فيلم "حليم": رثاء لأحمد زكي وعبد الحليم حافظ وجمال عبد الناصر

فيلم "حليم": رثاء لأحمد زكي وعبد الحليم حافظ وجمال عبد الناصر
فيلم "حليم": رثاء لأحمد زكي وعبد الحليم حافظ وجمال عبد الناصر

 

   القاهرة - في كانون الثاني (يناير)2005 اعلن صناع فيلم (حليم) عن بدء تصويره في احتفال ضخم بالقاهرة حضره المؤلف والمخرج والممثلون، وبعد 18 شهرا يأتي الفيلم ويذهب بطله أحمد زكي الذي صارع السرطان اكثر من عام الى ان غيبه الموت فكان الغائب الحاضر في عرض خاص للفيلم مساء اول من امس بدار الاوبرا المصرية.

اضافة اعلان

والفيلم الذي يتناول حياة عبد الحليم حافظ وهو المطرب الاكثر شعبية في مصر رغم رحيله منذ 29 عاما يعد مرثية له ولأحمد زكي ولمرحلة المد القومي في الستينيات التي كان رمزها الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر.

  وفي ساحة دار الاوبرا بالقاهرة وضعت اعلانات تحمل لقطات من الفيلم لتنتهي امام المسرح الكبير بمعرض لصور من ابرز اعمال أحمد زكي ،الذي ظل تجسيد حياته حلما لزكي طوال عشر سنوات الى ان تحمست لانتاجه شركة جود نيوز.

وقبل بدء العرض قال الاعلامي المصري عماد اديب منتج الفيلم ان (حليم) ليس مجرد فيلم سينمائي بقدر ما هو "قصة وفاء وتعبير عن تقدير لأخ كبير عاشق للسينما هو أحمد زكي اهم ابناء جيله."

  ثم قدم اديب للجمهور شابا جسد في الفيلم فترة شباب عبد الحليم وهو هيثم أحمد زكي الذي نفى ان يكون احد قد استغل والده لانتاج الفيلم على حساب صحته وحياته مشيرا الى ان دور عبد الحليم "(كان) حلم حياته."

وبعد انتهاء عرض الفيلم حظي زكي الابن بالنصيب الاوفر من التصفيق واعتبره كثير من السينمائيين "المفاجأة الاكثر اهمية في الفيلم" لكنه اشار الى صورة لوالده بطول المسرح ناسبا اليه الفضل. وقال ان والده "اعظم أب واكبر ممثل."

كما قال مؤلف الفيلم السينارست المصري محفوظ عبد الرحمن "هذا الفيلم يهدى لأحمد زكي" حيث شاركنا قبل نحو عشر سنوات في فيلم (ناصر 56).

  وتأجل تصوير فيلم (حليم) الذي يبلغ 145 دقيقة اكثر من مرة بسبب اصابة زكي بسرطان الرئة قبل اكثر من عام على وفاته في اذار(مارس) 2005 حيث خضع لنظام علاجي صارم بين مصر وفرنسا.

وبعد العرض وقف مئات الحاضرين تحية لصناع الفيلم ومنهم المخرج شريف عرفة والموسيقي عمار الشريعي والممثلة المصرية سميرة عبد العزيز والسوريان جمال سليمان وسولاف فواخرجي ولفت الممثل المصري عزت ابو عوف الانتباه بتجسيده شخصية محمد عبد الوهاب.

  ويرصد الفيلم مسيرة عبد الحليم علي اسماعيل شبانة (1929 - 1977) الذي ولد في اسرة فقيرة بقرية الحلوات بمحافظة الشرقية على بعد حوالي 85 كيلومترا شمالي القاهرة حيث كفله عمه نظرا لانه يتيم الابوين ثم اودعه احد ملاجئ الايتام بسبب الفقر. وتلقى اول دروس الموسيقى على يد اخيه اسماعيل شبانة ثم التحق بمعهد الموسيقى العربية بالقاهرة العام 1941. وشهد العام 1952 بدايته حين غنى (صافيني مرة) في احدى الحفلات العامة من الحان محمد الموجي.

وازدادت شهرة عبد الحليم بعد اغانيه لثورة تموز (يوليو ) 1952 في مصر حيث تبارى موسيقيون مصريون في تلحين قصائد كتب معظمها شاعر العامية المصرية صلاح جاهين عن انجازات الثورة في المجال الاجتماعي والصناعي وتأميم قناة السويس وبناء السد العالي ومنها (صورة) و(قصة شعب) و(الاشتراكية).

  ويتضمن الفيلم كثيرا من الاغاني الوطنية لعبد الحيلم الذي يعلن في حوار سجل معه العام 1976 انه لم يكن يغني لشخص عبد الناصر وانما لما كان يمثله من قيم حتى لو اكتشف كثيرون انهم خدعوا كما جاء في حوار جاهين مع حليم عقب حرب حزيران (يونيو) 1976 التي استولت فيها اسرائيل على شبه جزيرة سيناء المصرية وهضبة الجولان السورية وقطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية العربية.

  ويبدو الفيلم كأنه رثاء لجيل ساهم في صنع الحلم في الستينيات في السياسة والشعر والموسيقى والاغاني لكن حليم لا يندم على اداء تلك الاغنيات معلنا انه كان صادقا وانه مستعد لاعادة غنائها "انا غنيت للبطل الذي قاد الامة لتحارب الاستعمار. غنيت لاول مصري يحكم مصر وهو منا واسمه جمال (عبد الناصر)."

وينتهي الفيلم برحيل عبد الحليم الملقب بالعندليب الاسمر والذي كان صوته خلفية لاحداث فيلم (زوجة رجل مهم) احد كلاسيكيات السينما المصرية وحمل التخطيط الاول له اسم (امرأة من زمن عبد الحليم) وقام زكي بدور البطولة.

  ويرى كثير من السينمائيين ان زكي اهم موهبة في فن التمثيل في مصر خلال الثلاثين عاما الأخيرة من خلال أفلام منها (البيه البواب) و(سواق الهانم) و(أرض الخوف) و(شفيقة ومتولي) و(كابوريا) و(هستيريا) و(ضد الحكومة) و(الهروب) و(الحب فوق هضبة الهرم) و(موعد على العشاء).

ويعد زكي من اكثر الممثلين المصريين تجسيدا لحياة المشاهير اذ مثل في السبعينيات شخصية عميد الأدب العربي طه حسين (1989 - 1973) في مسلسل (الأيام) كما أدى دور عبد الناصر في ابرز مراحله وانجازاته في فيلم (ناصر 56) الذي يبدأ بمقدمات تأميم شركة قناة السويس في تموز(يوليو) 1956 ويبلغ ذروته لحظة اعلان التأميم وينتهي بالعدوان الثلاثي (البريطاني الفرنسي الإسرائيلي) على مصر في نهاية اكتوبر تشرين الأول من العام نفسه.

وكان زكي مغرما بتقليد الرئيس المصري السابق أنور السادات وبرع في تجسيد شخصيته في فيلم (ايام السادات).