في خطأ التركيز على المشكلات العشائرية

الأردن ليس بلدا مأزوما، أما ما يحدث فيه من مشاكل اجتماعية وعشائرية فأمر طبيعي، حدث ويحدث في الاردن وفي غيره من البلدان.

المتغير الجديد الطارئ على مشاكل مجتمعنا العشائرية هو التضخيم والتهويل الإعلامي لها.

اضافة اعلان

الإعلام يضخم قضايا العنف الاجتماعي والمشاكل العشائرية، وقد باتت تغطية اجتماعات العطوات والصلحات العشائرية واجبا اساسيا من واجبات مندوبي صحفنا ومواقعنا الاعلامية، وكانت النتيجة ان كثيرين اصبحوا يتابعون ويهتمون، بل ويتحفزون ويشاركون في المشادات الاجتماعية، بسبب الاستقطاب الاعلامي لهم، وليس بسبب حميتهم العشائرية.

الاعلام لعب دورا يشبه دور المسيرات والمظاهرات السياسية، التي تهدف لتجييش غير المعنيين، ولفت انتباه الرأي العام لقضية ما.

التغطية الاعلامية المفرطة، أحيانا، أدت لزيادة درجة الغليان في المشادات الاجتماعية وأعطت ضوءاً اخضر للمتورطين بمثل هذه الظواهر في امكانية تكرار ما يحدث، وكسب صيت على مستوى وطني.  

النتيجة الثانية، والاخطر، تمثلت في تفسير ما يحدث من مشادات اجتماعية وعشائرية على انه انعدام لحالة الاستقرار السياسي السائدة في البلد، وانه ايضا انعدام لهيبة الدولة، وهو تفسير يفترض ضمنا ان الدولة والعشيرة ضدان، لا مكملان، ويقفز عن بديهية اردنية مفادها ان الانتماء للعشيرة والعائلة لا يعني بحال من الاحوال ان ذلك على حساب الانتماء للدولة.

ونعلم جميعا أن العشيرة كانت، وما تزال، وحدة سياسية واجتماعية وامنية اساسية في البلد تم توظيفها من قبل الدولة في محطات تاريخية عديدة. وقد اثبتت فعالية متناهية، لكن ما يجب ان نؤكد عليه هو انها كانت دائما سندا وداعما للدولة وقوانينها لا منافسا او خارقا لها.

القيمة المضافة للعشيرة والعائلة في مجتمعنا كبيرة، لكنها ستتلاشى اذا ما فرطنا بدورهما الاجتماعي والتكافلي، وحتى السياسي والامني، الذي نجل ونحترم.

الاعلام معني بتعظيم وإذكاء الدور التسامحي والقيمي للعشيرة كوحدة اساسية في المجتمع ويبرز قيم المروءة والشهامة والنخوة والاستقامة، التي تربى عليها ابناء المجتمع الاردني، وتعززها العشيرة، بخاصة بعد أن استباح الفساد هذه القيم واعتبرها تخلفا واستمرأ ثقافة العطايا والرشوة والكذب بلا رقيب او حسيب سياسي او اعلامي.

هذا الإدراك لأهمية العشيرة لا بد أن يتضافر ولا يتوازى مع التأكيد على مبدأ سيادة القانون وتطويره ليواكب التعقيدات المجتمعية واكتسابه القدرة في التعامل مع كل ما يؤرق المجتمع، وأنه الحامي الاكبر لنا جميعا، وهو الضامن الاهم لكي تستمر وحداتنا الاجتماعية بالقيام بدورها التاريخي السامي والكبير.

[email protected]