في مصائد الفتنة على الشبكة العنكبوتية!

 ضحى عبد الخالق *

أثارت النصيحة التي وجهها رئيس الوزراء معروف البخيت للأردنيين بتجنب مصائد الفتنة على الشبكة العنكبوتية الكثير من النقاش بين الشباب. اضافة اعلان
وفي استخدام كلمة المصيدة إشارة صحيحة وتعبير دقيق، فالحقيقة أن الداخل الى الشبكة أصبح كالداخل إلى بيت العنكبوت، فقد يتعرض الى اللدغ واللسع بأكثر من طريقة والقياس طبعاً هنا يأتي مع الفارق! 
ولا يختلف عاقلان أن على الدولة واجبا ومسؤولية ثقيلة بمنع كل أشكال الإساءة المكتوبة على الإنترنت وأن تمنع التغول على الأفراد وعلى المنجزات الوطنية وأن توقف الفتن وأن تضع الحد لأي مفسدة على الشبكة العنكبوتية و من دون حاجة للاستئذان من أحد للقيام بذلك، فهي صاحبة اختصاص وسيادة ومن صلاحياتها تحريك دعاوى الحق العام كافة إذا ما أرتكبت تلك المواقع الإلكترونية الجرائم المنصوص عليها في القانون.
لكن من المفهوم أيضاً أنها ستكون مدفوعة فقط بحدود بعض الضرورات الوطنية والأمنية وبحدود الدفاع المشروع عن الناس وعن النفس.
وقد يكون من خياراتها أيضاً أن تتجاهل الكثير مما يُنشر فمن بين ذلك الضحل والمدسوس والسفيه وغير الموثّق وما لا يستحق القراءة أصلاً، كما يمكن لها في الإطار ذاته أن تقوم بقرصنة مدروسة لمنع مواطنيها من الولوج الى الشبكة بحجة إيقاف الفتنة، ولكنها أصبحت تُدرك أن مثل هذا الإجراء مؤذ بسمعة البلاد لا بل سيأباه الأردن في زمن يسعى به الى العصريّة والى الحوار والى إطلاق الحرّيات العامة.
ومن الواضح أن محاولات الدولة لممارسة الحجب ومنع المواقع والتدخّل بتقييد حرية النشر والتعبير على الإنترنت بدأت تثير قلق المستخدمين وحنق الشباب بشكل جنوني لا بل ذهب بعضهم بعيدا الى الزعم بأن من الأيدي الخفيّة من يقوم بنشر مواقع وبيوت إخبارية تفاعلية بقصد الإيقاع عمداً بالشباب بعد حثّهم على المساهمة المكتوبة لتُستكشفَ بذلك آراؤهم وتوجهاتهم المذهبية والسياسية الخطيرة تمهيداً لمحاسبات أو حتى لاعتقالات لاحقة! ونأبى حقاً أن يكون مثل هذا الادعاء صحيحا فهو عمل تخريبي من الدرجة الأولى وليس للدولة العاقلة المصلحة أصلا في تأليب الشباب بأي طريقة كانت.
إن طلبَ الحكومة الأخير من أصحاب المواقع الإلكترونية بأن ينشروا (هم) ما من شأنه أن يقّوّي الوحدة الوطنية وما يجمّعُ على الثوابت في الأردن هو طلب متفائل إن لم أقل ساذجاً ومستحيلاً! لأن غايات بعض تلك المواقع هي أصلا غير ذلك ولأن أهداف بعض القائمين عليها وتجارتهم ونواياهم هي أيضاً عكس ذلك ! ما يدور الآن على الشبكة هو ليس بمواجهة بين الدولة بالمطلق وأفرادها بالمطلق حول جرائم معيّنة بالمطلق بل هو سجال بوصفة جديدة يقوم بتسطيرها من يقوم بنشر ماذا قبل من وكيف؟ وبين من يقرأ ماذا قبل من وكيف؟ ثم أثر ذلك على المجتمع وعلى المزاج العام بشكل نتائج وحراك قابل للقياس وللمراجعة وللتعديل.
أقول إن إداراتنا المتعاقبة ما تزال مقصّرة في مهمّة بسيطة كتوظيف بعض موارد الخدمة العامة لكي تقوم بالنشر الصحيح ووضع المحتوى الصحيح في المكان الصحيح وفي الوقت الصحيح لنقاش المعلومة ولقيادة دفّة الأخبار على الإنترنت بالشكل الصحيح! وأحد هذه الحلول إنشاء كادر متخصص و لا يعمل أبداً في الخفاء، بمهمّة محددة وهي إدخال وإدارة المحتوى العام للبلاد على الشبكة العنكبوتية وعلى مدار الساعة ولا بأس فذلك قد يُنتج مائتي فرصة عمل للشباب الأردني وسيُمكّن من التفاعل الفكري بين أصحاب العلاقة على ذات أرضية الحوار إثراءً لوجهات النظر المتعددة وبعدها وجب الحذر ثم الحذر من عناكب الشبكة كافة!

*خبيرة في قطاع تكنولوجيا المعلومات