في معركة "كورونا".. كبار السن يسجلون "انتصارات" أيضا!

Untitled-1
Untitled-1
مجد جابر عمان - منذ بدء جائحة كورونا، والأخبار بمجملها تنصب على الخوف من إصابة كبار السن بالفيروس، وأن حياتهم ستكون معرضة بنسبة كبيرة لخطر الوفاة بسبب صعوبة الشفاء. ذلك الخوف الذي "استوطن البيوت"، لم يرافقه حديث عن قصص عديدة تماثلت للشفاء لحالات من كبار السن أصيبوا بفيروس كورونا، ونجوا بسلام، وتحملوا الأعراض التي رافقت المرض، وكانت قدرة التحمل عالية، وأكبر من غيرها، غير أن ذلك الجانب لا يُحكى عنه للأسف، كما يقول متخصصون، رغم أهميته بتحسين الجانب النفسي لكبير السن الذي أصبح يشعر أنه المستهدف الوحيد من وراء هذه الجائحة. ربما الأمراض المزمنة التي عادة ما يعاني منها كبار السن، والتي تعد بيئة خصبة للفيروس، كانت السبب للتحذيرات المستمرة لأهمية اتخاذ الإجراءات الوقائية كافة، لتجنب تعريضهم لخطر الإصابة وبالتالي سرعة تدهور حالتهم الصحية. غير أن تلك الأخبار التي تنشر باستمرار، وتبث الرعب داخل أسوار البيوت، والمبالغة والتهويل أحيانا من خطورة الأمر، قد تكون السبب وراء "تدهور الحالة النفسية" لكبار السن، وكأن "الموت" ينتظرهم من وراء الأبواب! "أنا مش خايف على حالي خايف على والدتي".. "الخطر على كبار السن مش علينا"، "الي 4 أشهر ما قربت على أبوي لأني خايف عليه".. "إذا انصاب كبير السن معناها الموت بانتظاره".. كانت هذه بعض العبارات التي ترردت وما تزال منذ بداية الجائحة والتي شكلت أزمة نفسية عند كبار السن، وكأنهم الحلقة الأضعف، وأن إصابتهم بالمرض تعني "الموت"، وعزز من ذلك الأخبار وما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي. الخوف من الإصابة بالمرض بات هاجسا لدى الأجداد والكبار، وأوجد لديهم حالة نفسية ونظرة سوداوية وخوفا من الإصابة بطريقة مرعبة، وتناسى المحيطون بهم، تذكيرهم بأن هناك الكثير من حالات الشفاء لدى كبار السن الذين أصيبوا بالفيروس، وأن الخطر ليس مرتبطا فقط بهم، إنما قد يصيب كل الفئات العمرية، وما هو مطلوب فقط أخذ إجراءات السلامة على محمل الجد. اختصاصيون اعتبروا أن الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي هما السبب وراء بث هذا الرعب عند كبار السن والذي انعكس سلبا عليهم، والأولى هو إحاطتهم بالإيجابية، وتقديم نماذج شفاء لمن أصيبوا بالفيروس وتماثلوا للشفاء كون الحالة النفسية هي الأهم لمجابهة المرض. الخبير التربوي الدكتور عايش مدالله النوايسة، يؤكد أن الخطر ليس حكرا على الكبار، والدليل ما شاهدناه من حالات شفاء لدى الكبار، الا أن الأخطر هو القضية النفسية، فالإعلام والبرامج كلها ومواقع التواصل الاجتماعي كانت موجهة على أن هؤلاء الناس جميعاً اذا أصابهم الفيروس فإن الموت بانتظارهم!. وبالتالي، استسلم البعض لفكرة الموت وللنظرة السوداوية، لافتاً الى أن الأصل أن يكون هناك ردة فعل إيجابية وحملة توعوية بأن هذا فيروس يصيب الجميع، وبالتالي الخطر ليس حكرا على فئة دون أخرى، ولابد من تحقيق ألفة بينهم وبين الحياة ومسح كل الأفكار الخاطئة. ويضيف النوايسة أن كل شخص ينبغي أن يبث رسائل الاطمئنان في نفس كبير السن سواء من عائلته أو أقاربه، وأن يشعره بأنه فيروس يمكن لأي شخص أن يصاب به ويشفى منه، مع أهمية أخذ الاحتياطات وإجراءات السلامة اللازمة، مبينا أن القضية متعلقة "بنظرتنا نحن للأمر وكيف نوصل تلك الرسائل لكبار السن ونتعامل معهم". ويلفت إلى أن هناك دورا كبيرا على الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بأن تنشر أخبارا تعزز الحالة النفسية للكبار، وترصد قصص شفاء، خصوصا وأن الكثير من كبار السن لديهم صفحات خاصة بهم على "السوشال ميديا". ويعتبر النوايسة أن أي رسالة إيجابية يجب أن توجه اليهم بهذا الوقت، لإخراجهم من الحالة النفسية التي يعيشونها حاليا، الى جانب عدم ذكر حالات الوفاة أمامهم، لأنها تتعب نفسيتهم وتحولهم الى "أشخاص موتى يتنفسون"!. الاختصاصي النفسي والتربوي الدكتور موسى مطارنة، يبين أنه ومنذ بداية أزمة كورونا انصب التركيز الإعلامي على أن أكثر الفئات التي تتأثر بالفيروس هم كبار السن، على اعتبار أنهم الأقل مناعة، لكن ما اتضح بعد ذلك أن الفيروس ليس له علاقة بذلك فهناك الشاب الذي يرحل وكبير السن الذي يشفى. لذلك، ووفق مطارنة، لا بد من بث روح من الطمأنينة، لأن مناعة الشخص تقل عندما يشعر بالخوف، فكل الأمراض يتطلب فيها تحسين الجانب النفسي لتقوية جهاز المناعة، لذلك لابد من أن نغير هذه النظرة ويكون الحديث والخطاب الاجتماعي والإعلامي والصحي متوازنا، بعيدا عن بث الرعب في كبار السن فقط. وهناك كثير من حالات كبار السن التي شفيت، وليس كبير السن هو الوحيد المعرض للخطر، والنظرة الإيجابية دائما يجب أن تكون متوفرة، مبينا أن التقيد بإجراءات السلامة هي التي يجب أن يركز عليها كل شخص صغير أو كبير في السن، دون بث الرعب في فئة معينة.اضافة اعلان