في اليوم العالمي.. "إتاحة لغة الإشارة حق للجميع"

Untitled-1
Untitled-1

تغريد السعايدة

عمان- لم يمنعه صمت الحروف من أن يكون إنساناً ناجحاً ومتميزاً ومبادراً، بل جاء إصرار عبد المجيد الحجوج على أن يبني مستقبلاً أفضل له ولمن هم بحاجته، ليكون سببا بتجاوز إصابته بـ”الصم”.اضافة اعلان
الحجوج الذي أصيب بمرض في طفولته أفقده القدرة على السمع والكلام، يتحدث بأنامله بلغة “الإشارة”؛ إذ أصبحت طريقه في مسيرة حياته الشخصية والعملية، فهو من ضمن 72 مليون أصم في العالم، يتحدثون بلغة الإِشارة المستخدمة بأغلب دول العالم.
الأمم المتحدة حددت يوم الثالث والعشرين من أيلول (سبتمبر) يوماً دولياً للاحتفاء بلغة الإشارة، لتأكيد أهميتها وضرورة أن يكون هناك علم ودراية بها سواء للأصم أو لغيره، كي لا تكون عائقاً له في الحياة.
الأمم المتحدة، وبحسب بيانها لهذا العام، تؤكد أن الاحتفال بهذا اليوم الدولي جاء للاعتراف بأهمية لغات الإشارة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وفي الوفاء بالوعد الأساسي لهذه الأهداف، وأن يكون فرصة لدعم وحماية الهوية اللغوية والتنوع الثقافي لجميع من يستخدمون لغات الإشارة، تحت شعار “إتاحة حق لغة الإشارة للجميع”.
الحجوج أصيب وهو في عمر السادسة من عمره بارتفاع درجة الحرارة لديه، ليفقد بعدها قدرته على النطق، وأصبح صعبا عليه مبادلة الآخرين الأحاديث، إلا أن وقوف والدته إلى جانبه جعل منه إنساناً ناجحاً بكل المقاييس، فعمل على الانخراط في مجال العمل التطوعي، وإكمال دراسته، وهو الآن يدير مبادرة “لصمتي حياة” التي تعمل على التدريب على لغة الإشارة.
كما يعمل على تدريب الأطفال عليها ليكونوا على دراية كافية بهذه اللغة ولتساعدهم على تخطي صعوبات الحياة في ظل إصابتهم بالصم.
الأمم المتحدة، عبر بيانها، أكدت أن لغات الإشارة طبيعية مكتملة الملامح على الرغم من اختلافها هيكليا عن لغات الكلام، وتوجد كذلك لغة إشارة دولية يستخدمها الصم في اللقاءات الدولية وأثناء ترحالهم وممارسة نشاطاتهم الاجتماعية. وتعد تلك اللغة شكلا مبسطا من لغة الإشارة وذات معجم لغوي محدود، ولا تتصف بالتعقيد مثل لغات الإشارة الطبيعية.
واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة تدعو إلى تعزيز ذلك الاستخدام، كذلك التساوي بين لغات الإشارة واللغات المتكلمة، وإلزام الدول الأطراف بتسهيل تعليم لغة الإشارة وتعزيز الهوية اللغوية للصم، ليكون الهدف الذي تسعى إليه خلال هذا العام “إتاحة حق لغة الإشارة للجميع”.
وبحسب منشورات متعددة في هذا الشأن، فإن “لغة الإشارة بدأ العمل بها منذ القرن السابع عشر في إسبانيا في العام 1620، ويقدر عدد لغات الإشارة في العالم بحوالي 300 لغة، في حين أن عدد اللغات المنطوقة يبلغ قرابة 7 آلاف لغة، وفي العالم العربي اجتهدت كل من مصر، الإمارات العربية المتحدة، العراق، الأردن، الكويت، لبنان، سلطنة عمان، فلسطين، قطر، اليمن، السعودية، في أن تكون في مصاف الدول التي تعتني بهذه الفئة من خلال تطوير وتدريب مهارات الصم في هذا المجال والتعريف بها لمختلف الفئات”.
