قانون الاتصالات الجديد و"المرئي والمسموع"

تعكف وزارة الاتصالات في هذه الأيام على تقديم مقترح لقانون اتصالات جديد سيشتمل على ضم هيئة الاعلام المرئي والمسموع الى الوزارة حيث إنها تعمل الآن، ومنذ عام 2003 ضمن قانون الإعلام المرئي والمسموع المؤقت.

اضافة اعلان

لا شك أن استبدال قانون مؤقت وضع من دون مشاركة المعنيين بقطاع المرئي والمسوع او ممثلين عنهم بمقترح قانون اخر امر جيد، سيصب في صالح هذا القطاع. كما أن توحيد المرجعيات الخاصة بتراخيص الأثير الأردني -وهو ارث وطني يجب تنظيمه- أمر جيد ومنطقي ولكن كما يقول الممثل فإن الشيطان يكمن في التفاصيل.

بعض المعلومات، التي تدور خلف الكواليس، تفيد أن هذا التوجه سيؤدي الى إعطاء هيئة الاتصالات الدور النهائي في منح تراخيص الإذاعات والتلفزيونات بدلا من مجلس الوزراء، والذي له الحق في قبول أو رفض منح التراخيص الإذاعية والتلفزيونية، كما أن مجلس الوزراء غير ملزم بإبداء أسباب قراراته بخصوص التراخيص، بخاصة عند رفض منح الترخيص، وهو ما يمنحه القانون الحالي للمجلس، بالإضافة إلى صلاحية مجلس الوزارء في إعفاء بعض المؤسسات من رسوم التراخيص وعدم إعفاء أخرى دون أن يكون لذلك آلية واضة. لذا من الممكن إذاً أن تتم عملية منح التراخيص او رفضها من خلال ما يسمى الشباك الواحد.

ومع وجود إجماع مؤيد للتحرك في إعادة هيكلة المؤسسات العاملة في مجال المرئي والمسموع، وضمها لوزارة الاتصالات، فإنه من الضروري أن يتم إشراك العاملين والمهتمين والخبراء في مجال الإعلام المرئي والمسموع من المجتمع المدني في كافة مراحل مناقشة التشريع الجديد للاتصالات.

وفي خطوة تعد مبادرة إيجابية قامت المحامية تغريد الدغمي، من شبكة الإعلام المجتمعي، بإجراء استفتاء حول قانون الإعلام المرئي والمسموع شارك فيه مالكو ومدراء المحطات الإذاعية والتلفزيونية وإعلاميون عاملون في القطاع، بالإضافة إلى مشاركتهم في ورشة عمل الأسبوع الماضي شملت عرضا من الخبير في شؤون القوانين، يحيى شقير، لاقتراح مسودة قانون لتنظيم المرئي والمسموع في المملكة.

ومن أهم الأمور التي اجمع عليها المشاركون في الورشة، من أصحاب المحطات، ضرورة وقف التشويهات الموجودة في قطاع المرئي والمسموع. فليس من المنطق توفير تراخيص من دون رسوم لمؤسسات حكومية وشبه حكومية، وثم السماح لتلك المؤسسات بيع الإعلانات والحصول على الرعاية التجارية.

طبعا نفس التشويه في المنافسة الشريفة ينطبق على التلفزيون والإذاعة الرسميين حيث تقوم الحكومة بجباية دينار واحد على كل فاتورة كهرباء تحصل من المواطنين، وبرغم ذلك يسمح للتلفزيون والإذاعة بتقاسم الكعكة الإعلانية الصغيرة مع القطاع الخاص. هناك من يقول إن الحكومة لا تحول دنيار التلفزيون للتلفزيون مما يجبرهم على السعي وراء المعلنين، وبذلك تصبح برامج التلفزيون تجارية بدلا أن تكون رزينة وذات الخدمة العامة.

إن أي قانون جديد يجب ان يتضمن إلغاء التشويه في تراخيص المرئي والمسموع والذي أعطى للأردن سمعة سيئة من خلال انفرادها بأنها الدولة الوحيدة (حسب علمي) التي تجني رسوما إضافية بنسبة 50% للراديو والتلفزيون الذي يرغب أن يبث برامج إخبارية أو سياسية. وكما قال المشاركون بورشة شبكة الإعلام المجتمعي بالتعاون مع مؤسسة فريدرش ايبرت فإن من الأفضل أن يتم تخفيض رسوم المحطة التي تقدم برامج إخبارية محلية بدلا من معاقبتها. فكل من يعمل في هذا القطاع يعرف أن إنتاج الأخبار والبرامج الحوارية مكلف أكثر بكثير من إعداد برامج ترفيهية.

أما في مجال تصنيف التراخيص فبالإضافة للرخص التجارية يجب أن توفر الجهات التنظيمية رخصا مجانية أو برسوم رمزية للمؤسسات الأهلية غير الربحية لتشجيع مبدأ الإذاعات المجتمعية والتي اثبت البنك الدولي أنها تخدم التنمية وتقلل من البطالة والفقر.

لقد خطا الأردن خطوات جريئة وجبارة عند البدء بخصخصة الإعلام المرئي والمسموع عند اصدار القانون المؤقت لعام 2003. أما الآن وبعد تجربة خمس سنوات من الانجازات الهامة من ناحية وفوضى للقطاع من ناحية أخرى، فقد حان الوقت لتنظيم القطاع من خلال تشريع حديث ومرن يلبي حاجات ثلاثة أطراف هي المجتمع وحاجته لوسائل إعلام مستقلة لها فرص البقاء، والمستثمر وحاجته لظروف منافسة شريفة ومتساوية مع الآخرين، والقطاع الإعلامي وحاجته لقانون عصري ينظم عملية ترخيص الاذاعات من دون المسّ بحرية التعبير.

* مدير عام شبكة الإعلام المجتمعي، راديو البلد وموقع عمان نت.