في ملعب الوزير!

حصل على معدّل 93.5 في التعليم الدولي (IG)، من مدرسة متميزة للمتفوقين (اليوبيل). مع ذلك، لم يستطع الحصول على مقعد في تخصص مُرضٍ بإحدى الجامعات الأردنية، أو الحصول على مكرمة لإتمام دراسته الجامعية (بالرغم من إمكانية حصوله على مكرمة القوات المسلحة والمعلمين معاً). والسبب في ذلك يعود إلى أنّ القبول الموحّد يتعامل مع التعليم الدولي عبر نافذة "الكوتا"، إذ يُعطى نسبة محدودة فقط، تبلغ 5 %، من المقاعد الجامعية!اضافة اعلان
هذه حالة من حالات أخرى عديدة سبق أن كتبنا عنها، تتعلّق بأبنائنا وبناتنا الذين ينهون التعليم الدولي في مدارسنا الأردنية؛ سواء الـIG أو الـIb أو الـSAT. ونحن نتحدث اليوم عن آلاف الطلبة الذين تدفع عائلاتهم وأسرهم عليهم أموالاً طائلة، ليحصلوا على هذا التعليم النوعي والمتقدم، ثم لا يجدون فرصاً في الجامعات الحكومية، ويتم التعامل معهم وكأنّهم غرباء أو خارج النظام التعليمي الأردني، مع أنّ مدارسهم أردنية، وهذا التعليم مقرّ من وزارة التربية والتعليم، بل ومتقدم كثيراً عما يُدرّس لأبنائنا ضمن برامج أخرى، كما يعلم المسؤولون جميعاً.
بالطبع، هناك نسبة كبيرة من هذه العائلات لا تفكّر أصلاً في تدريس أبنائها في الجامعات الوطنية، فترسلهم إلى جامعات غربية. لكن لا يستطيع الجميع القيام بذلك، بخاصة المنتمين للطبقة الوسطى التي دفعت جزءاً كبيراً ورئيساً من دخلها لتدريس أبنائها في مدارس خاصة، وتعليمهم مناهج متطوّرة، لكي يكملوا التعليم العالي، لا لتُغلق في وجوههم أبواب الجامعات!
حظيت بفرصة مشاهدة نموذج من إدارة الامتحانات الدولية "Ib"، بدعوة من الدكتورة التربوية المتميّزة هناء ملحس، في مدارس المشرق الدولية. واطّلعت على إجراءات الامتحان الدقيقة والحضارية. فأوراق الامتحان القادمة من الخارج، موجودة في حوزة الإدارة في خزنة مغلقة منذ أشهر، من دون أن تُفتح. ثم تُجرى الامتحانات في قاعات في المدرسة نفسها، بإشراف المعلّمين أنفسهم، وفي أجواء هادئة؛ بلا درك أو شرطة، ولا تدخّل من الأهالي بأسلحتهم، ولا شدّ أعصاب أو توتر اجتماعي كبير، واتهامات بتسريب الأسئلة والأوراق..!
امتحان على درجة عالية من المصداقية والثقة والاحترام في العالم، ينتشر اليوم بصورة كبيرة في بريطانيا. كما وقعت دول من الخليج العربي على اتفاقيات مع المؤسسات المشرفة عليه، لتطبيقه في دولها، مثل الإمارات وقطر. وحتى السعودية، وهي دولة محافظة دينياً، وقعت مؤخراً على اتفاقية شبيهة لبدء تطبيق الامتحان بالتدريج في المدارس السعودية، مع تعديلات مرتبطة باللغة العربية. هذا بينما أنظمة القبول والتسجيل في التعليم العالي لدينا تعاقب الأهالي الذين يدفعون من جيوبهم، والطلبة الذين تلقوا تعليماً عالمياً متطوّراً، بحجبهم من القبول الموحّد!
للأمانة، عندما كتبتُ عن هذا الموضوع في العام الماضي، بشأن حالات مماثلة لحالة اليوم، تابع وزير التعليم العالي السابق الدكتور أمين محمود، الأمر، ووعد بتغييرات تسمح لهؤلاء الطلبة بالمنافسة على القبول الموحّد، كي لا نخسر هذه الفئة المتميزة علمياً، التي درست مناهج متطورة ومنفتحة، ولديها مهارات لغوية وثقافية متقدمة. لكن الآن، بعد التعديل الحكومي، لا نعرف أين صار "التوجّه" الذي تحدّث عنه الوزير أمين محمود؛ فالكرة اليوم في ملعب الوزير الحالي الدكتور لبيب خضرا، وهو الذي نسمع أنّه يحمل آراء متقدمة في التعليم العالي. لكن ذلك ليس كافياً؛ فالمطلوب أن تكون لديه الشجاعة والجرأة على اتخاذ قرارات تتضمن القيام بتعديلات وإصلاحات بنيوية، لوقف التدهور المتسارع في أحوال التعليم العالي!
الجامعات مليئة بكوتات واستثناءات غريبة عجيبة، أصبحت تتفوق على القبول الموحّد الحقيقي. فيما اتخاذ قرار بإدماج مخرجات التعليم الدولي في القبول الجامعي، سيسمح بتحسين وتطوير نوعية الطلبة الذين يدخلون الجامعات، على العكس من سياسات القبول الراهنة.