ويأتي سبب اختيار هذا التاريخ تحديداً للاحتفاء بلغة الإشارة كونه تاريخ إنشاء الاتحاد العالمي للصم في العام 1951، ويمثل هذا اليوم ميلاد منظمة دعوية أحد أهم أهدافها هو الحفاظ على لغات الإشارة وثقافة الصم بوصف ذلك من المتطلبات الأساسية لحقوق الإنسان لفئة الصم، وكان الاحتفال بها لأول مرة في العام الماضي، ليصار إلى تحديد أسبوع كاملل للاحتفاء بالصم.
الأسبوع الدولي للصم لهذا العام وضع مجموعة من المحاور لمناقشتها في كل دول العالم من خلال الجهات المختصة من منظمات وجمعيات خاصة بذوي الإعاقة السمعية؛ حيث سيكون اليوم تحت عنوان “إتاحة حقوق لغة الإشارة للجميع”، وغدا بعنوان “إتاحة حقوق لغة الإشارة لجميع الأطفال”، وبعد غد تحت عنوان “إتاحة حقوق لغة الإشارة لكبار السن من الصم”، فيما سيكون الخميس بعنوان “إتاحة حقوق لغة الإشارة للصم المكفوفين والصم ذوي الإعاقة، والجمعة “إتاحة حقوق لغة الإشارة للنساء الصم”، في حين يتناول السبت موضوع “إتاحة حقوق لغة الإشارة للصم من المنتمين لمجتمع الميم”، وينتهي يوم الجمعة بعنوان “إتاحة حقوق لغة الإشارة للاجئين الصم”.
وفي الأردن، يحظى من يعانون من الإعاقة السمعية بالكثير من الاهتمام في محاولة للمجلس الأعلى لحقوق ذوي الإعاقة من توفير كل ما يلزم لجعل لغة الإشارة متعارفا عليها من خلال تنظيم دورات وعقد امتحانات خاصة لتخريج عدد من المتمكنين من تعليم اللغة؛ حيث يعقد المجلس امتحانا للمترجمين الراغبين في الحصول على شهادة مترجم معتمد للغة الإشارة استناداً لتعليمات اعتماد مترجمي لغة الإشارة.
الحجوج يهتم كثيراً بالأطفال في مجال لغة الإشارة، كونه بدأ باستخدامها منذ كان طفلاً ويعي أهمية أن يكون الطفل على معرفة كاملة بأساسيات اللغة التي تمكنه من اقتحام العالم وإيجاد مساحة لهم في مختلف المجالات. ويقول “تم تجهيز مادة بلغة الإشارة لتعلم الأطفال على تأسيس لغتهم وتعريفهم بالأعمال والأنشطة المختلفة”، مضيفا “ما تزال المبادرة قائمة لمن يحب أن يتعلم لغة الإشارة وكيفية التعامل مع الأشخاص الصم”.
كما يسعى الحجوج إلى تطوير وجمع معلومات تخص لغة الإشارة من مختلف الدول والمحافظات كذلك، لكي يستفيد منها البعض، وينوي خلال الفترة القليلة المقبلة إصدار كتاب باسم “للصمت حياة” حول هذا الموضوع، وتم إنجاز فيديو قصير عن لغة الإشارة.
وفي هذا اليوم وبمناسبة اليوم العالمي للغة الإشارة الدولي، قال الحجوج إنه يوجه شكره لهذه الفئة التي حُرمت من هذه الحاسة، ويوجه رسالة لنفسه أولا، ويقول “علي أن أدعم هذه الفئة وأن أخلص في هذا العمل وأسعى الى تحقيق هدفنا وهدفهم”، كما ويوجه رسالة بأن لغة الإشارة مهمة في حياتنا سواء لإنسان سمعه ضعيف أو شديد ولمن يضطرون إلى إجراء عمليات القوقعة.
ويتمنى الحجوج من الجميع تعلم لغة الإشارة واحتياجاتها باختلاف المصطلحات بين البلدان، موجهاً شكره لكل أم وأب وعائلة تقف بجانب ابنها المصاب بالصم ودعمه ليكون في المقدمة، ويثبت وجوده في مختلف مناحي الحياة.