‘‘فيكتوريا‘‘.. خفايا برلين في الليل

مشهد من فيلم "فيكتوريا" - (الغد)
مشهد من فيلم "فيكتوريا" - (الغد)

إسراء الردايدة

عمان- ما يميز الفيلم الألماني "فيكتوريا" للمخرج سيباستيان شيبر، أنه صور بلقطة واحدة لم يتم خلالها أي نوع من أنواع القطع.. باستثناء اللقطة الأخيرة "المشهد الوحيد والثابت".اضافة اعلان
"فيكتوريا" ضمن عروض الدورة 30 لمهرجان الفيلم الأوروبي، مغامرة في شوارع برلين ليلا، تتنقل بين أكثر من 20 مكانا مختلفا من خلال البطلة فيكتوريا "ليا كوسيتا"، ومجموعة من الشباب الذين تلتقيهم بعد خروجها من إحدى السهرات، ليجوبوا تلك الشوارع الفارغة، في زمن هو "ليلة واحدة" تتحول من حب ولعب ومزاح إلى مطاردات وتبادل للأعيرة النارية بعد سرقتهم لأحد البنوك.
وهنا ينتقل شيبر من خلال كاميرته التي لا تتوقف عن الحركة لعالم المهمشين، تلتقط عدسته "كيف يتصرف الفرد حتى يشعر بقيمته؟".. وما يترتب عليه من تقدير وتحقيق للذات، وكيف تتصاعد الآمال والطموحات، ولكنها تتكسر فجأة أيضا، ليجوب الشوارع متنقلا بين: مقهى وناد ليلي والمحال التجارية للتسوق.
اللقطة الواحدة
بأسلوب فني اختار شيبر أن يحمل الكاميرا، وينتقل في كل مكان وراء أبطاله، ويلتقط ملامح وجوههم بين الفينة والأخرى، ليحكي عن صراع تلك الشخوص وشعورها بالغربة والبؤس، إلى جانب الحنين للمكان للشعور بالبهجة وصخب الحياة.
ويقع السيناريو في 12 صفحة كتبها شيبر وأوليفيا نيرجارد هولم، مما أفسح المجال للأبطال الأربعة الآخرين ان يرتجلو في الحوار، بينما المارة الآخرين كانوا أشخاصا حقيقيين.  وعليه، تمكن المشاهد من الغوص في عقلية هؤلاء الأبطال، فتحولت الشاشة لمكان فسيح تسكنه الحياة، بحثا عن اجابات لما يريده الفرد، وكيف يتعامل العقل الباطن مع الوحدة والشعور بالفراغ، وهي الحالة التي خلقها المخرج، بحيث تبدو وكأن هنالك ثورة على وشك الحدوث بعد الهدوء والشوارع الخالية.
فالكاميرا المحمولة أظهرت حسا بالتواصل بين الأصدقاء الأربعة، وتحولت لرحلة من المشاعر مليئة بالتوتر والترقب طوال الوقت، دون مؤثرات مبالغ بها.
هذه اللغة السينمائية التي استخدمت عبر تثبيت الكاميرا، وبدون قطع مونتاجي، أضاف مزيدا من الواقعية على ما جرى في تلك الليلة، بحيث غدت الصورة نفسها واقعا بديلا عن الواقع الأصلي، لأنها أكثر واقعية وتضم منجما من الأفكار والصور وحتى الخيال.
سحر وجمال غرب برلين أمر آخر ظهر في الشخصية الرئيسية، التي باتت المحرك الدرامي في السرد، وهي أكثر من أثار أسئلة مختلفة، في مكان لا تنتمي إليه، جعلت الفيلم يبدو كأنه وثائقيا.
"فيكتوريا"، قدم الأبطال الضد أيضا، أي السيئيين الذين قادوا لمغامرة ووقعوا في مطاردات وخلافات مع العصابة وسرقوا بنكا، من خلال تجربتهم التي كشفت الكثير مع تطور الأحداث، حيث قدمت الشخصيات: مليئة بالحيوية، وذات حس فكاهي في البداية.. ولكن تحولوا لمجرمين مع مرور الوقت.