"في خدمة العهدين".. ذاكرة فايز الطراونة تستعيد 60 عاما من الأحداث الكبرى

3534b5f6-4036-458a-ad10-952a10f25841
3534b5f6-4036-458a-ad10-952a10f25841

هديل غبّون

عمان – أشهر رئيس الوزراء الأسبق الدكتور فايز الطراونة، سيرته الذاتية وعنوانها "في خدمة العهدين" في منتدى مؤسسة عبدالحميد شومان الثقافي أمس، بالتأكيد على أن الكتاب جاء انطلاقا من واجب عدم البقاء في خانة الأغلبية الصامتة؛ بعد أن أصبح مواطنا.اضافة اعلان
وقال إن للمواطن الحق في الاطلاع على تفصيلات لما مر به الأردن من أحداث خلال 60 عاما، بخاصة عهدي المغفور له الملك الحسين وجلالة الملك المعزز عبدالله الثاني.
وشهد حفل الإشهار؛ حضورا كثيفا من قطاعات شعبية وسياسية ونسائية، والى جانب رؤساء وزراء سابقين، بينهم رئيسا الوزراء السابقان عبدالله النسور وهاني الملقي؛ ورئيسا مجلسي الأعيان فيصل الفايز والنواب عاطف الطراونة، بينما قدم إيجازا للكتاب رئيس الوزراء الأسبق زيد الرفاعي، وأدار الإشهار وزير الاعلام الأسبق الدكتور محمد المومني.
الطراونة؛ رئيس الديوان الملكي الأسبق، تمسك خلال عرضه لأبرز مفاصل كتابه، التي وصفها بـ"السيرة الضخمة سهلة القراءة"، بوجوب خروج المواطنين عن صمتهم، مشددا مرارا على أنه قرر ألا يكون من الأغلبية الصامتة، حينما فكر بكتابة مذكراته التي اعتبرها "سيرة ملكين" لا سيرته هو.
وبين الطراونة الذي همّ بكتابة مذكراته خلال وجوده في مجلس الأعيان العام الماضي؛ أن الكتاب يحمل في طياته تأريخا لعهدين سياسيين، عاش الأردن فيهما ظروفا قاهرة ومحيطا سياسيا ملتهبا، فيما كانت عملية البناء الداخلي مستمرة، برغم تلك الظروف، قائلا إن الأردن أثبت صلابته في مختلف الأحداث، محافظا على "الدولة العميقة".
ورأى الطراونة؛ أن الرواية التي يقدمها، لا تعني الانفكاك عن التحديات المقبلة أمام الوطن، بل هو انتقال من موقع المسؤول إلى موقع المواطن "المسكون بتطلعات وطنه".
وقال الطراونة إن المذكرات تحمل وثائق عديدة؛ من شأنها أن تنصف الأردن ومواقفه التاريخية، وتؤكد صفاءها على الدوام، مشيرا إلى أن الكتاب اشتمل على فصول تطرقت إلى طفولته وبداياتها الأولى التي "رضع فيها حب الهاشميين على يد والده أحمد باشا الطراونة"؛ ثم الدراسة والمرحلة الابتدائية والحياة العملية والانخراط في العمل السياسي من حضن الاقتصاد.
وأشار الطراونة؛ إلى أن فصولا تتضمن أيضا نقل أحداث حرب حزيران (يونيو) وحرب أيلول (سبتمبر)، برغم أنه كان ما يزال طالبا آنذاك.
كما استعرض أحداث حرب 1973، وثورة الخميني والحرب العراقية الايرانية وعملية السلام، مبينا أن الجزء الأكبر من سيرته التي تحدث عنها، بما في ذلك لاحقا معاهدة وادي عربة؛ ثم مرض المغفور له الملك الحسين وجنازته، وبداية عهد الملك عبدالله الثاني، وأحداث 11 سبتمبر ومبادرة السلام العربية، والزرقاوي والبغدادي، والإصلاحات الشاملة والتعديلات الدستورية، وما وصفه بخلوات العقبة الأمنية، وتصاعد المعارضة والمشاورات البرلمانية، والحياة الحزبية والمبادرات الملكية، وغير ذلك.
