين وحتى المراقبين العرب يعلنون عندما يناقشون أوضاع المنطقة ان السياسة الأميركية فشلت سواء في فلسطين او العراق، لكن السؤال هل حقا فشلت السياسة الاميركية؟!

اضافة اعلان

وربما يكون جزءا من الجواب ان ما لم يتحقق هو ما نعتقد انه الهدف الحقيقي للسياسة الاميركية. ولهذا نحكم عليها بالفشل. فإذا كنا نتحدث في الموضوع العراقي، مثلا، فإن بعضا يعتقد ان ما جاءت من اجله اميركا هو إزالة نظام حكم قالت انه غير ديمقراطي، وأنها ستسعى بعد إزالته الى بناء عراق قوي متماسك صاحب اقتصاد قوي وحكومة قوية بهوية واضحة يعيش اهله تحت حكم ديمقراطي. لو كان هذا هو هدف الاحتلال الاميركي للعراق لقلنا ان السياسة الاميركية فشلت، لكن اميركا جاءت بدوافع سياسية عقائدية لتدمير العراق الدولة العربية، والسيطرة على النفط ثانيا وتنشيط سوق السلاح ثالثا، وكل هذا تحقق. واستمرار النجاح يتطلب فتح ابواب الفتنة الطائفية، وإراقة الدماء في كل مكان، وان يعيش العراق في ظل حكومة ضعيفة حتى تبقى الحاجة كبيرة لبقاء قوات الاحتلال.

أميركا تريد صناعة حالة دائمة من الاضطراب والفوضى في المنطقة، لكنها فوضى تلحق ضررا بالشعوب والدول لا تمس مصالحها، وهذا ما تفعله وتعززه فلا تترك بؤرة توتر الا اشعلت فيها نارا, ولا علاقة لما تفعل بما تقول.

وإذا انتقلنا إلى فلسطين القضية الكبرى، وقلب الصراع العربي الصهيوني، فهل فشلت السياسة الاميركية فيها؟ نقول نعم، لو كانت الإدارة الاميركية تسعى بصدق وجد لإقامة سلام حقيقي وبناء دولة فلسطينية حقيقية وإعطاء الشعب الفلسطيني حقه. لكن الحقيقة غير ذلك، فأميركا تدرك حقيقة السياسة والاستراتيجية الصهيونية، وتعلم ان إسرائيل لا تريد ان تعطي شيئا وتريد ان تأخذ ما امكنها من تنازلات. وتعلن ايضا ان اسرائيل لا تريد اقامة دولة فلسطينية حتى وإن كانت شكلية، ولهذا فواجب الادارة الاميركية صناعة الامل والوهم لدى العرب والفلسطينيين بأن الدولة الفلسطينية قادمة. ولهذا يجدد بوش ما بين الحين والآخر وعده بإقامة الدولة، والسنوات تمضي، وها نحن على بعد اشهر قليلة من رحيله ولم يتحقق الوعد، لكن إسرائيل خلال كل هذه السنوات تحقق الكثير من أهدافها بمساعدة الإدارة الأميركية وأحيانا بأيدينا نحن العرب فها هي السلطة بكل ما تحمل من ضعف تنقسم الى جزأين عبر اقتتال وصراع لم يتوقف.

لو كانت الأجندة الحقيقية للإدارة الأميركية إقامة دولة فلسطينية او بناء عراق قوي متماسك خال من الفتن او إعطاء لبنان استقرارا داخليا او حتى مساعدة حلفائها في المنطقة من المعتدلين اقتصاديا وسياسيا، وكان الوضع حاليا كما هو لقلنا ان السياسة الأميركية فشلت، لكن الأجندة الحقيقية غير أجندتنا، والموجود على الارض هو السياسة الأميركية، فتن واضطرابات وغياب استقرار وتعزيز دور الاحتلال الصهيوني، وما تدفعه أميركا مقابل هذا ثمنا قليلا، كما ان أميركا ليست معنية ان كنّا نحن الشعوب العربية والاسلامية نحبها.

فالعقائدية التي تحكمها أهم من رأي عام عربي وإسلامي، والمحاولات التي تتم من إعلام بائس او بعض النشاطات ليس اكثر من ذر للرماد في العيون.

[email protected]