"فِلْس" الأردن

ست سنوات ومستودع الموت شاخص بعينيه نحو بيروت ولا احد يجرؤ على أن ينبس ببنت شفة حول الغول الذي ابتلع البلد باسم الله وحزبه، فلا صوت يعلو على صوت المعركة. ستة أعوام والوحش يتحين وقت اغتصاب بيروت في وضح النهار دون أن يرف للقتلة وأدواتهم جفن فهم في مهمة مقدسة حيث معاتيه تعجيل الفرج المسجى بالسرداب عبر قبة عيش الغراب النووية وهي ذات المهمة المقدسة التي سيفرح بها كذلك في الجانب الآخر معاتيه آخرون عند رؤيتهم لسحابة المشروم التي ستصنف كثالث اعنف انفجار على وجه الأرض بعد هيروشيما ونكازاكي.اضافة اعلان
يعد لبنان المثال التاريخي الأبرز لتصارع النفوذ الإقليمي حيث يتم تصفية الدولة عبر احزاب عابرة للحدود لتصبح البلاد ارض نفوذ لمن يملك هذه الأدوات ومجرد ورقة تفاوض في أجندة مشاريع التوسع بالمنطقة والتي لم يعد سرا تصدر ثلاثي الفارسي والعصملي والصهيوني لمشهدها.
ويبدو أن تسارع الملفات المؤجلة هو ما عجل بفتح ابواب جهنم على الشعب المنكوب فقريبا سيعلن القضاء عن قاتل الرئيس الراحل رفيق الحريري واستبق ذلك اعلان قانون قيصر حيث دخلت قبله ارض الفينيق في اتون أزمة اقتصادية خانقة رافقتها بوادر مجاعة.
يؤمن العصملي والفارسي والصهيوني بأن الاستقرار لا يتم الا بوجودهم في السيطرة لذا ينهج ثلاثي مشاريع الموت الاقليمي في جرائمهم بلا رحمة.
وعلى الطرف الآخر تستمر اعرق المؤسسات الأردنية واعمقها (القوات المسلحة الاردنية ) بقلب المفاهيم الإرهابية على رؤس دول البلطجة في الاقليم حيث الإيمان الراسخ أن تحقيق الأمن والاستقرار ليس بالضرورة عبر الدخول في الحروب او فرض الإرادة بالقوة بل يأتي من أبواب مختلفة مثل التنمية والتنمية الإنسانية ومثالها المستشفيات الميدانية فلم يكن مستشفى لبنان الميداني الأردني الا وصلة في سلسلة عمل أردني طويل، حيث يتكفل جيشنا وخدماتنا الطبية واجهزتنا الأمنية بترجمة مشاعرنا الوطنية والانسانية الأردنية بكل حضارة في ميدانها المناسب.
تاريخ حافل من العمل في ميادين الشرف والبطولة منذ مهمات حفظ السلام الدولي حيث عمق فلسفة الدولة الأردنية التي تؤمن بالسلام العالمي والأمن والاستقرار وهما من ركائز التنمية الدولية وبرهنت على ايمانها من خلال عدد المشاركين في المهمات الدولية لحفظ السلام تحت مظلة الأمم المتحدة الذي تجاوز المشاركون فيه المائة ألف من كوادر القوات المسلحة الأردنية، جرح منهم (1070) وقدمت القوات المسلحة الأردنية خمسة وثلاثين شهيدا في سبيل هذا الهدف العالمي النبيل.
في فترات التنطع التاريخي ظهرت فئة عرفوا بحزب الفريسيين حيث تشددوا بتفسير الكتاب المقدس ومنهم بدأت لعبة التمسك بالشكليات الدينية التي تسيطر على حياتنا اليوم وخلالهم في حينه تم ابتكار بوق ضخم ينتهي بصناديق التبرع وعند وضع تبرعك في فوهة البوق وما ان يسقط الى القعر حتى يعطي دوي صوت يوازي حجم التبرع وعليه كان الاستعراض هو الغاية حتى وصلت ارملة ورمت بفلس لم يسمع له صدى ولم يلتفت له احد فقال السيد المسيح لتلاميذه: ((الحَقَّ أَقولُ لَكُم إِنَّ هذِهِ الأَرملَةَ الفَقيرةَ أَلْقَت أَكثَرَ مِن جَميعِ الَّذينَ أَلقَوا في الخِزانَة لان العطاء الحقيقي هو عطاء القلب قبل ان يكون عطاء اليد)).
اليوم تلقي دولتنا عطاءها في مداواة كارثة بيروت وكلي فخر بفلسنا لأنه من دولتنا نحن وارادتنا الخالصة، يرى روي كوهين المحامي أن الحقيقة ليست مطلقة بل لها أوجه كثيرة وفي لبنان لدينا حقيقة بأوجه كثيرة ولكن بقلب واحد وهو اللا دولة حيث تردد أدوات الفوضى هناك رسالة مشغلهم وهي: نحن الدولة!