قسوة عقاب شبان العيسوية تزيدهم إصرار

الاحتلال يعتقل 19 فلسطينيا بالضفة والقدس
الاحتلال يعتقل 19 فلسطينيا بالضفة والقدس

هآرتس

بقلم: نير حسون

اضافة اعلان

بعد قتل الفتى الفلسطيني محمد أبو خضير في العام 2014 ومع تعاظم المواجهة في شرقي القدس، قررت النيابة العامة تشديد العقوبة للقصر من الفلسطينيين حال ضبطهم وهم يرشقون الحجارة.
المدعون العامون تم توجيههم لطلب تمديد مدة الاعتقال لاستكمال الاجراءات والمطالبة بعقوبة مشددة، وغالبا ما تتم معاقبتهم بالحكم سنتين سجن بسبب رشق حجارة لم تسبب أي أضرار، هذه السياسة أدت الى جعل مئات الشباب من شرقي القدس يقضون فترات طويلة في السجن، أحدهم هو محمد عبيد الذي كان عمره 15 سنة في العام 2015 عند اعتقاله للمرة الاولى، ومثله الكثيرون من الشباب يغير الاعتقال مسار حياتهم ولم ينجح بعد ذلك أي منهم في الخروج منه.
بعد فترة قصيرة من اطلاق سراح عبيد تم ضبطه مرة أخرى وسجن سنتين أخريين، قبل سنة تم اطلاق سراحه مرة اخرى، ويوم الخميس الماضي وقف الى جانب سور حجري غير بعيد عن بيته، وحسب صور وشهادات لسكان حيه "العيسوية" على بعد عشرة أمتار منه وقف هناك عدد من رجال الشرطة الذين كانوا ينشغلون في الحديث مع سكان القرية في محاولة لتهدئة النفوس.
عبيد، حسب شهادة رجال الشرطة، وجه نحوهم علبة العاب نارية، وهو سلاح مشهور في اوساط الشباب الفلسطينيين في القدس، الالعاب النارية تنفجر بقوة كبيرة وتطير لمسافة قصيرة، لكن تقريبا لا توجد حالات اصابة منها، وبالتأكيد لا توجد أي اصابات خطيرة، عبيد وجه الالعاب النارية ليس فقط نحو رجال الشرطة، بل ايضا نحو الفلسطينيين الذين وقفوا الى جانبه، أحد رجال الشرطة لاحظ ذلك واطلق النار عليه، وحسب عدد من الشهادات هو أطلق ثلاث رصاصات، آخرون قالوا إنه أطلق رصاصة واحدة، ومهما كان عددها فقد اصابت صدره وتوفي بعد فترة قصيرة من ذلك.
السكان الفلسطينيون في القدس يقولون منذ سنوات إن العقاب القاسي والاعتقال المشدد ضد الشباب حرفهم عن مسار حياتهم ودفعهم الى حياة عنيفة وصدامات لا تنتهي مع رجال الشرطة.
"قلت للقاضية هل هذا مكان مناسب لطفل؟"، قال أحد سكان العيسوية، وهو محمد عطية الذي قضى ابنه فترة سنة ونصف في السجن، في خيمة العزاء لعائلة عبيد، "وقلت لها: أنه منذ خروج ابني تصعب علي تربيته، أنتم لا تعرفون أنكم تفعلون بهم هكذا".
مقاربة الشرطة بالنسبة للعيسوية في الفترة الاخيرة تذكر بمقاربة النيابة العامة في العام 2014، وفية للشعار الذي يقول إن ما لا يسير بالقوة يسير بقوة أكبر، أعلنت الشرطة قبل ثلاثة اسابيع عن عملية واسعة لتطبيق القانون ضد السكان، وهؤلاء السكان شهدوا أن أحد الضباط قال إن العملية ستستمر الى حين "لا يتم رشق أي حجر" في القرية، العملية شملت دخول عشرات رجال الشرطة الى القرية في كل يوم ووضع الحواجز وتوقيف منهجي لكل سيارة تخرج من الحي واصدار مخالفات تقريبا بأي ثمن.
أحد السكان قال إنه تلقى مخالفة لأنه لم يرفع النايلون عن سيارته الجديدة، آخر قال إنه تلقى مخالفة بسبب النوافذ السوداء في السيارة، ثالث قال إنه تلقى مخالفة على لوحة سيارة باهتة اللون، وكان هناك من قالوا إن الشرطة اقترحت عليهم صفقة، تقليص الغرامة مقابل اعطاء معلومات عما يجري في القرية، هذه العمليات شوشت الحياة في العيسوية بشكل كبير، معظم اصحاب المصالح التجارية اختاروا اغلاق محلاتهم بعد الظهر، والكثير من السكان اختاروا البقاء في البيوت، والمواجهة مع الشباب الذين رشقوا الحجارة ازدادت شدة.
عندما سُئلت الشرطة عن سياستها ردت بسذاجة "كل محاولة لعرض تطبيق مشروع للقانون يمنع حوادث الطرق ويحافظ على حياة السكان بصورة مختلفة هو أمر مرفوض ويجانب الحقيقة"، ولكن كل من يخفي أي شيء عن سلوك الشرطة في المدينة يعرف أن الامر لا يتعلق بعملية ساذجة بل بعقاب جماعي هدفه دفع سكان العيسوية الى منع رشق الحجارة على رجال الشرطة.
المحامية اوشرا ميمون من جمعية "مدينة الشعوب" توجهت لمدير عام الشرطة أول من أمس وكتبت "العيسوية هي حي يعيش فيه 20 ألف نسمة، وحتى لو وجدت الشرطة أنه يوجد من يخرقون النظام العام فيها فمن واجبها العمل ضدهم بالتحديد، وبالتأكيد عدم معاقبة عشرات آلاف السكان بسببهم"، وحسب اقوالها "إن استخدام وسائل الضغط، كما اسلفنا، ليس فقط هو امر غير قانوني، بل نتائجه هي فقط زيادة سوء الوضع".
الشرطة واصلت رفضها أول من أمس لتسليم جثمان عبيد كي يتم دفنه، مرة اخرى دخل الى القرية مئات رجال الشرطة لاجراء اعتقالات، "حاولنا التحدث مع الشرطة بشكل جيد، توسلنا لهم كي يتوقفوا عن تخويف الناس"، قال عدنان عبيد، أحد اقارب محمد، واضاف "إبني عمره سنة ونصف، وقف على الشرفة وشاهد اطلاق النار، ومنذ ذلك الحين لا يترك أمه ولا يتوقف عن البكاء في الليل".