"فوضى التنبؤات الجوية": إرباك للمواطنين والمؤسسات العامة

تعبيرية عن التنبؤات الجوية بريشة ناصر الجعفري
تعبيرية عن التنبؤات الجوية بريشة ناصر الجعفري

اضافة اعلان

أحمد غنيم

عمان- لا تمر دقائق بسيطة حتى تنتشر مئات "البوستات والتغريدات" على مواقع التواصل الاجتماعي عن "حال" المنخفض القطبي الذي ستتأثر به المملكة في الأيام المقبلة، حتى تبدأ التوقعات والتخمينات ويحتدم الجدال.
وبين رغبة المواطنين برؤية الزائر الأبيض، وما لقدومه من خصوصية، يصبحون أكثر اهتماما ومتابعة لوسائل الإعلام وما ينشر على تلك المواقع.
فالمتجول اليوم بين صفحات تلك المواقع، يجد أن أغلبها تتحدث عن الكتلة الهوائية القطبية الباردة حصرا، فهذا يسميها "أم العواصف" وذاك يتنبأ بسمك الثلج المتوقع تساقطه على الأردن، مشيرا إلى أنه سيتجاوز المتر في بعض المناطق.
في غمرة ذلك، يظهر حجم الفوضى في "سوق التنبؤ" إن صحت لنا تسميته بذلك، وما يسببه من إرباك للناس، الذين يعتمدون على وسائل الإعلام في أوقات المنخفضات الجوية أكثر من الأوقات الأخرى، بسبب ما يكتنف هذه الحالة من غموض.
كثير من المواطنين حملوا "فوضى التنبؤ" إلى بعض المتحمسين بدخول مجال الرصد الجوي، عبر إنشاء صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، لا تكلفهم شيئا مقارنة بالمؤسسات الأخرى المعنية بهذا الأمر، بالإضافة إلى غياب المعلومة الصحيحة.
وفي زخم هذه الأجواء المشحونة، تنقسم الآراء حول "ثبوت رؤية" المنخفض من عدمه، كما يفضل ناشطو مواقع التواصل تسميتها، في إشارة إلى الوقت الذي يسبق الإعلان فيه عن رؤية هلال رمضان كل عام.
ويرى المتنبئ الجوي في موقع "طقس العرب" عمر الدجاني، بأنهم لم يبالغوا في وصف الحالة الجوية، بل قدموا قراءة علمية لخرائط احتمالية، مشيرا إلى أن قراءة الخرائط تتغير كل 6 ساعات.
وأكد الدجاني لـ"الغد" أن جميع نشرات الموقع، تحترم عقل القارئ ودور المؤسسات الرسمية من دون مبالغة أو تهويل.
وأشار الدجاني إلى أن الضوضاء الحاصلة في مواقع التواصل الاجتماعي وبالتحديد الـ"فيسبوك"، عليها أن لا تنسي الناس بأن المنخفضات نعمة تحمل الأمطار.
وأضاف أنه في الوقت الذي تأتي فيه منخفضات متكررة على الأردن، لم تهطل قطرة مطر واحدة على المغرب منذ شهرين.
ولا تقتصر المسألة فقط على الإرباك الحاصل في الجانب الافتراضي؛ ففي الجانب الواقعي أمر مماثل، يدفع المواطنين للتهافت على محطات المحروقات والمخابز للتزود بكميات كبيرة من هاتين المادتين، بما ينسجم مع ما يسمعونه من "تهويل" لوسائل إعلام.
يشار إلى أن 60 مليون رغيف خبز وأكثر من 300 ألف اسطوانة غاز بيعت في المنخفض القطبي الذي تأثرت به المملكة أواخر العام الماضي، في حين أنه كان سريعا وبسيطا، ولم يحدث أي إغلاقات في الطرق، او تعطيل للحياة العامة.
ويرى الخبير النفسي الدكتور محمد الحباشنة، أن لجوء الناس لمواقع التواصل والمواقع الإلكترونية للحصول على المعلومات بشأن أي حادثة وما يتبعها من سلوكيات، ترجع إلى عدم الثقة بالمؤسسات الحكومية، وبالتحديد ما تقدمه من أخبار الطقس.
وقال الحباشنة لـ"الغد" إن "المؤسسات الحكومية لم تعد مصدر المعلومة الرئيسة، فالمواطنون لا يتابعون أخبار تساقط الثلوج بمعزل عما يصاحبه من ضعف في البنى التحتية، وتخوفهم من حالات الغرق والسيول والإغلاقات".
إلى ذلك، عمدت بعض المواقع التي تدعي اختصاصها بالطقس، لإطلاق تسميات وأوصاف "مبالغة" على الحالة الجوية المقبلة، حيث بدأ الناس يروجون إلى أن موجتها، ستكون أقوى موجة تضرب المنطقة منذ 80 عاما.
وهذا الزخم من الأخبار، أربك الناس فعلا، وفق ما رصدته "الغد" من تعليقات على المواقع، التي يقول بعض مستخدميها إن "المواطن في الماضي، كان يستيقظ من النوم ليجد الأرض وقد اكتست بحلة بيضاء"، بينما "في زمن التواصل الاجتماعي، أصبحت الثلوج لا ترى إلا في الصور".
ويشدد المعلقون على أن ما أسموه بـ"النق" على المنخفض المقبل، بسبب كثرة الأخبار المتداولة بشأنه، "سيضطره لتغيير مساره وعدم قدومه للأردن".
في المقابل، يرى كثير من الناس أن هذا الزخم مفيد للمواطنين، مستذكرين ما حدث قبل 3 أعوام عندما ضربت العاصفة الثلجية "أليكسا" المملكة، وما سببته من إغلاقات للطرق وانقطاع للمحروقات والمواد الغذائية لأيام بسبب نقص التحذيرات.
يشار إلى أن المملكة تتأثر اعتبارا من الأحد، بكتلة هوائية قطبية شديدة البرودة، مصحوبة بالثلوج المتراكمة والأمطار الغزيرة، وتستمر لعدة أيام.
وأعلنت المؤسسات الرسمية عن خطط لاستقبال الموجة القطبية المقبلة عبر مراكز وغرف عمليات وطوارئ، وشرعت مديريتا الدفاع المدني والأمن العام لإطلاق تحذيرات ونصائح بشأن الحالة الجوية المتوقعة.
في الأثناء، أكدت نقابات أصحاب المخابز والمواد الغذائية والمحروقات، أنها زودت قطاعاتها المعنية بكميات كافية من الطحين والمواد الغذائية والمشتقات النفطية وأعلنت جهوزيتها لاستقبال المنخفض.
فيما أعلنت شركة توزيع الكهرباء حالة الطوارئ القصوى، ومنعت الإجازات لموظفيها لمواجهة تداعيات الموجة القطبية.
وكان وزير الطاقة والثروة المعدنية، الدكتور إبراهيم سيف، توعد المحطات التي تمتنع عن التزود بالمشتقات النفطية بأشد العقوبات القانونية.