قضية سد الواله.. حادثة عارضة أم فشل جديد؟

تحدث وزير المياه الأسبق عن تقارير وردته أثناء توليه منصبه حول عيوب في تصميم سد الواله يمكن أن تؤدي إلى انهياره، واستناداً إلى ذلك يمكن تبرير قراره بتفريغ السد من المياه الأمر الذي أدى إلى جفاف مياه السد في موسم مطري شحيح، ويكاد النقص الذي أحدثه تفريغ السد يكون مساوياً لملايين الأمتار المكعبة التي طلبت من (اسرائيل) في وقت سابق من هذه السنة.اضافة اعلان
تلقى الأردنيون حديث الوزير السابق، والذي أظهره بوصفه مسؤولاً جريئاً في قراراته حيث استخدم وصف التسونامي المائي كان سيهدد الأغوار ويحدث خسائر هائلة في حال انهيار السد الذي يمكن أن يحدث في وقت، حسب تقرير ورد إلى الوزير مع أن الحديث عن التقرير لا يوضح الجهة التي أجرته أو المسؤولة عنه.
كرة اللهب التي قذفها الوزير بعيداً عنه بعد انتقادات عديدة ستقع في حضن جهات أخرى، وستثير تساؤلات ضرورية حول التوقيت والملابسات، فالحديث عن خلل في التصميم يدفع للتساؤل حول الإجراءات التي اتخذت أصلاً في عملية استلام أعمال تعلية السد من الجهة المنفذة، علماً أن سلطة وادي الأردن أكدت قبل عامين أن متابعة جميع أعمال المشروع تجري من قبل شركات عالمية ذات خبرة عريقة، فأين الجهة التي نفذت الأعمال الإنشائية، وهل يمكن أن تدعى أيضاً للتحدث عن وجهة نظرها في الموضوع، وما هي الخطوات التي يجب أن تتخذ في هذه الحالة، ولماذا لم تتم إثارة الموضوع في وقت سابق، وارتبطت القضية ككل بظهور صور السد خاوياً من المياه بصورة محزنة.
السد القائم منذ سنة 2003 تعايش مع العديد من المواسم المطرية الغزيرة، ولم تكن ثمة مشكلات مرتبطة بذلك، على الأقل حسب ما يرشح من تصريحات حكومية، وبالعكس كان الحديث عن السد بوصفه إنجازاً وطنياً مهماً، وإذا كان الوزير يتحدث عن آراء الفنيين الذين قرعوا جرس سلامة جسد السد والتهديدات المرتبطة بانهيار محتمل وبشكل يوحي بأنه وشيك، فإن رئيس اتحاد مزارعي وادي الأردن يقول بدوره إن الوزير أمر بفتح جميع أبواب السد لتفريغ ثمانية ملايين متر مكعب من المياه مخالفاً رأي الفنيين الذين قالوا بالتفريغ التدريجي، فأي فنيين يمكن أن نصدقهم؟ ولماذا لم يتم التقدم في التحقيق حول أحاديث أثيرت حول تلوث مياه السد وتم الاكتفاء وقتها بالنفي الحكومي؟
المعلومات المتوفرة لدى الوزارة وحسب تصريحات الوزير محمد النجار أن عملية فتح جميع أبواب السد وتفريغ المياه كانت بحجة التساقط المطري لأن السد سيمتلئ مجدداً، وهو الأمر الذي لم يحدث، ولا يبدو أنه كان متوقعاً من الأساس، ويوحي الأمر برمته أن الحكومة تعمل بطريقة (كل ما إيده إله) وكأننا لم نؤسس قبل سبعين عاماً دائرة للأرصاد الجوية كان يمكن أن تعطي مؤشرات مهمة لاتخاذ القرار قبل وقت مناسب من حدوث الكارثة المفترضة لانهيار السد.
لا يجب أن يطوى الملف في هذه المرحلة لأنه يوزع المسؤولية بصورة تتعذر معها المحاسبة ويثير الشكوك في كثير من المؤسسات، وإذا كانت رواية الوزير بالدقة الكافية فإنه يجب أن يحصل على التكريم المناسب لموقف شجاع، ويجب أن نتوجه بالمحاسبة لمراحل سابقة تتعلق بتاريخ السد وتفاصيلها.