قصة نجاح أردنية تقابلها تحديات جسام

عشر سنوات غيّرت وجه الأردن وأضافت لمسيرة بلد شكلته الأحداث والنكبات، ورأينا فيها تطورات وتحولات غير مسبوقة أصابت كل فرد منا، ورأينا فيها كيف أسهم عشرات الآلاف من الأردنيين ممن حولوا فيها شقاء سنين من مدخراتهم وأموالهم في الداخل والخارج للاستثمار في بلدهم في نهضة اليوم.

اضافة اعلان

كل ذلك في ظروف إقليمية بالغة التعقيد ألقت بظلالها على المناخ الاستثماري، ولم يحبط الكثيرون بالمضي لجعل وطنهم ملاذا لأموالهم في وقت هاجرت فيه البلايين أوطان الآخرين وخرج البلد مرارا الأقوى مجيّرا في كثير من الأحيان قلاقل الآخرين من أهل الجوار لصالحه.

المدهش في القصة الأردنية أن العقد الأخير من عهد الملك عبدالله الثاني توج قصة نجاح فريدة كانت نتاج تمازج بشري قوّى الأردن ومكنه بالرغم من قلة الموارد من تحقيق ما نراه من بناء في شتى المؤسسات الريادية التي صدّرت الخبرات وباتت نموذجا في المنطقة.

وتبقى تحديات جسام في مجتمع تشكل ديمغرافيته الشابة عنوان قوة بقدر ما يمكن أن تتحول لمصدر قلق لما ينتظرنا بغياب إرساء مبدأ الكفاءة في بناء أركان الدولة المعاصرة.

ودون ذلك فإن راسمي السياسات الحاليين والمستقبليين أمام امتحان صعب لمواكبة تطلعات الأردنيين لغد أفضل.

ولا نملك رفاهية الوقت اليوم لمواجهة تحديات الغد، وبات اليوم أكثر إلحاحا من أي وقت مضى الشروع لتوطيد مجتمع تكافؤ الفرص الذي ينادي به سيد البلاد بعد أن قطعنا شوطا كبيرا في توفير قدر مجز من الرفاهية والتحسن في الدخل للكثير من الأردنيين، وبقيت أغلبية تواقة للحياة الكريمة التي حققها بعض الاردنيين إما بجهدهم أو بفعل امتيازاتهم.

ولا يمكن مجابهة المستقبل ونحن نحتمي بمؤسسات قطاع خاص تتمركز فيها ثروة عائلات تزداد غنى وتفوّت الفرص بفعل مالها أمام فتح منافسة من يملكون الكفاءة لا المال حتى باتت العطاءات والمشاريع حكرا لهم.

وفي الوقت ذاته يكاد تفشي المحسوبية التي تغلغلت في مؤسسات الدولة يعيق تطور الإدارة الحديثة، ويبدد المال العام ويحرم بناة الوطن الأكفاء من فرصهم العادلة للمشاركة في بناء وطن أقوى.

إن ترسيخ قيم المواطنة المبنية على العطاء وتمكين أعداد أكبر من المهمشين الأردنيين ذوي الكفاءة من الدخول في منافسة حقيقية يقوي دعامات اقتصاد متعاف تزداد فيه الإنتاجية، بخاصة أن ما حصل من تشوهات خلال عقود من الزمن أصاب جزءا من جسم الدولة وقطاعا خاصا مرتهنا ومحتكرا يعتاش على عطاءات الدولة، لا يمكن أن يزول دون فتح الأبواب أمام مبدأ تكافؤ الفرص.

ولن نتمكن من أن نترجم كل المعاني الكبيرة التي تضمنها الخطاب الملكي دون أن نبدأ بفرض معايير العدالة الاقتصادية لإزالة ما يقف من عقبات تكرس الامتيازات المكتسبة وتعطل إعطاء الأكفأ فرصته. عندما نبدأ السير في هذا الطريق نكون قد بدأنا العمل لمستقبل واعد.