قراءة في ديوان(قصائد مجنونة جدا) للشاعر قيس قوقزة

   عمان- صبي فقلبي لم يعد يرتاح ابدا ولا تشفى غليلي راح وباي شيء استعين على دمي فانا الجريح وخصمي الجراح هكذا استهل قيس قوقزه ديوانه الاول /قصائد مجنونة جدا / وكانت المواجهة بين الشاعر وبين الزمن مقتنصا اللحظة الشعرية ليجعلها نابضة بالحياة .. وبدأ الشاعر ديوانه بقصيدة بعنوان / من مذكرات الشاعر الجاهلي / حيث تتبدى لحظة الاصطدام بالواقع الراهن المجنون في كل شيء.. زمن تقلب الاشياء .. فهذه لحظة التصادم مع الواقع والبحث عن محط امل في سوداوية العتمة الجاثمة يبشر بها الشاعر في رحلته الباحثة عن الشعر الموجوع او وجع الشعر المتدفق كشلال على نبض الكلمات الموغلة في ليلها الطويل . ولا ينشغل الشاعر في محاولات التجريب التي يغرم بها شعراء شباب في ظل ما بعد الحداثة فهو يترك للشعر ان ينساب تماما انسيابية النبع الصافي ولا يميل الى الحداثة البنيوية المقصودة لذاتها عند العديد من الشعراء الشباب الذين يجنحون الى الرمز الموغل في ضبابيته والى البنيوية المفرطة في تشظيها. ويشد الشاعر المتلقي نحو ارتياد معالم شعره النقي الصافي اذ يدرك بفطرته ان الوضوح سمة من سمات الشعر الجيد وان تحميل النص ما لا يحتمل من تأويلات هو في النهاية مرتع لكل مشوه وطارئ ليس له من اساس الا اللهث وراء الغموض الذي طالما قتل الكثير من شعراء الحداثة في هذا العصر وجعل بينهم والمتلقي هوة واسعة. وفي قصيدة // هوس// التي افردها الشاعر ل (نينوى ) التي قد تكون المعشوقة او الاخرى المدينة التي هي من تراب وماء ونهر وسط لهفته واحساسه بالضياع فيهتف .. يا نينوى .. وحدي وراء الباب مذبوح اصيح هل انجبت عيناك مثلي شاعرا .. صلبا يموت ولا يبوح ..عيناك تسألني وكحل رموشها ثمل كمنديل الوداع يلوح . ويبدو الشاعر قوقزة مخلصا لروح الشعر وايقاعه في كل ديوانه فهو يراوحه بين الشعر العمودي والحر الموزون المقفى فهو غير مكترث بلعبة او لعنة قصيدة النثر التي ما زالت رغم مرور العشرات من السنين على ولادتها القيصرية في الادب العربي تراوح مكانها وتطل باستحياء على القارئ العربي الذي اعتاد ان يكون لشعره وقع تماما كوقع سنابك الخيل وهي تخلخلل سكون ليله الطويل او كوقع حداء القوافل وهي موغلة في عنادها نحو صبح قادم. قيس قوقزة شاعر يمتلك ادوات الشعر.. وهو بلا شك قادم الى الساحة الشعرية وهذا ما ينبئ به ديوانه الاول المشوب بالوجع والاسى الذي يحمل ضمير الانسان العربي الجمعي في بحثه عن البطولة الغائبة من الواقع.

اضافة اعلان