في العطلة الصيفية.. آباء يشغلون أبناءهم بمشاريع عائلية وخبراء يحذرون

Untitled-1
Untitled-1

منى أبوحمور

عمان- مع بدء عطلة الصيف وانتهاء العام الدراسي؛ يرى كثير من الأهالي أن جلوس الأبناء في المنزل قد يسبب لهم حالة من الملل والفراغ قد يعوضونها في الألعاب الإلكترونية أو اللعب في الشارع، مما يشكل خطرا عليهم، مع غياب تحقيق أي فائدة مرجوة.اضافة اعلان
لذلك، يفكر الكثير من الآباء بدمج الأبناء في المشاريع العائلية الآمنة خلال العطلة الصيفية، رغبة في تطوير شخصياتهم وصقل مواهبهم ومهاراتهم وملء أوقات فراغهم بصورة صحيحة ومنظمة وذات فائدة.
خالد والد لثلاثة أطفال تتراوح أعمارهم ما بين 14 و17 عاما، ألحق أولاده بعد انتهاء شهر رمضان بمحل تجاري يملكه شقيقه للعمل على فترتين مختلفتين في اليوم.
يقول "في البداية ترددت ولكن وجدت أنه المكان المناسب ولديهم رغبة بأن يتحملوا المسؤولية ويحصلوا على مصروفهم بجهدهم"، فكانت التجربة ناجحة من وجهة نظره لأن شخصيتهم اختلفت وشعر أنهم أصبحوا يقدرون قيمة الأشياء بشكل مختلف، وملء وقت الفراغ.
واعتادت الأربعينية نادية عبد الرحمن على إرسال ابنها (15 عاما) للعمل في شركة والدها في العطلة الصيفية، فهي تحرص على دمجه باستمرار في العمل مع والدها، لتتمكن من تنظيم أوقاته وملء فراغه بطريقة صحيحة، خصوصا وأن الأطفال في العطلة الصيفية يقضون ساعاتهم بين الألعاب الإلكترونية والأجهزة الذكية واللعب في الشارع.
وتقول عبد الرحمن "ليس بمقدور كل العائلات تسجيل أبنائها في نواد صيفية والأسعار مرتفعة جدا"، ناهيك عن تأمينهم بالمواصلات، في حين أن إرسالهم إلى أماكن عمل آمنة أمر مهم.
ويعمل الأربعيني حاتم علاونة في معرض لبيع السيارات في العاصمة عمان، وبعد أن أنهى ابنه (14 عاما) متطلبات الدراسة بدأ يأخذه برفقته في المعرض، وبعد أن أعجبه الأمر وضع له مكتبا لمتابعة الإيميلات واستقبال رسائل الفاكس.
لم يتوقع علاونة أن يرى هذه السعادة الكبيرة بعيني ابنه؛ إذ تعلم بسرعة وأصبح يشعر بالإنجاز وتطورت مهاراته، مشيرا إلى أنه في البداية لاقى نقدا كبيرا من قبل محيط أفراد عائلته الذين اتهموه بتشغيل ابنه وأن من حقه أن يلعب ويستمتع بطريقة مختلفة بإجازته.
ويصف وسام (15 عاما) الذي يعمل مع خاله في استديو للتصوير تجربته بالعمل بأنها أكثر من "رائعة"؛ حيث يمضي ساعات النهار برفقة خاله في عمل جلسات التصوير وتحميض الصور وتوزيع الألبومات.
يقول "في الصباح أبدأ بترتيب المحل.. ومن ثم استقبال الزبائن"، وأجمل ما في الموضوع بالنسبة لوسام هو المصروف الذي يأخذه من خلاله نهاية الشهر.
ومن جهته، يشير التربوي الدكتور محمد جريبيع إلى أن عمل الأطفال بالعطلة الصيفية من أكثر المواضيع جدلا ويجدها البعض تقع تحت انتهاك حقوقهم، وضمن "عمالة الأطفال".
ومن وجهة نظر تربوية، فإن العمل لفترات محددة بالعطل، يعلم الطفل الاعتماد على الذات والإحساس بالمسؤولية وقيمة الدخل والمال من خلال إشراكه ببعض الأعمال التي يقوم بها الأهل أو الأعمام والأخوال.
وتنتشر هذه الظاهرة، وفق جريبيع، في الكثير من المناطق، ولا يعني ذلك أن يكون الوضع الاقتصادي للأهل متدنيا أو أنهم بحاجة للمال.
ودمج الأولاد في العمل، بحسب جريبيع، يعلمهم كيفية التعامل مع الناس وعندما يكبرون يبدؤون باستلام بعض المهن ويستذكرون تجاربهم الطفولية، وهناك قصص نجاح للكثير من رجال الأعمال الذين تحملوا المسؤولية منذ صغرهم وكانوا يرافقون عائلاتهم ويحصلون على مصروفهم بتعبهم.
وينظر إلى هذا الموضوع كجزء من التربية، ولكن في الوقت نفسه ينبغي الحرص على حماية الطفل وإيجاد بيئة عمل آمنة ومناسبة.
الناشط الحقوقي رياض صبح، بدوره، يشير إلى أنه من الصعب أن توضع هذه الأعمال بخانة واحدة مع عمالة الأطفال، فهناك أشكال متعددة من هذا النمط، مثل طبيعة العمل، مكانه والساعات التي يعمل فيها الطفل برفقة عائلته.
ويلفت صبح إلى أن تشغيل الطفل طوال العطلة الصيفية يعد أمرا سلبيا، لأنه بذلك يكون قد حرم منها، فمن الممكن أن يكون لشهر أو أقل من ذلك.
ومن جهة أخرى، يبين صبح أن هنالك خطورة لعمل الأبناء ببعض المهن من عمر 10-15 عاما، إن كانت بيئتها غير مناسبة، لذلك لا ينبغي إقحام الأطفال بها، مثل الحدادة، النجارة، الميكانيك، العمل بالكسارات والجرافات.
وبالمقابل، هنالك مهن سهلة وملائمة يمكن أن يستفيد منها الطفل ولا تؤثر عليه سلبا أو على مستقبله المدرسي، إنما تعزز شخصيته وتصقلها.
ويمكن ضبط عمل الأطفال بالعطلة الصيفية من خلال الرقابة، فالقانون يجرم حالات عمالة الأطفال، وإن كانت برفقة الأهل وتشكل خطورة عليهم، وبهذه الحالة ينبغي أن تخضع للمحاسبة.