
فيلم اردني يلقى حضورا كبيرا في عرضة الاول
فريهان الحسن
عمان – افتتحت جلالة الملكة رانيا العبدالله مندوبة عن جلالة الملك عبدالله الثاني، مساء الأول من أمس أول عروض الفيلم الروائي الأردني “كابتن أبو رائد”، كدعم من جلالة الملكة لتشجيع صناعة الأفلام الأردنية.
ويحكي الفيلم الذي حاز على جوائز دولية هامة أبرزها فوزه بجائزتي الهيئة التحكيمية والجمهور في مهرجان صن دانس السينمائي الدولي الذي أقيم في ولاية يوتا بالولايات المتحدة قصة رجل بسيط وهو “الكابتن ابو رائد” يعمل عامل نظافة في المطار ويحلم دوما بالسفر إلى الخارج ورؤية العالم الذي لم يشاهده إلا من خلال الكتب وأحاديث المسافرين العابرة الذين يلتقيهم بشكل يومي، يعيش حلما يتفاعل مع أحلام الآخرين.
يركز الكابتن أبو رائد الذي يقوم بدوره الفنان نديم صوالحة على توظيف ثقافته الشخصية بجلب البهجة لأطفال جيرانه بعد أن كان يسرد عليهم مجموعة من المغامرات التي تجوب الآفاق عندما أقنعهم بأنه يعمل طيارا، من خلال طاقية الكابتن التي وجدها أبو رائد في صندوق الزبالة ورآه الأطفال وهو يرتديها.
يسرد أبو رائد مغامراته وتجواله حول العالم، ويصدق الأطفال انه كان يوماً طياراً و”كابتن” يعمل في المطار، ومع تطور العلاقات واختلاطه مع اثنين من أطفال الحي يكتشف الصراعات والنزاعات المحيطة بحياتهما البسيطة.
استطاع ابو رائد التغلب على الشك الذي يدور في داخله، ووجد الشجاعة للتدخل في حياة هؤلاء الأطفال وتغييرها، وتجاوز مخاوفهم، ليساعدهم على تخطي حدود أحلامهم الى العيش بواقعية.
كما شكلت شخصية كابتن الطائرة نور التي تقوم بدورها البطلة رنا سلطان العنصر الذي يوازن المشاهد المثقلة بالآلام والمرهقة بقساوة الحياة لفئة معينة من المجتمع في الفيلم، فهي تنحدر من عائلة ثرية ساعدت في تحقيق حلم لأحد الأطفال الرئسيين في الفيلم وغيرت في مجرى حياته.
يستند الفيلم الذي يحمل فكرة إنسانية إلى محلية واضحة، إذ حاول المخرج التشبث بمحور واقعي محلي تماما، يثبت فيه أصالة الانتماء إلى الوطن وإلى عمان خصوصا، إذ ان مشاهد هذا الفيلم هي عمانية ولا تحتاج إلى تفسير في استبيان مرجعية العمل وخصوصيته وإيقاعه الدرامي وشكله الجغرافي.
لقد كان الفنان صوالحة الحائز على جائزة أفضل ممثل عن الفيلم في مهرجان دبي السينمائي، موفقا في حمل هذا الفيلم كاملا على عاتقه لما يتميز به من “استرخاء في التمثيل” وانسيابية في تأدية الدور الذي يجعلك تشعر كأنك ترى عاملا حقيقيا، كما أن البنية “الدراماتيكية” تتأصل في كون هذه الشخصية المحورية تستند إلى الحكمة والوقار.
الموسيقى التصويرية موفقة في تلبيس العمل إيقاعا حزينا مرة، وإيقاعا سعيدا في مرة أخرى، تماشيا مع أحداث الفيلم، إذ عملت على إعلاء شأن الكثير من المشاهد والأحداث الدرامية.
الفيلم بحد ذاته مغامرة، وذلك لإقحام المخرج مطالقة نخبة من الأطفال الذين كانت عفويتهم وتميزهم في الأداء دلالتين على مقدرة المخرج في إدارة دقة العمل، ومحاولة استنطاق الطاقات الكامنة في هؤلاء الأطفال الذين تم اختيارهم من جميع محافظات المملكة.
وعزز من هذه العفوية أداء البطل الذي كان عفويا في أدائه سواء مع الأطفال أو بقية شخوص الفيلم.
راهن المخرج في التصوير على حركة الكاميرا، إذ كان يتخلص من رتابة إعادة تصوير بعض المشاهد في ذات المواقع في انتقالية الكاميرا من المشاهد الفوقية إلى الجانبية في لقطة واحدة “وان شوت”، ويدل هذا الفن في التصوير على إمكانية طاقم الفيلم في السيطرة على مجريات التصوير وحنكة الإخراج.
زوجة أبو رائد المتوفاة كان لها دور في الفيلم بفتح خيال المشاهد، إذ كان أبو رائد يضع الكرسي الذي كانت تجلس عليه زوجته بجانبه ويسرد لها القصص، وكأنه لم يفقدها أبدا، ودلت هذه المشاهد على مدى الحنية التي يتمتع بها البطل وارتباطه بالذكريات.
المخرج مطالقة تخرج من معهد الفيلم الأميركي واستطاع توظيف جميع خبراته السينمائية والعودة إلى عمان لإنجاز هذا المشروع الذي بدأ قبل عامين ونصف، إذ استخدم واعتمد في طريقة تصوير الفيلم أسلوبا تقنيا عاليا يستند إلى المعايير العالمية.
استغرق مطالقة في كتابة هذا الفيلم سنة ونصف، وجاء تمويله من شركة سينمائية تأسست حديثا برأسمال 2 مليون دولار، وستعمل على إنتاج أفلام أردنية عديدة أخرى لإثبات وجود صناعة سينمائية في الأردن لا تقل عن مثيلاتها في العالم.
الفيلم تم باشتراك عدد من المنتجين الأميركيين الذين ساهموا في تسويق الفيلم، حيث سيتم عرضه قريبا في لبنان والكويت والامارات.
وصورت مشاهد الفيلم في جبل القلعة الذي يعتبر من أعلى القمم المطلة على مناطق وسط عمان، وكذلك في أحياء مدينة السلط، وهو ما أضفى بعدا إنسانيا للفيلم، فأبو رائد لا يستطيع الطيران في طائرة كالآخرين، ولكن سطح منزله مطل على عمان بأكملها، وكأنه على متن طائرة تحلق في السماء.
ومن أبطال الفيلم حسين الصوص وعدي القديسي وغاندي صابر.
وحضر حفل الافتتاح الأمير علي بن الحسين والأميرة ريم علي، وشهد اليوم الأول من العرض حضورا لافتا من قبل الصحافيين والفنانين الأردنيين، وجمع كبير من المهتمين.