كأن حلماً يقترب

 يبدو أن حلماً بات يقترب من أن يصبح حقيقة؛ فلأول مرة منذ فترة طويلة، يحدو الأملُ الأردنيين  بأن واحدة من ثروات بلادهم ستتم الاستفادة منها بالشكل الأمثل، وذلك عبر مشروع استغلال الصخر الزيتي لإنتاج الطاقة.اضافة اعلان
لسنوات عديدة، أثار الأردنيون أسئلة تتعلق باستغلال ثروات الأردن؛ من صخر زيتي وذهب ونحاس وغيرها. لكن بعض الإجابات عن تلك الأسئلة ظلت معلقة؛ إنْ أسيرة عدم جدية الحكومات بالعمل على استغلال هذه الثروات، أو مرهونة بجدوى الاستثمار.
الصخر الزيتي واحد من ثروات باطن أرضنا طالما تأخر استثماره، رغم احتلال المملكة المركز السادس عالميا في حجم المخزون لديها، والذي يقدر بين 40 و70 مليار طن، وفقا لأرقام شركة "أينيفيت" الأستونية (إيستي إنيرجي)، وبما يؤمّل بجعل الأردن قادراً على إنتاج الطاقة بواحد من موارده المحلية.
القصة بدأت قبل سنوات، لكنها تعثرت. إلا أنه اليوم، وباقتراب شركة العطارات للطاقة (أبكو)، من إنهاء القفل المالي لمشروع محطة الكهرباء من الصخر الزيتي، والمتوقع خلال الأيام القليلة المقبلة، يتعاظم الأمل بقيام المشروع، واستغلال واحدة من خامات الأردن الثمينة.
الكلفة الإجمالية للمشروع تتجاوز ملياري دولار. ما يعني مزيدا من العملات الأجنبية، هذا الرقم كفيل بإسعاد محافظ البنك المركزي.
وسينتج عن المشروع، ومن خلال تقنية الحرق المباشر للصخر الزيتي، نحو 485 ميغاواط من الكهرباء، أي نحو سُدس حاجة المملكة.
أحد أسباب تأخر المشروع، بل ومعضلته، هو التمويل. لكن مع موافقة الحكومة الصينية أيضا على تمويل بحجم 1.6 مليار دولار، بناء على توصية رفعها وزير المالية والصناعة في الصين لمجلس الدولة هناك، يقترب الحلم من أن يصبح واقعا.
بحسب الشريك المسؤول في "أبكو" المهندس محمد المعايطة، ستبدأ أعمال التنفيذ مع نهاية الشهر الحالي، وتستمر نحو 40 شهرا. على أن يتم تشغيل الوحدة الأولى في المشروع بعد 38 شهرا، بقدرة 227 ميغاواط؛ تليها الوحدة التوليدية الثانية بعد نحو 42 شهراً. وسيتم ربط الإنتاج بشبكة شركة الكهرباء الوطنية، مقابل سعر يراوح 7 قروش لكل كيلوواط/ ساعة.
والسعر المقرر والمتفق عليه للكيلوواط يبدو منافسا لسعر الإنتاج الحالي البالغ حوالي 10 قروش. ما يعني تقليل الكلف على الحكومة والمستهلك أيضا.
التفاصيل الفنية المتعلقة بالمشروع كثيرة، ويمكن للخبراء النقاش بشأنها. لكن المهم اليوم أن الاقتراب من بدء تنفيذ هذا المشروع يزرع أملا في أن الإصرار على الإنجاز وتحقيق الخطط، أمر ممكن تماماً.
وفي ظل مزاج الإحباط والقنوط من الحكومات، يبدو المضي في تنفيذ مثل هذه المنجزات رسائل إيجابية للمجتمع، خصوصا وأن مشروع الصخر الزيتي سيعتمد بالكامل على مدخلات أردنية، كما إنه كفيل بتوفير آلاف فرص العمل لأردنيين خلال مراحل الإنشاء، وصولا إلى قيام المشروع.
كما إن مثل هذا المشروع يقول للأردنيين إن استثمار خيرات بلادهم يتخذ المسار الصحيح، إذ يجعل المملكة أكثر استقلالا في مجال الطاقة، عبر توفير مصدر محلي لإنتاجها.
هكذا تكون قصص النجاح من مثل هذا النوع مهمة، كون نتائجها تصب في أكثر من اتجاه. وإذا كانت الحكومات تسعى إلى تحسين المزاج العام وإعادة بناء الأمل والأفق عند الأردنيين، فعليها الإكثار من هذه المنجزات، بدلا من الاكتفاء بالتنظير.