في واشنطن.. المعارضة السورية تعرض العمل مع ترامب وروسيا

نساء ينتظرن خارج مركز للشرطة العسكرية التابعة لقوات الحكومة في حلب - (أرشيفية)
نساء ينتظرن خارج مركز للشرطة العسكرية التابعة لقوات الحكومة في حلب - (أرشيفية)

جوش روجين - (الواشنطن بوست) 11/12/2016

ترجمة: علاء الدين أبو زينة

في الأسبوع الماضي، زار قائدان رفيعان من المعارضة السورية المدنية العاصمة الأميركية، واشنطن، بهدوء، للاجتماع مع المشرعين والخبراء الذين لهم صلات بفريق ترامب الانتقالي. وكانت مهمتهما بسيطة بقدر ما كانت ملحة: إقناع دونالد ترامب بأنه يحتاج الثوار في سورية مثلما يحتاجونه.اضافة اعلان
قبل الانتخابات، حمل ترامب بشدة في كثير من الأحيان على المقاومة المدعومة أميركياً ضد نظام الأسد، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة لم تفهم الطبيعة الحقيقة لهذه المقاومة، ومشككاً فيما إذا كان نجاح الثورة السورية سيكون أفضل من الحفاظ على نظام الأسد. وتعهد ترامب بالانضمام إلى موسكو لمحاربة "الإرهابيين" من دون أن يحدد مَن يكونون. بل إنه أعلن أن مدينة حلب سقطت في يد النظام، مع أن الثوار والمدنيين هناك ما يزالون يقاتلون من أجل بقائهم.
كان هدف قادة المعارضة السورية الذين زاروا واشنطن، هو إقناع الرئيس الأميركي التالي بأن الحرب الأهلية السورية، والتهديد الذي تشكله على المصالح الأميركية الحيوية، لا يمكن إنهاؤهما من دون تعاونهم. وفي مقابلة أجريتها معهما، قالا لي إنهم يريدون مساعدة إدارة ترامب على العمل مع روسيا وضد الإرهابيين.
وقال جواد أبو حطب، رئيس وزراء الحكومة السورية المؤقتة للمعارضة السورية: "رسالتنا إليه كالآتي: المعارضة التي يصفها، والتي لا يعرفها، هي الأمة السورية، هي الحضارة السورية. يجب عليه أن يبذل جهداً ليعرفنا أكثر".
والحكومة المؤقتة هي أحد فروع قيادة المعارضة السورية. وهي تعمل داخل سورية ولديها صلات بالمجالس المدنية في المناطق التي يسيطر عليها الثوار. وإذا كانت إدارة ترامب جادة بشأن استعادة الأراضي من "داعش" في شمال وغرب سورية، فسوف تكون هناك حاجة إلى هذه الهياكل السياسية للمساعدة في إضفاء الاستقرار على هذه المناطق وحكمها بعد الحرب.
كما أن القوات العربية السنية التي تقاتل "داعش" في شمال سورية على اتصال أيضاً مع المعارضة المدنية. ويعمل الآلاف من مقاتليها كجزء من مهمة نظمتها الحكومة التركية، تدعى "درع الفرات"، والتي استولت على مساحات كبيرة من الأرض من الإرهابيين. وما لم يكن ترامب يريد أن يعتمد على الأكراد السوريين الذين تعتبرهم تركيا إرهابيين وأعداء، فإن هذه هي القوات السورية التي سيحتاجها للاستيلاء على عاصمة "داعش"، الرقة.
وقال لي عبد الإله فهد، الأمين العام للائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية، أن المعارضة السورية لا مشكلة لديها مع خطة ترامب للعمل مع روسيا في سورية. وفي الحقيقة، كا قال، كانت المعارضة تلتقي مسبقاً بالحكومة الروسية، من دون وجود إدارة أوباما في الغرفة. وقد انهارت المحادثات التي تشرف عليها تركيا في أنقرة من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في الأسبوع الماضي، كما قال. ومع أن الروس هاجموا بوحشية الجانب الذي تسيطر عليه المعارضة من حلب، فإنهم متورطون بعمق في سورية، ولذلك يجب أن يكونوا جزءاً من أي مفاوضات أو حل للمضي قدماً، كما قال فهد. لكنه أضاف أن ترامب يجب أن يميز بين العمل مع روسيا وبين مساعدة إيران.
ليست المصالح الروسية والإيرانية هي نفسها في سورية، كما أشار فهد. وقالت الحكومة الروسية لقادة المعارضة السورية أنها أقل التزاماً من إيران بفكرة بقاء الأسد في السلطة. وسوف يكون العمل مع روسيا بينما يتم عزل إيران مفيداً لحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة أيضاً، بمن فيهم إسرائيل ودول الخليج العربية، كما قال.
وأضاف فهد: "من الجيد أن ترامب يعمل مع روسيا. يجب أن يكون هناك نوع من التفاهم الأميركي-الروسي لحل القضايا في الشرق الأوسط من دون وجود الأسد كشريك. إذا تشارك ترامب فعلاً مع الأسد، فإن ذلك سيمكِّن إيران مباشرة وبشكل كبير".
تشعر المعارضة السورية بأنها تعرضت للخيانة من إدارة أوباما. وعلى الرغم من سنوات من العمل لبناء العلاقات، فإن أولئك الذين يمثلون المعارضة مقتنعون بأن الرئيس أوباما أفرط في تقديم الوعود وأفرط في عدم الوفاء بها أيضاً. ويعطيهم تغيير الحكومة في واشنطن فرصة لإعادة ترتيب العلاقات، لكنه ينطوي أيضاً على مخاطر.
ربما يقرر ترامب تجاهل جماعات المعارضة الرئيسية ويتحول إلى شريحة صغيرة من المعارضة، والتي تفضلها موسكو. لكن شخصيات هذه المعارضة لا تتمتع بمصداقية على الأرض، ولا يمكن عملياً تنفيذ أي صفقة يتم إبرامها معها.
لدى المعارضة الموثوقة غير المتطرفة بعض الحلفاء في إدارة ترامب. ويريد مستشار الأمن القومي القادم، فلين، العمل مع روسيا، وإنما أيضاً مع جماعات المعارضة العربية السنية وتركيا. كما دافع مدير وكالة الاستخبارات الأميركية القادم، مايك بومبيو، باستمرار عن العمل مع الثوار السوريين لمحاربة الإرهابيين، ولممارسة الضغط على الأسد على حد سواء.
لدى المعارضة السورية فرصة لإقناع الرئيس الأميركي المقبل بأن العمل معها سيخدم مصلحة الأمن القومي الأميركي. ولكن، ماذا إذا رفضها ترامب؟ يقول أبو حطب وفهد أنهما -والشعب السوري الذي يمثلانه- سيواصلون المقاومة، وإنما مع عدم وجود الولايات المتحدة إلى جانبهم.

*نشر هذا الموضوع تحت عنوان: In Washington, Syrian opposition offers to work with Trump and Russia