قانون الضريبة :هل ما زال الحوار ممكنا؟

الإضراب الذي أعلنته النقابات المهنية، وتم تنفيذه أمس لقي تجاوباً كبيراً من أطراف ومؤسسات عديدة، وامتدت دعوات الإضراب ليس فقط للتوقف عن العمل ضمن البرنامج الزمني المحدد، وإنما للامتناع عن شراء بعض السلع في فترة الإضراب، ولقي الإضراب استحساناً كبيراً، وبخاصة على الإعلام الاجتماعي.

اضافة اعلان

لقد بدا واضحاً أن حجم الإضراب ومطالبه هي أبعد من الاحتجاج على قانون ضريبة الدخل، وإنما تراكم لعدم الرضا عن مجمل القرارات الاقتصادية، وقد يكون أيضاً احتجاجاً على الطريقة التي تم بها  إدارة ملف الضريبة من قِبل الحكومة.

يوجد العديد من النقاط والقضايا والملاحظات المهمة على القانون المقترح التي تم تقديمها من النقابات والجمعيات الاقتصادية، أو الدراسات كتلك التي قدمها مركز الدراسات الاستراتيجية و بينت الثغرات في القانون المقترح، إضافةً لطرح الحلول والبدائل. وبالرغم من ذلك، فقد أجرت الحكومة حواراً محدوداً وقصيراً، ثم أجرت التعديلات البسيطة، وأرسلت القانون لمجلس النواب الذي من المفروض بدوره أن  يقوم بحوارات أوسع وأعمق. أُخذ على الحكومة عدم إدارة حوار معمق حول القانون قبل إقراره في مجلس الوزراء.لذا تولدت القناعة لدى الكثيرين، وبخاصة بعد فرض ضريبة المبيعات على عدد كبير من السلع، ورفع الدعم عن الخبز، بأن الهدف الرئيس من القانون هو فقط لتحصيل أموال أكثر للخزينة، وأنه تم إهمال الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين، ما زاد من النقمة الشعبية على القانون المقترح.

تتفق نسبة كبيرة من الخبراء الاقتصاديين على أن القانون الحالي يعاني من مشكلات كثيرة، وهو بحاجة الى تعديل، ولكن إذا عدنا إلى الدستور الأردني، الذي يجب أن يكون المرجعية بالتعامل مع قانون الضريبة، فهو ينص في المادة 111:" على الحكومة أن تأخذ في فرض الضرائب بمبدأ التكليف التصاعدي مع تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية، وأن لا تتجاوز مقدرة المكلفين على الأداء وحاجة الدولة الى المال". هذه المادة يجب أن تكون مرجعية للنقاش حول القانون، إذ حدد الدستور ثلاثة مبادئ أساسية يجب أن تتوفر في قانون ضريبة الدخل، وهي: مبدأ التصاعدية، الذي يعني أن ذوي الدخل المرتفع يدفعون أكثر من ذوي الدخل المتدني، وتحقيق العدالة الاجتماعية، الذي يعني أن تقوم الحكومة بتقديم الخدمات العامة، كالصحة والتعليم للمواطنين بغض النظر عن دخلهم، وعدم تجاوز قدرة المكلفين على الأداء، التي تعني عدم الوصول للاجهاد الضريبي، أي أن يدفع الذين يدفعون أكثر من اللازم.

بدون الدخول بالتفاصيل حول القانون، وبعد إضرابات أمس، يطرح السؤال التالي: هل من الممكن إجراء حوار عقلاني  حول القانون الذي أرسلته الحكومة لمجلس النواب؟ الكرة الآن في ملعب المجلس، الذي صرح بأنه سوف يجري حوارات موسعة حول القانون، وهو قادر على ذلك. ولكن أمام المجلس تحدي وضع مسافة بينه وبين الحكومة لاستعادة ثقة الناس بجدية الحوارات، والخروج بقانون عصري ومتوازن يراعي مصالح الأطراف كافة، والمصلحة الوطنية بشكل خاص.

الإضراب والاحتجاجات المصاحبة يجب أن تشكل فرصة للمراجعة ليس فقط لقانون الضريبة، وإنما لمجمل القرارات الاقتصادية .المطلوب الآن هو إدارة حوارات وطنية حول مجمل التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجه المملكة اليوم. الحوار والمشاركة يجب أن يكونا عنوان المرحلة المقبلة، وهما الوسيلتان الوحيدتان للحلول الوسط.