وقال: إن "رسالة الكتاب عن ملكين وليس عني"، مضيفا "شهدت ولاء الشعب الكريم للملكين".
وتطرق الطراونة إلى قصص وردت في كتابه؛ بينها أحداث رافقت اعتماده كسفير للأردن في واشنطن عام 1993، واصفا العلاقات الأردنية الأميركية حينها، بـ"الأسوأ"، ومؤكدا كيف أن التحّول في هذه العلاقات بسياسة الملك الراحل الحسين، فتحت له أبوابا كثيرة، منوها إلى أن رئيس الوزراء الأسبق زيد الرفاعي الذي قدمّ كتابه، فتح له "أبوابا كبيرة ساعدته في التدرج بالعمل العام" وأنه لم يبخل عنه بنصيحة أو إرشاد.
الرفاعي قال في تقديمه إن الكتاب يمثل جسرا بين عهدين ملكيين، شكلا باتصالهما أبهى صفحات تاريخ الأردن الحديث، وأن العهدين في جوهرهما، هما عهد واحد ونهج واحد ومبادئ راسخة لم تتغير.
وبين الرفاعي؛ أن الكتاب القيم والضخم، يصنف ضمن كتابة السيرة الذاتية، وأن فيه أيضا إبرازا للإنجاز الوطني، وإظهارا لسيرة صلابة العرش الهاشمي، وصوابية النظرة الأردنية ونضوجها، تجاه الملفات الإقليمية والعربية، وعلى رأسها القضية المركزية: فلسطين.
ورأى الرفاعي، أن المذكرات "الشيقة" على حد وصفه، أظهرت تواضعا ليس ببعيد عن شخصية الطراونة (أبو زيد)، وأنه لم يدّع فيها فضلا لنفسه، وقال "بل لم يقع في مطب تمجيد الذات والتنزه عن الخطأ، بل سرد التفاصيل وحرص على نسبة الفضل لأهله".
وأشار إلى أن الكتاب، يحمل تفاصيل كيفية اتخاذ بعض القرارات في الملفات الكبرى، مستندا إلى منهج التحليل المبني على البيانات والوثائق.
من جهته؛ قال المومني إن الكتاب صيغ بلغة وازنة وعميقة، لمراحل وأحداث سياسية هامة وحساسة، فيما أشار إلى أن الكتاب يقع في 526 صفحة؛ تأتي في 16 فصلا.
وأشار المومني إلى أن أهم ما يميز الكتاب؛ تغطيته للأحداث المفصلية على مدار 60 عاما، بطريقة توثيقية وتحليلية، عدا عن جمع الكتاب للجانبين الشخصي والتحليلي التوثيقي، وقال: "لن أقول لكم كم مرة تحدث الطراونة في كتابه عن عدد المرات التي خاطر فيها بحياته، لينال قلب شريك حياته.. هناك بعد شخصي جميل جدا في الكتاب".
ولفت المومني إلى أن من بين الفصول المؤثرة في الكتاب، تلك المتعلقة بمرض الملك الراحل الحسين، قائلا "الكتاب يبكيك ويضحكك.. مثلا لن يتمالك أي منكم دموعه عند قراءة توثيق الأحداث المتعلقة بمرض المغفور له جلالة الملك الحسين، وجنازة العصر.. كما لا يمكن عندما تقرأ عن أحداث زيارة الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي لعمّان خلال مشاركته بمؤتمر القمة العربية في 2001، إلا أن تصاب بالذهول، وأن تضحك على بعض الأحداث حينها".
ودعا المومني رجالات الوطن إلى توثيق شهاداتهم التاريخية للأحداث والوقائع، للأجيال القادمة.
وشغل الطراونة موقع رئاسة الحكومة مرتين؛ عدا عن رئاسة الديوان الملكي؛ الأولى في عهد الملك الراحل 1998-1999 وفي عهد الملك عبدالله الثاني في 2012 (لنحو خمسة أشهر)، وكانت المشاركة الرسمية الأولى له في عهد الرفاعي وزيرا في حكومته العام 1988.