قطاع التمور: فائض في الإنتاج وإصرار على الاستيراد

حابس العدوان

وادي الأردن – یعاني مزارعو التمور في وادي الأردن، مشاكل وتحدیات كبیرة حاليا، مؤكدين ان اغراق الاسواق بالتمور المستوردة اضر بالمنتج المحلي، لاسيما مع تدني الاستهلاك في ظل تراجع القدرة الشرائية للمواطن بسبب جائحة كورونا، وتراجع قدرة المنتج على المنافسة في الاسواق الخارجية لارتفاع الكلف، ما تسبب بتراجع صادراته بنسبة قاربت من 30 %.اضافة اعلان
ويعد الاردن من الدول الرائدة في زراعة وإنتاج التمور وخاصة من صنفي المجهول والبرحي وترافق ذلك مع تحسن في أسالیب الإنتاج ووسائل العنایة بالنخلة، ما أدى إلى زیادة كبیرة في معدل إلانتاج، اذ يتراوح انتاج الاردن من صنف المجهول ما بين 15 – 17 الف طن سنويا، في حين يقارب انتاج صنف البرحي من ضعف هذا الرقم.
ويجمع مزارعون ومصدرون، على أن مشكلة القطاع تكمن في اغراق الاسواق المحلية بالتمور المستوردة وارتفاع كلف الإنتاج والشحن، وعدم وجود ضوابط لتعبئة وتدريج المنتج بالمواصفات المطلوبة عالميا، لافتين إلى ان اوامر وقوانين الدفاع ألحقت اضرارا بالغة بالقطاع، اذ ان منع اقامة المناسبات وخاصة بيوت العزاء والافراح والاغلاقات خلال شهر رمضان عملت على تدني المبيعات بشكل كبير جدا.
ويبين المزارع عبدالوالي الفلاحات، ان تداعيات جائحة كورونا اثرت كثيرا على قطاع التمور ومبيعاته، سواء في السوق المحلي او الاسواق الخارجية، موضحا ان ما يقارب من 10 آلاف طن كانت تباع سنويا للمطاعم والمناسبات وخلال شهر رمضان المبارك، لكنها تراجعت خلال الموسم الحالي إلى مستويات متدنية.
ويشير إلى ان انتاج التمور من صنف المجهول يتراوح ما بين 15 – 17 الف طن يصدر ما يقارب من 30 % منها للاسواق الخارجية والبقية للسوق المحلي، في حين ان استهلاك الاسواق المحلية من التمور لا يتجاوز 14 الف طن من مختلف الاصناف وغالبيتها مستوردة من الخارج، موضحا ان استهلاك الفرد الاردني من التمور هو الاقل بواقع 3 كيلو سنويا في حين تبلغ للفرد في العراق 45 كيلو والسعودية والمغرب حوالي 35 كيلو غراما.
ويرى الفلاحات، ان تدني اسعار بيع التمور وخاصة المجهول زاد من الاقبال عليها محليا، ما قد يرفع حجم الاستهلاك المحلي خلال الفترة القادمة، مشددا على ضرورة التوجه إلى بناء شراكات بين القطاعين العام والخاص لتولي عمليات تدريج وتعبئة التمور وفق مواصفات عالمية تمكننا من الاستمرار في بناء الثقة في الاسواق الخارجية.
ويقول "لا شك ان اغراق السوق بالتمور المستوردة له اثر كبير على مبيعات التمور الاردنية، وهو الأمر الذي ظهر جليا خلال جائحة كورونا، رغم ان اسعار البيع تدنت لتصل إلى ما يقارب من 1.25 دينار للكيلو،" موضحا" ان هذا الأمر ترافق مع الاغلاقات في الاسواق العالمية وتعرقل التحويلات المالية وتوقف وسائط الشحن ما ادى إلى تراجع التصدير بنسبة وصلت إلى 30 % مقارنة بالموسم الماضي".
ويرى المصدر فادي حمد، ان ارتفاع الكلف على المزارع وارتفاع اسعار بيع التمور من المزرعة صعب من قدرة المصدرين على المنافسة في الاسواق الخارجية في ظل وجود انتاج من دول اخرى وباسعار اقل من المنتج الاردني، لافتا إلى ان هذا الأمر ادى إلى تراجع صادرات الاردن من التمور خلال الموسمين الماضي والحالي اللذين تزامنا مع جائحة كورونا وتبعاتها على التصدير سواء اغلاق الحدود او ارتفاع كلف الشحن.
ويؤكد ان المشكلة التي ظهرت حديثا هي عدم جدية بعض المزارعين في توفير منتج ذي مواصفات منافسة عالميا، اذ بدأنا نرى الكثير من عمليات الغش في التعبئة بخلط اصناف ذات جودة اقل بأصناف مطابقة للمواصفات، الأمر الذي زعزع ثقة المستوردين، لافتا إلى ان المطلوب فرض رقابة على تعبئة وتدريج التمور او انشاء شركة تتولى تدريج وتعبئة التمور للمزارعين بالمواصفات المطلوبة.
