في إدارة المستقبل والمخاطر: اللامبالاة والتشاؤم والطوباوية

لننظر على نحو تلقائي في المشاهد والأخبار أمامنا، .. احتراق منزل ووفاة ستة أطفال من عائلة واحدة بسبب سيجارة، التغير المناخي، تشكيل عشوائي ومريب للمدن، سياسات حكومية مليئة بالإضرار وعدم الشعور بالمسؤولية، تعديل وزاري يشبه تطبيق موبايل لإطلاق صوت جنائزي لتعرف أنه مضت ساعة من الزمان، توتر في الخليج العربي ينذر بحرب إقليمية ربما لا تقل عن حرب العراق 1991، نفايات تملأ الساحات والشوارع، أرصفة لا تصلح للمشي عليها، حوادث سير مفتعلة أو بسبب السلوك غير الاجتماعي، عصابات بلطجة وأتاوات (تشمل جماعات خدمة فاليه)، انقطاع غير مفهوم وغير مبرر للمياه عن الأحياء السكنية، إعلان طلب أستاذ أشعري ماتريدي شافعي لتدريس كتاب تفسير الجلالين في المسجد الحسيني لشغل كرسي الإمام السيوطي، سلوك للسلطة التنفيذية متعجرف استفزازي بلا داعي (ربما يعكس الشعور بالعجز والخوف الغامض من المجهول والمستقبل)، إعياء وشيخوخة أميركية وأوروبية، صعود غير مكتمل للصين والهند وإندونيسيا والبرازيل، وعودة متعثرة وحالمة لروسيا، سخط وتذمر صامت أو احتجاجي صاخب، غياب أو ضعف سلطة القانون، عشائرية هشة ومزعجة، انتخابات وعمليات سياسية بلا جدوى، استقلالية فردية صاعدة ومؤثرة، انحسار النقود وارتباك في معنى المال، نقص الموارد وزيادة الاستهلاك في الماء والطاقة والغذاء والدواء والأجهزة التكنولوجية، اختفاء أعمال ومهن ووظائف وانقراض مؤسسات تعليمية وتنظيمية وإرشادية، نهاية الإعلام المركزي، .. وفي المقابل هناك خفض في كلفة الطاقة واستهلاكها، وتقنيات مقدور عليها لتحلية الماء وتكريره، تجديد الموارد والطاقة، وقدرة على العمل المستقل بلا مؤسسات، وفرص هائلة للتعلم المستمر والمتقدم، ومجالات للتأثير في الفضاء العام والسياسات، وأعمال وطبقات واعدة باتجاه تحسين الحياة، فرص لديمقراطية ومشاركة واسعة وفائقة، وحياة أفضل وأجمل بلا حاجة للهرم المؤسسي والاقتصادي والطبقي الذي يهدر الموارد ويتسلط على أرواح الناس وحرياتهم ومصائرهم، .. لنتخيل الغرب في شيخوخته وانسحابه، وربما يكتمل هذا المشهد بحلول العام 2050، لكن القوى البديلة والصاعدة ستكون انتقالية مرتبكة، الصين، الهند، ألمانيا، فرنسا، روسيا، البرازيل، إندونيسيا، كوريا، جنوب أفريقيا، نيجيريا، إسرائيل (إذا أنشأت شراكة وتحالفا إقليميا) وربما مصر وتركيا وإيران وشمال أفريقيا (إذا اتحدت الدول المغاربية) والجزيرة العربية (إذا طورت وحدة أو تعاونا إقليميا يشمل اليمن والقرن الأفريقي) .. ولكن وبطبيعة الحال فإنه انتقال وتطور سوف تسبقه وتصحبه صراعات وتضحيات وفوضى،.. وإذا تطورت الأسواق "الرقمية" وتغيرت النقود لتحل مكانها البلوك تشين والبيتكوين، فإن البنوك ومؤسسات التمويل والسلطات النقدية معرضة للاختفاء أو إعادة تشكيل وتنظيم نفسها وفق فلسفة جديدة مختلفة عما نشهده اختلافا كبيرا، لقد انتهى زمن المرابين، وربما يجيء زمن المشاركة والتبادل والمقايضة في الاقتصاد والخدمات والموارد والأعمال، .. وعلى الأغلب سيتوقف الاستثمار في التمويل، سيتحول إلى سندات حكومية أو مجتمعية أو مؤسسية تقدم في خدمات تنظيمية غير ربحية، .. سوف تتحول الديمقراطية التمثيلية السائدة إلى فكرة غريبة لا تقل غرابة عن الرق وأكل لحوم البشر، لأنه أصبح في مقدور الناس جميعا المشاركة الكاملة من غير تمثيل انتخابي، وتصعد الثقافة والفنون والفلسفة باعتبارها الإطار المؤسسي الشامل للتنظيم الاجتماعي والأخلاقي للأمم والأفراد، وتحل أرستقراطية الإبداع والمشاركة محل الأرستقراطية التنظيمية الهرمية، ..اضافة اعلان