في زمن "كورونا".. هل يغير الشعور بالخطر من أطباع الأفراد؟

p11-life-first
p11-life-first

مجد جابر

عمان- مع أزمة كورونا التي يعيشها العالم في الوقت الحالي؛ اختبر العديد من الناس شعور الخوف وسيطر عليهم بطريقة ما، فتغيرت الأطباع، تلك التي كان يصعب تبديلها.. فهل شعور القلق والهلع أوقات الأزمات عامل مؤثر على الشخص وقادر على تغيير مجرى حياته من أجل الحفاظ عليها؟اضافة اعلان
خوف الفرد على نفسه أو عائلته أو المحيطين به، وشعوره بأنهم في خطر يجعله يدافع عن هذا الشعور بالسلوكيات الممكنة كافة، وعليه يسعى بجميع الطرق ليجنب نفسه ويجنبهم التفكير بأن الخطر يحيط بهم ويقترب منهم.
الابتعاد عن المصافحة، التعقيم المستمر، الاهتمام المضاعف بالنظافة، الجلوس في البيت طوال الوقت، عدم استقبال الضيوف، الابتعاد عن تناول الوجبات الجاهزة، عدم زيارة المقربين، خصوصا كبار السن، والامتناع عن رؤيتهم خوفا عليهم.. جميعها سلوكيات لم يتوقع أي فرد أن يلتزم بها يوما ما، ومن دافع نفسه وكامل إرادته؛ إذ إن الخطر المحيط به وبمن حوله جعله يغير نمط حياته، وذلك بسبب خوفه على حياته وحياة من يحب.
وحول ذلك، يقول الاختصاصي النفسي والتربوي الدكتور موسى مطارنة "إن الخوف هو حالة إنسانية انفعالية تأتي في حالة شعور الإنسان بالخطر، وهذا الإحساس يولد مشاعر ومقاومة ذاتية لمصدر الخطر"، مبينا أن القدرات الذهنية في هذه الحالة يصبح تركيزها على الخطر، ويتلاشى أي موضوع أو فعل أو عمل آخر.
ويعلل "لذلك تصبح هناك ردات فعل "لا شعورية"، فيبدأ الفرد بالتصدي للخطر القادم أو المهدد له، ويصبح تركيزه هو مصدر الخطر، فيبدأ القيام بأعمال وسلوكيات كانت قديما بعيدة عنه ومستصعبة، إلا أنه الآن يقدم على أي شيء لتجنب هذا الخطر وإبعاده عن محيطه".
ويشير الى أن هذا ما يحدث الآن، فعندما شعر الأفراد بخطر فيروس "كورونا"، بدأ الغالبية بإعادة الالتفات للعادات والقيم وتطبيقها، ليقي الفرد نفسه والمحيطين به من الإصابة بالمرض، بعدم اكتراثهم للكثير من الأمور في روتينهم اليومي، وذلك من أجل تجنب هذا الخطر، لافتا إلى أنهم أصبحوا يستمعوا للنصائح ويأخذوا بها، كل إنسان يحاول بطريقته وبالأسلوب الذي يتقنه.
ويعتبر مطارنة أن طاقة الإنسان والدافعية التي عنده ترتفعان كثيرا ضد الخطر كونه لا شعوريا يبدأ الدماغ بتحريك كل أجزائه نتيجة لهذا الخوف والتهديد، وبالتالي تجد الإنسان في مثل هذه الحالات يقوم بأعمال إبداعية من أجل وقاية نفسه، ويتقبل أي شيء يعيق حريته، ويتنازل عن كثير من الأمور، لأن الخطر أشد بكثير وأقوى.
ويضيف مطارنة، أن الحياة غالية على الإنسان، والإحساس بمواجهة الموت حالة غير طبيعية لدى الفرد، ما يجعله ينفذ كل الأشياء التي تجنبه هذا الشعور، مبينا أنه يفضل أن يكون الشعور عبارة عن خوف مصحوب بوسائل وقائية وليس قلقا وتوترا، كونهما يسهمان في خفض مناعة الإنسان، وهذا يحوله لشخص ضعيف وغير قادر على فعل شيء.
ويشير إلى أن الحالة الحرجة تجعل الفرد لا شعوريا يشعر بالقوة، مبينا أن الإجراءات التي حصلت من الحكومة لو تمت في ظروف عادية، لكانت ردات الفعل مختلفة تماما، إلا أن الخوف هو ما جعل الناس يمثلون لهذه الإجراءات.