ويؤكد رائد ابويامين، ان المزارع الاردني استطاع بكل المقاييس تحقيق المواصفات المطلوبة للمنافسة في الأسواق العالمية، وهي ما اثبتته الأزمة الأخيرة بعد جائحة فيروس كورونا المستجد، لافتا الى ان مشكلة التمور بشكل عام وخاصة المجهول في ان كلف حفظها وتبريدها مرتفعة.
ويشير إلى ان فائض الإنتاج دفع باسعار بيع المنتج للهبوط إلى مستويات غير مسبوقة، ما زاد من الاعباء على المزارعين، موضحا ان كلف الإنتاج المرتفعة كان بالإمكان تعويضها مع وجود اسعار بيع مناسبة تمكنه من الوفاء بالتزاماته على مدار العام خاصة وان قطاع النخيل من القطاعات التي تحتاج إلى كلف كبيرة خاصة اجور العمالة.
ويؤكد المهندس الزراعي عواد البليلات، ان التقدم الكبير الذي وصل له قطاع انتاج لتمور كانت له آثار سلبية على المنتجين مع تدني اسعار البيع، موضحا انه في ذروة الإنتاج وصل سعر بيع كيلو غرام البرحي إلى 5 قروش والمجهول إلى 1.25 وهو امر غير مسبوق.
من جانبه يشير رئيس جمعية التمور الاردنية الدكتور انور حداد، إلى أن مزارع النخيل وصلت إلى مستويات متقدمة بالانتاج، من خلال استخدام التقنيات المتطورة واتباع الأساليب الزراعية الحديثة، وزراعة الأصناف المطلوبة للأسواق التصديرية، مشيرا الى انه استطاع بكل المقاييس تحقيق المواصفات المطلوبة للمنافسة في الأسواق العالمية.
ويبين ان الاردن ينتج حوالي 26 الف طن من التمور ويستورد حوالي 13 الف طن، فيما يصدر حوالي 6 آلاف طن وعليه يكون استهلاك المملكة من مختلف أصناف التمور حوالي 33 ألف طن، لافتا إلى ان اكثر من 40 % من الاستهلاك المحلي تراجع بسبب توقف المناسبات، فيما أكثر من 40 % من الصادرات تراجع بسبب كورونا.
ويؤكد رئيس الجمعية، ان هنالك كميات كبيرة في السوق لم يتم بيعها بسبب اوضاع الاسواق المحلية والعالمية، واذا ما استمر الحال سنواجه أزمة فعلية، مشيرا الى انه لا بد من إلغاء كافة الضرائب والرسوم المفروضة على مدخلات الإنتاج، وتخفيض كلف العمالة ورسومها والطاقة والنقل.
وطالب الحكومة بالحد من استيراد التمور، خصوصا من الدرجتين الثانية والثالثة لتوفير المبالغ المالية اللازمة للمزارع وتمكينه من تصريف انتاجه.
من جانبه قال الناطق الإعلامي باسم وزارة الزراعة لورانس المجالي، ان قطاع التمور يعتبر من اهم القطاعات الواعدة والتي توليها الوزارة أهمية كبرى، مشيرا الى ان المتابع لهذا القطاع النمو المطرد في انتاج التمور خاصة نوع المجهول والذي وضع الأردن على الخريطة العالمية للانتاج من هذا الصنف من حيث الكمية التي تقدر بأكثر من 15 % من الانتاج العالمي، بالإضافة إلى جودة المنتج الاردني كونه يزرع في مناطق مناسبة ويروى بالمياه العذبة الصالحة للشرب مقارنة مع بعض الدول المجاورة، التي تستخدم مياه الصرف المعالجة بشكل مباشر لري هذا المحصول.
ومن متابعة كميات الانتاج المحلي والمقدر بحوالي (24) الف طن فإنه يتم تصدير ( 4 - 5) آلاف طن سنويا إلى مختلف القارات حول العالم ويستهلك الباقي محليا .. ولكن خلال العام الماضي 2020 لوحظ انخفاض الصادرات بشكل كبير، حيث بلغت الكمية المصدرة 2149 طنا من التمور و 2679 من البلح وكميات بسيطة من الرطب مقارنة مع اكثر من (4.5) الف طن العام 2019 من التمور ويعزى ذلك لتعطل الملاحة الجوية التي كانت تستخدم لنقل معظم الصادرات من هذا المحصول.
وقال المجالي يلاحظ انخفاض الاستهلاك المحلي أيضا خلال هذا العام بسبب إلغاء معظم المناسبات الاجتماعية من أفراح واتراح والولائم بشهر رمضان الماضي، مشيرا الى ان هذه المناسبات كانت تمثل أحد أهم طرق الاستهلاك للتمور، ولذلك عمدت الوزارة إلى الحد من الكميات المستوردة، خاصة في موسم ذروة الانتاج وخفض الكميات المستوردة بكمية ( 6) ألاف طن سنويا من اصل (17) الف طن، كانت تستورد سابقا مع تحديد الأنواع الممكن إدخالها للمملكة مثل الصنف المبروم والصقعي والسكري، بالإضافة للعجوة بهدف إعطاء هذا القطاع فرصة لالتقاط انفاسة.
وقال انه يتم دائما التنسيق مع ممثلي هذا القطاع لدراسة إمكانية التوسع من عدمه وضرورة تنويع الانتاج لبعض الاصناف المطلوبة محليا خلافا للصنف المجهول.