كذبة الفقر والبطالة في الأردن!

 

سمعت أن شرم الشيخ تحولت في إجازة العيد إلى مستعمرة أردنية بامتياز، فمبروك لإخواننا المصريين قدرتهم على اجتذاب الأردنيين، مع العلم بأن هناك ما يزيد على 30 ألف غرفة فندقية في شرم.

اضافة اعلان

ونشرت الصحف الأسبوع الماضي أن ما يزيد على 150 ألف أردني غادروا في إجازة العيد عبر الحدود السورية إلى دمشق وبيروت.

وغني عن القول بأن فنادق العقبة كانت محجوزة بالكامل أي نسبة الإشغال 100%، والشيء نفسه أو أقل قليلاً ينطبق على فنادق البحر الميت مع أن الأسعار في العقبة والبحر الميت عالية وكذلك الأمر في شرم الشيخ وبيروت.

ما استنتجه وربما هناك من يوافقني الرأي بأن الشعب الأردني أصبح "كييفا ويحب السفر، وأيضاً أن هناك مبالغة في الحديث عن الفقر والبطالة".

لا أنكر أن هناك فقرا حقيقيا، وأن هناك جوعى في بعض جيوب الفقر، ولكن علينا أن ندقق في المشهد أكثر وأن نربطه بشكل جذري أكثر مع أنماط الاستهلاك، وأن نسأل أنفسنا بشكل صادق، لو تغيرت أنماط الاستهلاك المتزايدة بين الأردنيين هل ستتراجع نسب الفقر، هذا سيقودنا إلى سؤال آخر لو تغيرت طباعنا و"عنجهيتنا" وتخلينا عن ثقافة العيب، وصرنا نقبل على المهن والحرف التي تركناها للعرب والآسيويين.. هل ستنخفض نسب البطالة وسننتهي من هذه الظاهرة؟!

سأعرض عليكم أرقاماً طريفة قرأتها تكشف عن مفارقات لا يجوز أن نصمت عليها.

الحقيقة الأولى تقول بأن الأردنيين أنفقوا على السفر إلى الخارج عام 2007 ما يقارب 883 مليون دولار، وهي إحصائية صادرة عن البنك المركزي، مقابل 837 مليون دولار للعام الذي سبقه بزيادة 5.3%.

والحقيقة الثانية، وهي الأسوأ، بأن الأردنيين ينفقون على التبغ والسجائر 915 مليون دولار، وأن أعداد المدخنين تصل إلى أكثر من 30%، هذا عدا عن مدخني الأرجيلة.

المصيبة أن نسبة التدخين السلبي عند الأطفال بلغت 60%، وأن هناك 30% من الأطفال بين سن 13 ـ 15 سنة يدخنون في الأردن.

وحقيقة ثالثة تقول بأن العمالة الوافدة تستنزف بليون دولار سنوياً، فهناك ما يزيد على 50 ألف "خادمة" في المنازل، وهذا رقم متواضع، ولا توجد أرقام مؤكدة لعدد حراس العمارات وإن ذكرت بعض الصحف بأن عددهم يزيد على 6 آلاف، وأنا أعتقد أنهم أضعاف ذلك بكثير، هذا عدا عن العمال المصريين الذين يعملون في الزراعة والكراجات ومحطات البنزين والبناء وكل شيء تقريباً ويصل عددهم نصف مليون.

والأدهى من ذلك، هناك أكثر من 5.6 مليون مشترك بالموبايل كانت إيراداتهم لسوق الاتصالات العام الماضي 934 مليون دولار. هل نصدق بأن الأردنيين أنفقوا 70 مليونا على شراء أجهزة خليوية جديدة خلال الستة أشهر الماضية؟!

هل نبكي أم نضحك حين نعلم بأن أكثر من 750 ألف دينار كانت كلفة رسائل المسج "معايدات" بين الأردنيين قبل حلول شهر رمضان المبارك، ولم نعلم كم دفعوا تهاني العيد؟!

الإحصائيات الرسمية تقول إن نسبة الفقراء في الأردن 14%، وبحسب تقرير لمنظمة الأغذية العالمية يكشف النقاب عن 60 ألف أسرة وصلت حد الجوع.

وفي الاتجاه ذاته دائرة الإحصاءات العامة، وفيها تقرير جديد جداً، يظهر بأن معدل البطالة 14% منهم 10.7% ذكورا، و28% إناثا.

لا أحد يستطيع أن ينكر أن لدينا فقراً وأن مواردنا محدودة جداً، وأن زمن إعالة الحكومة للناس قد ولى إلى غير رجعة.

لكن بحسبة بسيطة جداً، فإن ما يقارب 4 بلايين يضيعها الأردنيون سنوياً على السجائر والسفر والموبايل والأخيرة تعطى للعمالة الوافدة؟!

لا أذيع سراً حين تزور قرى نائية وفقيرة ومخيمات فتجد شباباً عاطلين عن العمل يحملون موبايلات آخر موديل، ويدخنون كل يوم أكثر من علبة سجائر، أو يدخنون الأرجيلة في المقهى!

هل يقبل الأردنيون أن يعملوا حراساً للعمارات علماً بأن دخل الحارس لا يقل عن 200 دينار مع سكن ومدفوعة عنه الكهرباء والماء!

نحتاج أن نكون صادقين مع أنفسنا، فلا نخدعها، ونظل نشكو الطفر وضيق الحال ونحن لا ندقق في مسيرة حياتنا اليومية، فنحن لسنا دولة بترولية وعلينا أن نفيق من سباتنا!

أخشى أن أصل بعد كل هذه الحقائق المؤلمة للقول.. هل الفقر والبطالة "كذبة" في الأردن؟!